عاجل

التكنولوجيا والنمو - زاجل الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

د. لويس حبيقة*

تغيَّرت ركائز النمو كثيراً، خاصة منذ 2019، حيث أصبحت للمعرفة أهمية أكبر، فباتت في قلب عمليات النمو، حيث لم يحصل «التغيير الخلاق» من دون مساعدة، أي دعم حكومي وحماية للملكية الفكرية تشجيعاً للمخترعين والمتفوقين. يمكن وصف قوة «التغيير الخلاق»، بالقدرة على تطوير الرأسمالية وإنتاج اقتصادات تؤدي إلى الازدهار، من فوائد التغيير الإيجابي الخلاق والإبداعي تحقيق عمليات نمو نوعية وبالتالي إنقاذ الرأسمالية من الرأسماليين، الهدف فوز «الجديد» على «القديم» المرتكز على الجشع والكسل وبالتالي تعميم النمو والثروات.
لم يعد تحقيق النمو سهلاً، في 2025 كما في الماضي، حيث كان مرتكزاً على تحريك عوامل الإنتاج الكلاسيكية أي العمل، رأس المال، الطاقة والمواد الأولية. أما اليوم، أصبح العامل الأهم في الإنتاج هو التكنولوجيا بجوانبها وأقسامها المختلفة من ذكاء اصطناعي وغيره، بالاشتراك مع العوامل الأربعة الأخرى، فقد اعترفت مؤسسة جائزة نوبل السنة الماضية بأهمية التكنولوجيا، إذ وزَّعت الجوائز لمكتشفي ومطوري التكامل بين التكنولوجيا والاقتصاد التقليدي.
تقوم التحديات الصعبة على معرفة كيف يستفيد المجتمع من التكنولوجيا في سبيل النمو وربما أيضاً لتحقيق التنمية، لا يمكن استبدال الإنسان بالآلات، بل يجب معرفة كيفية رفع إنتاجية العامل والموظف، عبر استعماله الأفضل والأذكى للتكنولوجيا الحديثة الفاعلة، لم يعطِ النظام الرأسمالي النتائج الجيدة التي انتظرناها وقد بيَّنت ذلك فترة كورونا، التي لم تكن لتحصل لو عملت الرأسمالية بالطريقة الفضلى، خلال العقود الماضية، أنه لا يكمن الحل في نظرنا باستبدال النظام الرأسمالي بآخر، بل بتطوير القواعد التي يحتاج إليها وأهمها الإبداع والتجدد المتواصل والدائم.
التكنولوجيا الخلاقة هي التي تسمح للمخترعين باستبدال السلع الموجودة بأخرى جديدة إنتاجيتها ونوعيتها أعلى، مما يرفع المستوى المعيشي، بدأ التفكير مجتمعياً بأهمية التكنولوجيا الخلاقة، خلال فترة كورونا، أي عملياً في 2019، حيث دُمِّرت وظائف عدة وتغيرت مواقع الإنتاج ووسائل الاتصالات اعتماداً على التكنولوجيا الجديدة، خلال 2019 حصلت إفلاسات عدة لعدم قدرة تلك الشركات على تغيير طرق أعمالها ووسائل إدارتها للإنتاج. في نفس الوقت، هنالك من استفاد من الأوضاع لإنتاج سلع جديدة معتمدة على تكنولوجيات خلاقة وطرق إدارة فاعلة، من نتائج الصدمات الاجتماعية الجديدة التخلص من سلع، وربما خدمات لم تعد مناسبة لظروفنا الاقتصادية الحالية وخلق أخرى جديدة تخدم المجتمع أكثر.
مصائب مكلفة تنتج أحياناً أفكاراً جديدة وهذا هو حال كورونا، التي أسهمت -بالرغم من قساوتها وأضرارها- في توعية المجتمعات على ضرورة التغيير.
كان الجو الدولي السائد يرتكز على أن النظام الرأسمالي، بسبب العولمة والاحتكار وتوسع فجوة الدخل وإهمال الفقراء وارتفاع البطالة، لم يعطِ النتائج المنتظرة بل ربما لم يعد صالحاً لضمان الاستقرار الاجتماعي. شاء «التغيير الخلاق» لينقذ الرأسمالية ويطورها ويحسنها، حيث تم الاعتماد أكثر على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والعديد من النظريات والعلوم الحديثة.
هنالك ضرورة لهذا التغيير، علماً بأنه حصل في العديد من الحالات من دون تأثيرات مجتمعية سلبية كبرى في البطالة والصحة والسعادة.
* كاتب اقتصادي لبناني
[email protected]

0 تعليق