كتب محمد الجمل:
يتواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لليوم الـ 430 على التوالي، ويستمر الاحتلال في مذابحه وجرائمه دون توقف، ويتصاعد الهجوم على مستشفيات الشمال.
"الأيام"، تنقل مشاهد جديدة من قلب العدوان والحصار على قطاع غزة، أبرزها مشهد بعنوان "مجزرة الطحين في رفح"، ومشهد آخر يرصد احتدام المعارك في حي الجنينة برفح، ومشهد ثالث يُوثق ارتكاب الاحتلال فظائع وجرائم في مستشفيات شمال القطاع.
مجزرة الطحين في رفح
ارتكبت قوات الاحتلال مجزرة جديدة مُروعة في رفح، استهدفت حشوداً من المواطنين، ممن كانوا يبحثون عن الطحين، لإطعام عائلاتهم الجائعة.
ودفع الجوع والحاجة للطحين عدداً كبيراً من المواطنين للمجازفة بحياتهم، ودخول مدينة رفح، من أجل جلب الطحين المتواجد في مخازن قديمة، تركها القائمون عليها مع بدء العمليات العسكرية على رفح.
وفي تفاصيل المجزرة، أكدت مصادر محلية أن عشرات المواطنين وصولوا إلى مخزن لتوزيع الطحين، ممتلئ بالشوالات، ويقع في بلدة خربة العدس، كان القائمون عليه اضطروا لتركه بعد صدور أوامر إخلاء لمدينة رفح، قبل نحو 7 شهور.
وخلال تجمهر المواطنين، ووجود مركبات ودراجات نارية أمام المخزن، حيث كان الجميع ينقلون الطحين، جرى قصف المكان من الطائرات المُسيرة، والمدفعية، بشكل عنيف، وبغارات متتابعة، ما تسبب بسقوط عشرات الشهداء والجرحى، وحين حاول الناجون الهرب باتجاه شمال بلدة خربة العدس، لاحقتهم مركبات ومدرعات إسرائيلية، وأطلقت النار عليهم، بالتزامن مع إسقاط طائرات مُسيرة "كواد كابتر"، قنابل باتجاههم، ما تسبب بسقوط المزيد من الشهداء والجرحى.
كما جرى قصف تجمع آخر للمواطنين، أمام مخزن يحوي بعض المساعدات، في حي الجنينة، ما تسبب بسقوط عدد غير معروف من الضحايا.
وأفاد ناجون بأن دماء وأشلاء الضحايا اختلطت مع الطحين، في مشهد مروع، لا يقل قسوة عما سبقه من مشاهد المجازر السابقة.
وبقي عدد كبير من الشهداء في شوارع حي الجنينة، وخربة العدس، لم يتم انتشالهم بعد.
وقدرت بعص المصادر عدد شهداء المجزرة المذكورة، بأكثر من 30 شهيدا، دون وجود رقم دقيق، بسبب عدم تمكن فرق الإنقاذ من انتشال الضحايا، ومعظم الضحايا من عائلات: النحال، وبربخ، وقشطة، وغيرها.
احتدام المعارك في رفح
شهدت الأيام العشرة الماضية تصاعداً كبيراً في الاشتباكات داخل مدينة رفح، على الرغم من مرور أكثر من 215 يوماً على احتلال المدينة، وتدمير أكثر من 75% من مبانيها وبنيتها التحتية.
وكان حي الجنينة شرق رفح، وتحديداً شارع الجامعة، ومنطقة برج عوض، وشارع صدام، مسرحاً لأعنف المواجهات والاشتباكات، إذ تعرضت قوات الاحتلال لعدة كمائن في تلك المناطق، وفق ما صدر عن فصائل المقاومة من بيانات وبلاغات.
كما نشرت كتائب القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس، أكثر من مقطع فيديو، يُظهر مهاجمة مقاومين لآليات الاحتلال، في المناطق المذكورة، من خلال إطلاق قذائف صاروخية، وتنفيذ عمليات قنص، وكذلك استهداف مبانٍ يتحصن فيها جنود.
ووفق مصادر محلية وشهود عيان، فإن الاحتلال بدأ بتدمير واسع للحي، وهدم مئات المنازل، ونسف عمارات، وقصف بنايات بواسطة الطائرات، في محاولة للقضاء على المقاومة في حي الجنينة، لكن حتى الساعات الماضية، لا تزال المواجهات المُسلحة العنيفة تدور داخل رفح.
وقال المواطن محمود الطويل، وهو نازح من مدينة رفح، ويُقيم في منطقة جنوب محافظة خان يونس، إنه يُلاحظ أنه وبعد فترة من تراجع الاشتباكات في رفح، عادت المقاومة تضرب وتنصب الكمائن، ويومياً يشاهد من موقعه طائرات إنقاذ إسرائيلية تهبط داخل رفح، يسبق ذلك إطلاق قذائف دخانية، وهذا عادة يحدث عند إصابة أو مقتل جنود إسرائيليين.
وأشار الطويل، إلى أن ما يحدث في رفح يُثبت أن الاحتلال لم يُسيطر على المدينة حتى الآن، ولم يستطع إنهاء المقاومة فيها، وأنه مهما دمر وهدم سيواجه مقاومة لا تتوقف.
بينما أكد مواطنون، أنه ومنذ احتدام المعارك في رفح مؤخراً، والاحتلال بات يُكثف الغارات وعمليات النسف، وكذلك القصف المدفعي، ويستهدف أغلب من يحاولون دخول رفح، وهناك عدد كبير من الشهداء يسقط يومياً، بعضهم لا يتم انتشاله.
كما وسع الاحتلال من عملية الإطباق والحصار الجوي لرفح، من خلال زيادة عدد الطائرات التي تُحلق في أجواء المدينة، والمُسيرة، أو طائرات "كواد كابتر"، التي تحلق فوق جميع المناطق، وعلى مدار الساعة، وتُحكم قبضتها على مداخل رفح الشمالية، حيث يُحاول المواطنون الدخول إلى المدينة من خلالها.
الاحتلال يرتكب فظائع في مستشفيات شمال القطاع
لا تزال قوات الاحتلال تواصل حصارها وهجومها على مستشفى كمال عدوان شمال القطاع، وارتكبت جرائم مُروعة بحق الأطقم الطبية، والمرضى، ودمرت ولا تزال تدمر مرافق المستشفى، خاصة الحيوية منها.
ووفق مدير المستشفى الدكتور حسام أبو صفية، فإن الهجوم الأخير على المستشفى كان بأكثر من 100 قذيفة وقنبلة، استهدفت مباني المستشفى، وتسببت بأضرار جسيمة، موضحاً أن أحد مباني المستشفى بدون كهرباء أو أكسجين أو ماء، وسط استمرار القصف في المنطقة المحيطة، ما يحول دون إجراء الإصلاحات على شبكات الأكسجين والكهرباء والماء.
وأكد أبو صفية أن ثمة مرضى في وحدة العناية المركزة، وهناك آخرون ينتظرون إجراء العمليات، ولا يمكن الوصول إلى غرف العمليات إلا بعد تأمين الكهرباء والأكسجين.
ولفت أبو صفية إلى أنه يتواجد في المستشفى حاليا 112 مصاباً، بما في ذلك 6 في العناية المركزة، و14 طفلا، وهناك مرضى في غرفة الطوارئ بسبب القصف، وهم في انتظار الدخول للأقسام الممتلئة.
وقال أبو صفية، "لا ندرك ما ينتظرنا وما يريده جيش الاحتلال من المستشفى، وقد دعونا العالم لحماية النظام الصحي وعامليه، ومع ذلك لم نتلق أي استجابة من أي جهة، ما يُمثل كارثة إنسانية تحدث ضد العاملين في مجال الصحة والمرضى".
في حين تعرض المستشفى الإندونيسي شمال القطاع، لقصف وإطلاق نار إسرائيلي مُكثف، ما تسبب بإصابة 6 من المرضى المنومين في المستشفى، أحدهم وصفت جراحه بالحرجة.
ولم يكتفِ الاحتلال باستهداف مستشفيات الشمال، إذ لاحق الأطباء والممرضين العاملين في المستشفيات، وقتلهم وعائلاتهم، فقد استشهد، أول من أمس، الطبيب ناصف أبو العمرين وزوجته وأطفاله، جراء قصف الاحتلال منزله بمحيط مستشفى كمال عدوان في بلدة بيت لاهيا، شمال القطاع.
كما استشهد المُسعف في الخدمات الطبية، علي القرعة، بقصف إسرائيلي استهدفه، قرب مستشفى العودة في شمال قطاع غزة.
في حين استنكر مركز حماية لحقوق الإنسان الهجوم الإسرائيلي الجديد على مشفى كمال عدوان، والمستمر منذ يومين، وقد أكد المركز أن الجيش الإسرائيلي أمطر المشفى وأقسامه ومرافقه بعشرات القذائف، ما أسفر عن اشتعال النيران فيها، وتدمير بعضها الآخر، وبما يشكل خطراً داهماً على المرضى والعاملين داخل المشفى.
وأكد المركز أن هذا الهجوم يُعد تكراراً لنهج جيش الاحتلال تجاه مشافي قطاع غزة، والتي لم تسلم جميعها من الحصار والاقتحام والتدمير والتخريب، واعتقال المرضى والعاملين، والتسبب بخروجها عن الخدمة مراراً.
وأكد المركز أن الهجوم الإسرائيلي يمثل انتهاكاً جسيماً للقانون الإنساني الدولي، واتفاقيات جنيف، مستهجناً الدور المتراخي للمجتمع الدولي ومنظومته الأممية والدولية في حماية مشافي قطاع غزة، لا سيما منظمة الصحة العالمية، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، والدول السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف.
0 تعليق