"الأيام" ترصد مشاهد من "الليلة الدامية" في مواصي خان يونس - زاجل الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

 

كتب محمد الجمل:


شهدت مناطق النزوح في مواصي خان يونس، جنوب قطاع غزة، واحدة من أسوأ الليالي منذ بداية الحرب "وصفها البعض بـ"الليلة الدامية"، بعد إفشال الاحتلال وبشكل مُتعمد، جهود حماية قوافل المُساعدات، وتسهيل عمليات سرقتها، بعد قتل وإصابة العشرات من عناصر التأمين.
"الأيام" نقلت مشاهد تروي تفاصيل الليلة الدامية، وصناعة الفوضى بشكل مُتعمد من قبل الاحتلال، إذ نقلت مشهداً يُوثق تفاصيل تلك الليلة، ومشهداً آخر تحت عنوان "كيف يصنع الاحتلال الفوضى في قطاع غزة؟"، ومشهدا ثالثا يرصد حالة الغضب والاستياء بين جموع النازحين، بعد سرقة قوافل المُساعدات.

 

تفاصيل الليلة الدامية
كانت مواصي خان يونس على موعد مع "ليلة دامية"، شهدت سقوط عشرات الضحايا من عناصر تأمين المساعدات، ممن كانوا يحاولون تأمين قافلة كبيرة من المساعدات الغذائية، التي كانت مُوجهة للنازحين الفقراء.
فعند بدء تجمع عناصر تأمين المساعدات في مجموعات صغيرة، بهدف تأمين دخول المساعدات من خلال محور صلاح الدين "محور فيلادلفيا"، باتجاه طريق الرشيد الساحلي، بدأت طائرات الاستطلاع تحوم في الأجواء، ثم بدأت بتنفيذ سلسلة غارات مُنفصلة، باستهداف مجموعات التأمين، والأخيرة مُكونة من عناصر شرطة، وفرق محلية من مُتطوعين، بهدف تأمين وصول المساعدات.
وتسببت الاستهدافات في سقوط عشرات الشهداء والجرحى، حيث كان الشهداء على الأرض، والمصابون يصرخون، ويستغيثون.
وقال المواطن عمر هاشم، إنه استفاق على صوت انفجار قوي، وسمع بعده صراخاً، وحين توجه إلى المكان شاهد العشرات من الضحايا على الأرض، وكان المواطنون يستغيثون طلباً لسيارات الإسعاف.
وأكد هاشم أن الاحتلال أطلق باتجاه عناصر التأمين صاروخاً كبيراً، أدى الى سقوط الضحايا في دائرة كبيرة، فحتى المواطنون في الخيام أصيبوا واستشهدوا.
وأشار إلى أنه وبينما الجميع ينقلون الضحايا من موقع الاستهداف قرب مستشفى الصليب الأحمر، حدث استهداف آخر، ربما يكون أكثر دموية من سابقه، وتساقط الشهداء والجرحى.
بينما ذكر شهود عيان أن طائرات الاستطلاع المُحملة بالصواريخ كانت تُحلّق على ارتفاعات منخفضة، ويتركز تحليقها فوق شارع الرشيد، ومنطقة المواصي، ما يؤكد أن هناك نية لقتل عناصر التأمين.
ولفت الشهود إلى أن الاحتلال ارتكب مجازر مروعة بحق عناصر التأمين، وجعل ليل خان يونس مُلطخاً بدماء الشبان، الذين حاولوا إيصال المساعدات إلى مستحقيها.
وأكد أكثر من مصدر طبي في مستشفيات ميدانية بمنطقة مواصي خان يونس، أن أكثر من 60 شهيداً ومصاباً وصلوا إلى المستشفيات خلال ساعات معدودة.
وأوضح أطباء أن الإصابات كانت خطيرة، وبعض الشهداء كانوا أشلاء، والوضع داخل المستشفيات كان كارثياً، خاصة مع استمرار وصول المصابين والشهداء لعدة ساعات.

 

كيف يصنع الاحتلال الفوضى
شكّلت "الليلة الدامية"، التي شهدتها مناطق المواصي في محافظة خان يونس، دليلاً آخر على كيفية صنع الاحتلال للفوضى بشكل متعمد في قطاع غزة، ورغبته في تغييب أي تنظيم لوصول وتوزيع المُساعدات الإنسانية، ما يؤكد أنه يسعى لاستمرار المجاعة في مناطق جنوب القطاع.
فلم يرق للاحتلال نجاح فرق التأمين بإيصال أكثر من 100 شاحنة تابعة لوكالة الغوث "الأونروا" إلى المخازن، وتسريع عمليات توزيع الطحين على الأسر المحتاجة في الأيام الماضية، إذ عمل الاحتلال على إفشال محاولات تأمين القافلة الجديدة، التي تحركت فجر أمس، بل وإشاعة أجواء من الفوضى، تُساعد على سرقتها.
وبدأت فصول صناعة الفوضى باستهداف مباشر لمجموعتين من عناصر التأمين، تسبب بسقوط شهداء وجرحى، ثم تبع ذلك بتسيير عدد كبير من الطائرات المُسيّرة، بنوعيها "حاملة الصواريخ"، و"كواد كابتر"، والأخيرة تحمل رشاشات وقنابل، ما أجبر الناجين من عناصر التأمين على التراجع، والانسحاب، وبالتالي السماح للعصابات واللصوص بالتحرك، وإيقاف الشاحنات وسرقتها.
وقال شهود عيان إن اللصوص انتشروا على طول شارع الرشيد، ووضعوا سواتر وموانع أمام الشاحنات، ما أجبرها على التوقف، حيث تمت سرقة المساعدات، تحت منظور الطائرات التي كانت تحلق في الأجواء، دون أن يتم اعتراض اللصوص، بل كان يتم استهداف أي عنصر من الشرطة، أو مجموعات التأمين التي كانت تُحاول الوصول إلى مواقع سرقة الشاحنات.
وأشار مواطنون إلى أن الفوضى عمت مناطق المواصي بشكل غير مسبوق، وكان اللصوص يُنزلون المساعدات على الطريق، ويقومون بالاستيلاء عليها، ثم سرقتها.
وأكد المواطن علي عبد الرحمن، أن اللصوص كانوا بأعداد كبيرة، وبعضهم كانوا يحثون المواطنين على السرقة من أجل التغطية على سرقاتهم الكبيرة، ووصل الأمر في بعضهم إلى ملء عربات "كارو"، ودراجات "توك توك"، ونقلها إلى مناطق أخرى.
ونوّه عبد الرحمن إلى أن المُساعدات التي سرقت، وكانت عبارة عن أكياس طحين، وسلال غذائية، وكميات من المُكمل الغذائي المخصص للأطفال، والذي يقيهم من مشاكل سوء التغذية، جرى بيعها في الشوارع، وعلى الأرصفة بأسعار عالية، وقد وصل ثمن كيس الطحين الذي يبيعه اللصوص إلى 600 شيكل، وأحياناً أكثر.
وبيّن عبد الرحمن أنه وثق بأن الاحتلال هدفه نشر الفوضى، وعدم حدوث أية عمليات تنظيم في أي قطاع من القطاعات، إذ باتت صناعة الفوضى في غزة، من أهداف الحرب الإسرائيلية المُستمرة.

 

استياء في صفوف المواطنين
سادت حالة من الغضب والاستياء بين المواطنين في مناطق جنوب ووسط قطاع غزة، بعد سرقة عشرات الشاحنات التي تحمل مُساعدات غذائية مخصصة للنازحين.
وأعرب مواطنون عن حزنهم وغضبهم بعد سرقة تلك المساعدات، التي كان من المفترض أن يتم تسليمها للفقراء ممن يفتقدون الطحين والمواد الغذائية.
وقال المواطن محمود بكر، إن أطفاله لم يتذوقوا طعم الخبز منذ 20 يوماً، وكانوا ينتظرون دورهم لتسلم كيس طحين عبر "الأونروا"، علماً أن عدد أفراد أسرته 6، وقد فرح حين تم تأمين وصول القافلة السابقة من المساعدات، وجرى تسريع عمليات التسليم، إذ وصل إلى تسليم الأسر المكونة من 8 أفراد، وكان يأمل بنجاح تأمين القافلة الأخيرة، التي تضم كميات كبيرة من الطحين، ما يعني انتقال عمليات التسليم للأسر الأقل عدداً، لكن ما حدث كان صادماً ومُحزناً، إذ جرى سرقة القافلة بالكامل، وبيع محتوياتها في الأسواق، وعلى الأرصفة بأسعار عالية جداً، لا يمكنه شراؤها.
وأوضح أن أكثر ما هو مُحزن أن يرى المُساعدات التي كان من المُفترض أن يتسلمها وغيره من المواطنين، تُباع بأسعار عالية، لا يمكن لغالبية الناس شراؤها.
في حين قال المواطن محمد الملاحي، إن ما حدث يؤكد ضرورة أن تُنفذ جهات الاختصاص إجراءات رادعة وفورية بحق اللصوص، من أجل منع تكرار مثل هذه الظواهر، فلا يُعقل أن يتخلص الناس من سطوة عصابات اللصوص على شارع صلاح الدين، بعد تحويل خط سير المساعدات من خلال محور "فيلادلفيا"، ليحل مكانها لصوص لا يسمحون لأي شاحنة بالعبور، مُستعينين بالاحتلال، الذي يساعدهم في مهمتهم، ويقتل عناصر التأمين.
وأشار إلى أنه يجب مداهمة الأسواق، وجمع ما تم سرقته، وإعادة تسليمه لوكالة الغوث الدولية "الأونروا"، ومن ثم التعامل ميدانياً مع اللصوص، ليكونوا عبرة لغيرهم.
بينما طالب مواطنون بتشكيل مجموعات حماية أهلية، من سكان الخيام المُنتشرة على طول شارع الرشيد، بحيث يتولى شباب كل مخيم تأمين مرور الشاحنات من أمام مخيمهم، ويُسلم كل مخيم الراية لمن بعده من مجموعات أهلية، حتى تصل تلك المساعدات إلى مستحقيها.
ومنذ تحويل طريق دخول المُساعدات من شارع صلاح الدين إلى "محور فيلادلفيا"، قبل نحو 10 أيام، دخلت 3 قوافل مساعدات، الأولى سُرقت جزئياً، والثانية جرى تأمينها بشكل كامل، ولم يستطع اللصوص سرقتها، بعد انتشار عناصر التأمين، والثالثة جرى سرقتها بشكل كامل.

 

0 تعليق