كتب يوسف الشايب:
فاز الفيلم الفلسطيني "الحياة حلوة" للمخرج الفلسطيني محمد الجبالي، بجائزة "ريشة كرامة" كأفضل فيلم وثائقي طويل، حسب ما أعلنت لجنة التحكيم الخاصة بالجائزة، في اختتام فعاليات مهرجان "كرامة/ سينما الإنسان" بدورته الخامسة عشرة، وحمل شعار "العدالة لشعوب الجنوب"، وتنظمه مؤسسة "معمل 612"، في المركز الثقافي الملكي بالعاصمة الأردنية عمّان، مساء أول من أمس.
وبرّرت لجنة تحكيم الجائزة منح الفيلم الفلسطيني "ريشة كرامة" بالإجماع، لصاحبه ابن غزة المقيم في النرويج، لكونه "فيلماً متماسكاً على المستوى الفني والشكلاني ويعكس رؤية إخراجية ناضجة ولافتة وعميقة لصاحبها، فحتى التقشف النسبي في السينوغرافيا جاء متوائماً وموظفاً بشكل واعٍ مع المضمون الذي لا يقتصر على تتبع حكاية قد تبدو شخصية، لكنها في حقيقة الأمر تنسحب على حكايات وحيوات الكثيرين حول العالم ممن حرموا من العودة إلى ديارهم، أو أجبروا على الرحيل عنها، علاوة على ما ميّزه من تركيب مغاير من حيث التجنيس، فعلى الرغم من كونه فيلماً وثائقياً إلا أنه كان مليئاً بالدراما من حيث الحبكة، وعليه حمل في دواخله روح الفيلم الروائي دون أن يمس أو يخدش الشكل التسجيلي للفيلم .. إنه فيلم إنساني بامتياز، وذكي وخلّاق وفيه من العناصر الكثير التي جعلته الفيلم الفائز بإجماع لجنة التحكيم".
وعبّر الجبالي، في تسجيل مُصوّر، عن فخره بحصول فيلمه "الحياة حلوة: رسالة إلى غزة" على أول جائزة في مهرجان سينمائي عربي، وخاصة في ظل الظروف المأساوية التي يعيشها أبناء شعبي في فلسطين، وخاصة في قطاع غزة، ومن بينهم أسرتي الصغيرة، في حرب إبادة جماعية وصلت إلى يومها الـ 433 مساء الإعلان عن الجائزة، فقدت فيها الكثير من أقربائي وأصدقائي وزملائي من الفنانين، كما الصحافيين الذين اغتالت منهم سلطات الاحتلال 193 آخرهم إيمان الشنطي، معرباً عن أمله في تقديم المزيد من الأفلام التي تنقل بشكل مباشر أو غير مباشر حكايات من وعن غزة وفلسطين، بحيث يكون قد تم وقف العدوان.
ويتتبع الفيلم سبع سنوات من حياة المخرج الفلسطيني، بما يشبه اليوميات، فيصور لحظات انفصاله عن عائلته في غزة، والدعم الذي تلقاه من عائلته البديلة في مدينة ترومسو النرويجية، ونضالاته في تقديم طلب للحصول على تأشيرة في النرويج كشخص عديم الجنسية، وصناعة فيلمه الوثائقي الأول "الإسعاف"، الذي يستعرض تجربته كمتطوع في وحدة الإسعاف خلال العدوان الإسرائيلي على غزة 2014.
وحصل الفيلم الفلسطيني "حالة عشق: غسّان أبو ستة" للمخرجتين كارول منصور ومنى الخالدي، وكان خارج نطاق المسابقات الرسمية لمهرجان كرامة للعام 2024، على جائزة الجمهور.
ويتمحور الفيلم حول الجرّاح الفلسطيني البريطاني غسان أبو ستة، الأستاذ المشارك في علم الجراحة، واشتهر عالمياً، خلال حرب الإبادة المتواصلة على قطاع غزة، منذ أكثر من 14 شهراً، بحيث تقترب أحداثه أكثر من الرجل صاحب أشهر الخطابات من أمام مستشفى المعمداني بعد المجزرة التي وقعت هناك في 17 تشرين الأول 2023، متوزعاً على المستوى التسجيلي ما بين حياة أبو ستة خلال الفترة التي قضاها في غزة، إبّان حرب الإبادة المتواصلة، وحياته كأب، وعلاقته مع أبنائه وأفراد أسرته.
وفاز الفيلم الوثائقي "ذاكرتي مليئة بالأشباح" للمخرج الفلسطيني المقيم في سورية أنس زواهري بجائزة شبكة أنهار لأفضل فيلم حقوقي، في حين حصل الفيلم الفلسطيني "غزة: صوت الحياة والموت"، وكان فيلم اختتام المهرجان، للمخرج حسام أبو دان، ومن إنتاج منصة "الجزيرة 360"، على تنويه خاص في الإطار ذاته.
ويسلط فيلم "غزة: صوت الحياة والموت"، على فكرة الصوت كعمل توثيقي من خلال تسليط الضوء على يوميات تقني الصوتيات محمد ياغي خلال حرب الإبادة المتواصلة، وتحوّلات الأصوات كما الحيوات في غزة ما بعد الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بما يفوق الوصف ليل نهار، مشكلاً وثيقة سينمائية بصرية غاية في الأهمية، تقدم مقاربة مغايرة وبتقنيات عالية الجودة حول يوميات الإبادة، عبر أنسنتها، وإصرار أهل القطاع على المقاومة بشتى الطرق، ولو عبر فيلم أنجز خلال الحرب، وتمت عمليات المونتاج الخاصة به من داخل خيمة في أحد مخيمات اللجوء، حيث المخرج والمصور ومعد الصوت، الذي هو شخصية الفيلم التي عبرها ينقل أصواتاً لعلنا لا نسمع الكثير منها في غزة هذه الأيام.
وحصل الفيلم الإيراني "قبل الجنة" للمخرج أحمد حيدران على جائزة "ريشة كرامة" لأفضل فيلم قصير، فيما نوهت لجنة التحكيم لفيلمي "أصم" للمخرج روي عريضة من لبنان، و"عذر أجمل من ذنب" للمخرج هاشم شرف من البحرين، بينما نوهت لجنة تحكيم جائزة "ريشة كرامة" لأفضل فيلم وثائقي طويل لفيلم "رحنا وما رحنا" للمخرجة لولوى خوري من لبنان.
وكانت المخرجة سوسن دروزة، مديرة "كرامة/ سينما الإنسان"، أشارت في كلمتها الافتتاحية ليوم الختام، إلى أن المهرجان في دورته الخامسة عشرة شكل نافذة بقيت مفتوحة على الأفلام الفلسطينية، التي تسلط الضوء على ما يحدث في فلسطين، وخاصة في قطاع غزة، حيث "الانتهاكات الواضحة لحقوق الإنسان، وأمام أعين العالم".
0 تعليق