كتب محمد الجمل:
أنهى العدوان الإسرائيلي المُستمر على قطاع غزة، أمس، يومه الـ452 على التوالي، مع تواصل جرائم الاحتلال، وتكثيف الهجمات على مستشفيات مدينة غزة، بينما وصلت المعاناة إلى ذروتها جراء غرق خيام النازحين في مناطق جنوب القطاع.
"الأيام" واصلت نقل مشاهد حية من قلب العدوان، منها مشهد يرصد غرق آلاف خيام النازحين، ومشهد آخر تحت عنوان: "الجو العاصف يفرض حظراً مؤقتاً للطيران"، ومشهد ثالث يوثق استهداف الاحتلال للمستشفيات في مدينة غزة.
غرق آلاف الخيام
رغم الاستعدادات المُكثفة التي قام بها النازحون قبل دخول المنخفض الجوي الحالي، إلا أن الأمطار الغزيرة التي هطلت فجر ويوم أمس على مناطق جنوب قطاع غزة، تسببت بغرق آلاف الخيام، خاصة في مناطق مواصي خان يونس، وبلدة الزوايدة، وغرب مدينة دير البلح، إضافة إلى حالات غرق أوسع في مدينة غزة.
وتزايدت حالات الغرق خلال ساعات فجر وصباح أمس، مع اشتداد الأمطار، وتشكّل سيول في المناطق المنخفضة، وهبوب رياح قوية، وأدى ذلك إلى سقوط خيام على أصحابها بسبب المياه.
وقال المواطن أنس عبد الرؤوف، إن خيمتهم المكسوة بقطع من القماش، وبعض النايلون، تشبعت بالمياه، وأصبح وزن قطع القماش مضاعفاً، ما تسبب بكسر الدعامات الخشبية وانهيار الخيمة عليهم.
وأكد أنهم اضطروا إلى مغادرة الخيمة في جنح الظلام، وراحوا يبحثون عن مكان يؤويهم، حتى شاهدهم رجل، وآوى الأطفال والنساء في خيمته، بينما بقي هو ووالده بالقرب من الخيمة، محاولين إصلاحها، للعودة للإقامة فيها بأقصى سرعة ممكنة.
وأوضح أن المشهد في منطقة المواصي كان صعباً وقاسياً، فمئات العائلات باتت في العراء، وقضى نازحون آخرون ساعات محاولين إصلاح خيامهم، والمواطنون يستغيثون لمساعدتهم، واصفاً حال الناس في منطقة المواصي بأنه الأصعب منذ بدء موسم الأمطار الحالي.
وأشار إلى أن الأهالي واصلوا التعاون بينهم لتخفيف تداعيات المنخفض، لكن الوضع كان أصعب من أن تتم السيطرة عليه، لاسيما مع تشكّل سيول في بعض المناطق المنخفضة، أدت إلى إغراق الخيام.
وذكر جهاز الدفاع المدني في قطاع غزة، أنه تلقى مئات اتصالات الاستغاثة، من النازحين الذين غمرت مياه الأمطار خيامهم وأماكن إيوائهم، وهم يناشدون بإنقاذ أطفالهم.
وبيّن "الدفاع المدني" أنه منذ أول من أمس تلقى اتصالات استغاثة كثيرة من نازحين تعرضت خيامهم ومنازلهم المدمرة إلى غمر مياه الأمطار، وأن طواقمه لا تستطيع سوى إخلاء المواطنين من أمكان إيوائهم المتضررة، إلى أماكن أخرى تكون في الأغلب غير صالحة للإيواء، ويبقون في العراء تحت المطر والبرد القارس.
وناشد جميع الجهات والمؤسسات الدولية والإغاثية التداعي لإنقاذ هذه العائلات، ومساعدتها في الانتقال إلى أماكن إيواء مناسبة تقيهم من مياه الأمطار، خاصة النازحين في مخيمات وسط مدينة غزة ومواصي خان يونس ورفح، وغرب دير البلح.
الجو يفرض حظراً للطيران
لوحظ انخفاض كبير في الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة بالتزامن مع الأجواء العاصفة، ما أدى إلى تراجع ملحوظ في أعداد الشهداء والجرحى، مقارنة مع الأيام التي سبقت المنخفض الجوي.
وتسببت الرياح العاتية والأمطار الغزيرة في فرض ما يشبه "حظر طيران قسرياً"، شمل طائرات الاستطلاع بمختلف أنواعها، خاصة الصغيرة "كواد كابتر"، والتي كانت سبباً في سقوط العشرات من الشهداء والجرحى في كل يوم.
فحتى مدينة رفح، التي تشهد انفجارات وتحليق طائرات لا يتوقف، حظيت بفترات من الهدوء استمرت ساعات طويلة، لم تتخللها غارات، عدا القليل من أصوات الانفجارات، الناجمة عن سقوط قذائف مدفعية.
بينما لوحظ تراجع كبير في الغارات الجوية على مناطق شمال قطاع غزة، خاصة الغارات التي تنفذها الطائرات المُسيّرة، ببنما شنت الطائرات الحربية عدداً أقل من الغارات مقارنة بما يحدث في كل يوم.
ويبدو أن الطائرات المُسيّرة، خاصة الصغيرة، لا تستطيع التحليق في الأجواء العاصفة، لذلك لاحظ الجميع اختفاءها تماماً من الأجواء، بالتزامن مع هطول الأمطار.
وأكد المواطن أحمد عدوان الذي يقطن شرق مدينة خان يونس، أن المواطنين في مختلف مناطق القطاع، عاشوا أكثر من 20 ساعة من الهدوء غير المسبوق، بسبب اختفاء طائرات الاستطلاع، التي كانت تُحلّق فوق رؤوسهم طوال الوقت، وتُطلق النار والصواريخ على مختلف المناطق.
وبيّن أنه ورغم الضرر الكبير والمعاناة التي تسببت بها الأمطار، إلا أنه تمنى أن تبقى هذه الأجواء باستمرار، فهي أسهمت في حماية أرواح المواطنين الأبرياء.
ولفت عدوان إلى أن المواطنين خاصة القاطنين شرق محافظة خان يونس، باتوا يحلمون بأن يعم الهدوء في مناطق سكناهم، خاصة أن أحياء وبلدات شرق المحافظة تتعرض لغارات وقصف مدفعي عنيف بشكل يومي، ولا يمر يوم دون سقوط شهداء وجرحى.
في حين قال مواطنون ونازحون بتندّر، إن الطقس منحهم هدنة قصيرة، لم تستطع فرق التفاوض، ولا الدول الوسيطة تحصيلها من الاحتلال طوال الفترات الماضية.
استهداف مستشفيات مدينة غزة
يواصل الاحتلال حملته المكثفة ضد المنظومة الصحية في قطاع غزة عامة، ومحافظتي غزة وشمال القطاع على وجه التحديد.
فبعد حصار ومهاجمة مستشفيات شمال قطاع غزة الثلاثة، واعتقال عدد من الكوادر الطبية، وتدمير مستشفى كمال عدوان، انتقل الاحتلال لاستهداف مستشفيات مدينة غزة، التي تعاني من وضع صعب، وحصار، وخرجت سابقاً عن العمل عدة مرات.
ففي غضون ساعات معدودة، جرى استهداف مستشفى الوفاء بغارة من طائرات الاحتلال، تسببت بسقوط 7 شهداء وعدد من الجرحى، إضافة إلى استهداف المستشفى العربي الأهلي "المعمداني"، بقذيفة مدفعية إسرائيلية.
ووفق وزارة الصحة، فإن جيش الاحتلال يعمل على إخراج جميع مستشفيات شمال قطاع غزة عن الخدمة، بما فيها مستشفيات مدينة غزة، ويُركّز على استهدافها بشتى الوسائل، ومنع وصول الأدوية والوقود إليها.
وأشارت الوزارة إلى أنه وجراء الاستهدافات المتواصلة، يفقد العديد من المرضى والجرحى حياتهم، خاصة في محافظة شمال القطاع، بينما يجري نقل المرضى والجرحى من مستشفى إلى آخر، في محاولة لإنقاذ حياتهم، حيث وصلت مؤخراً دفعة من المرضى والجرحى إلى مجمع ناصر الطبي، بمحافظة خان يونس، بعد نقلهم من مستشفيات شمال القطاع.
وذكر أطباء وعاملون في القطاع الصحي أن مستشفيات شمال القطاع، تعاني من عدة مشكلات، من بينها عدم وجود سعة سريرية، إضافة إلى شح الأدوية، وقلة عدد الأطباء المتخصصين، حيث جرى قتل العديد منهم، واعتقال آخرين، وإجبار البعض على النزوح باتجاه الجنوب.
وأعرب مواطنون عن خشيتهم من أن يكون التركيز على استهداف القطاع الصحي في مدينة غزة، بداية لحملة برية على أحياء المدينة، مُشابهة لما حدث في بلدات شمال القطاع، لاسيما أن جيش الاحتلال أعلن أنه يستعد لتصعيد العمليات العسكرية في القطاع، وأصدر أوامر نزوح جديدة شملت مناطق واسعة شمال غربي مدينة غزة.
وقال المواطن إبراهيم شعبان، وهو نازح من مدينة غزة، ويقيم جنوب القطاع، إن الاحتلال يستعد لغزو مدينة غزة، ليكمل تنفيذ ما تسمى "خطة الجنرالات"، فبعد أن شارف على تفريغ شمال القطاع من السكان، ودمّر معظم المنازل والبنية التحتية هناك، بدأ بنقل ثقل العمليات تدريجياً إلى مدينة غزة، حيث جرى مؤخراً تكثيف الهجمات الجوية على المدينة، وشن غارات مكثفة على مختلف أنحاء المدينة.
0 تعليق