كتب يوسف الشايب:
كان العام 2024 ذهبياً بالنسبة للسينما الفلسطينية، التي حققت إنجازات كبيرة على مستوى الجوائز في المهرجانات السينمائية الدولية العالمية والعربية، وعلى مستوى الحضور اللافت لدى جماهير هذه المهرجانات، ودور العرض العالمية التي استضافت بعضها، علاوة على جمهور منصات البث الرقمي، وانطباعات العديد من النقاد العالميين.
وتوّجت هذه الإنجازات باختيار مشروع الأفلام "من المسافة صفر" ممثلاً لفلسطين، ضمن القائمة الطويلة للمنافسة على جائزة أوسكار أفضل فيلم دولي (غير ناطق بالإنكليزية)، والفيلم الفلسطيني الروائي القصير "برتقالة من يافا"، ضمن القائمة الطويلة لجوائز أوسكار "الفيلم القصير المباشر" للدورة السابعة والتسعين للجوائز المرموقة عالمياً، وفق ما أعلنت أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة، وكان ذلك في لوس أنجليس، مساء السابع عشر من الشهر الأخير للعام 2024، بالتوقيت المحلي لولاية كاليفورنيا.
ويتكون مشروع "من المسافة صفر"، الذي أشرف عليه وأنتجه المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، ورشحته لجنة مستقلة من المختصين - اختارتها وزارة الثقافة الفلسطينية للجائزة - لتمثيل فلسطين، من مجموعة أفلام تضم 22 فيلماً قصيراً صنعها مخرجات ومخرجون من قطاع غزة، خلال حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة منذ ما يزيد على 14 شهراً، بحيث وثقوا خلالها الأحداث داخل القطاع ما بعد السابع من أكتوبر 2023، كما أن جميع الأفلام تمت كتابتها وإخراجها وتصويرها وتحريرها في ظل الظروف المعقدة لحرب الإبادة الإسرائيلية الشاملة على غزة.
وحسب الموقع الرسمي للجائزة فإن خمسة عشر فيلماً تأهلت إلى الجولة التالية من التصويت في فئة الأفلام الدولية من بين أفلام مثلت "85 دولة ومنطقة مؤهلة للمشاركة في هذه الفئة".
وخصص مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في العام 2024، ثلاث جوائز من بين 22 فيلماً شكلت مشروعَ "من المسافة صفر"، ذهبت إلى أفلام: "جلد ناعم" للمخرج خميس مشهراوي، و"يوم دراسي" للمخرج أحمد الدنف، و"خارج التغطية" للمخرج محمد الشريف، الذي سبق أن حصل على جائزة تنويه خاصة في مهرجان "الفيلم المميز" الفرنسي.
أما فيلم "برتقالة من يافا"، فهو من تأليف وإخراج محمد المغني، ومن بطولة الفنان القدير كامل الباشا، والفنان سامر بشارات، وسبق أن فاز بالعديد من الجوائز في مهرجان دولية عربية وعالمية، من بينها الجائزة الدولية الكبرى في مهرجان كليرمان فيرون للأفلام القصيرة، أحد أهم المهرجانات الدولية للأفلام القصيرة في أوروبا والعالم، جائزة "البرج الذهبي" في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، و"النجمة الفضية" في مهرجان الجونة السينمائي الدولي كأفضل فيلم قصير.
وفي مهرجان الجونة السينمائي، كان ثمة حضور لافت للفيلم الفلسطيني "شكراً لأنك تحلم معنا"، وهو الفيلم الروائي الطويل الأول للمخرجة ليلى عباس، بحصوله على جائزة أفضل فيلم عربي طويل.
وحصد فيلم "شكراً لأنك تحلم معنا" بالعديد من الجوائز في مهرجانات دولية عربية وعالمية، من بينها جائزة أفضل فيلم طويل في مسابقة حّكام أجيال 2024، في الدورة الثانية عشرة من مهرجان أجيال السينمائي في الدوحة، وجائزة أفضل فيلم روائي في مهرجان "الديك الذهبي والمئة زهرة" السينمائي في الصين، فيما حازت المخرجة ليلى عباس على جائزة "ألكسندر" الفضية في مهرجان سالونيكي السينمائي باليونان كأفضل مخرجة في مسابقة "قابل الجيران".
وكانت عباس قد كشفت في أكثر من حديث صحافي عن أن إنتاج الفيلم، وهو إنتاج فلسطيني ألماني، استغرق أكثر من ستة أعوام، باعتبار أن "صناعة الأفلام والمنطقة، كما في مناطق أخرى في العالم، عبارة عن رحلة مضنية للغاية، وتتطلب موازنات كبيرة للإنتاج، وفي فلسطين الأمور أكثر تعقيداً، ما يزيد من صعوبات إنجاز فيلم روائي طويل، خاصة أن لا صناديق متخصصة لدعم السينما في فلسطين كما في العديد من الدول العربية".
وحول اختيارها لموضوع "شائك" كالميراث، أشارت عباس إلى أن ثمة العديد من الأسباب وراء ذلك، "منها الشخصي، ومنها الرغبة بتناول قضية تتعلق بحقوق النساء، باعتبار أن التعاطي القانوني تجاه المرأة في فلسطين والعديد من الدول العربية والإسلامية فيه ازدواجية، فهي توازي الرجل في بعض القوانين وخاصة المرتبطة بدفعها للضرائب، أو المرتبطة بالواجبات، وغيرها، وفي قضايا أخرى يتم التعاطي معها بصورة دونية، وهو ما يتطلب إعادة التفكير خاصة في قوانين الأحوال الشخصية والميراث، ومدى مواءمتها وطبيعة العصر الحالي الذي نعيش، وتركيبة الأسرة في أيامنا هذه".
وحصد الفيلم الفلسطيني الروائي القصير "ما بعد" للمخرجة مها حاج، وبطولة الفنان القدير محمد بكري والفنانة عرين عمري، جائزة لجنة التحكيم لأفضل فيلم قصير، بعد عرضه العالمي الأول بالمسابقة الرسمية للأفلام القصيرة لمهرجان لوكارنو السينمائي الدولي العريق، كما فاز بجائزة لجنة التحكيم الشباب المستقلة، منتصب آب 2024.
وقالت المخرجة مها حاج، في تصريحات بعد حصولها على الجائزة: يقع فيلم "ما بعد" على خلفية الصراع الدائم في غزة، وهو رثاء وشهادة على قوة الروح الإنسانية التي لا تُقهر في عالم تحدده المعاناة، بحيث تعد رحلة "سليمان" و"لبنى"، بمثابة تذكير مؤثر بالقوة السحرية والقدرة غير المحدودة للخيال البشري.
وفاز فيلم "ما بعد" بالعديد من الجوائز السينمائية الدولية، من بينها جائزة نجمة الجونة الذهبية لأفضل فيلم قصير، وجائزة أفضل فيلم روائي قصير في مهرجان "منصة الشارقة للأفلام"، وتنظمه مؤسسة الشارقة للفنون.
وحصل الفيلم الوثائقي الفلسطيني "حالة عشق: غسّان أبو ستة" لكارول منصور ومنى الخالدي على جائزة أفضل فيلم وثائقي طويل، وأفضل فيلم عربي، والمركز الثاني في مسابقة الفيلم الفلسطيني في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، كما حصد مؤخراً جائزة الجمهور في مهرجان "كرامة" السينمائي لأفلام حقوق الإنسان بالعاصمة الأردنية عمّان.
ويتمحور الفيلم حول الجرّاح الفلسطيني البريطاني غسان أبو ستة، الأستاذ المشارك في علم الجراحة، واشتهر عالمياً، خلال حرب الإبادة المتواصلة على قطاع غزة، منذ 15 شهراً.
وتقترب أحداث الفيلم الوثائقي أكثر من الرجل صاحب أشهر الخطابات من أمام مستشفى المعمداني بعد المجزرة التي وقعت هناك في 17 تشرين الأول 2023، متوزعاً على المستوى التسجيلي ما بين حياة أبو ستة خلال الفترة التي قضاها في غزة، إبّان حرب الإبادة المتواصلة، وحياته كأب، وعلاقته مع أبنائه.
وفي "كرامة"، ذهبت جائزة أفضل فيلم وثائقي طويل للفيلم الفلسطيني "الحياة حلوة" للمخرج الفلسطيني محمد الجبالي، الذي عبّر في تسجيل مُصوّر، عن فخره بحصول فيلمه "الحياة حلوة: رسالة إلى غزة" على أول جائزة في مهرجان سينمائي عربي، وخاصة "في ظل الظروف المأساوية التي يعيشها أبناء شعبي في فلسطين، وخاصة في قطاع غزة، ومن بينهم أسرتي الصغيرة، في حرب إبادة جماعية، فقدت فيها الكثير من أقربائي وأصدقائي وزملائي من الفنانين، كما الصحافيين الذين اغتالت منهم سلطات الاحتلال قرابة المئتين.
ويتتبع الفيلم سبع سنوات من حياة المخرج الفلسطيني، بما يشبه اليوميات، فيصور لحظات انفصاله عن عائلته في غزة، والدعم الذي تلقاه من عائلته البديلة في مدينة ترومسو النرويجية، ونضالاته في تقديم طلب للحصول على تأشيرة في النرويج كشخص عديم الجنسية، وصناعة فيلمه الوثائقي الأول "الإسعاف"، الذي يستعرض تجربته كمتطوع في وحدة الإسعاف خلال العدوان الإسرائيلي على غزة 2014.
وكان الفيلم فاز بجائزة أفضل مخرج في مهرجان أمستردام الدولي للأفلام الوثائقية (إدفا)، حيث وصفت لجنة التحكيم، أثناء منحهم الجائزة للفيلم بأنه "تعبير سينمائي في الوقت المناسب عن الحاجة العالمية للاعتراف بإنسانيتنا الكاملة"، كما فاز بجائزة أفضل فيلم وثائقي عن دول الشمال الأوروبي في مهرجان نورديسك بانوراما في السويد، وجائزة "جيلدا فييرا دي ميلو" في المهرجان السينمائي الدولي 22، وجائزة منتدى حقوق الإنسان.
وفاز الفيلم الوثائقي "الفيلم عمل فدائي" للمخرج الفلسطيني كمال الجعفري، بجائزة التانيت الذهبي، بمهرجان أيام قرطاج السينمائية في دورته الخامسة والثلاثين للعام 2024، كأفضل فيلم وثائقي، وذهبت جائزة "النجمة الذهبية"، الجائزة الكبرى لمهرجان مراكش السينمائي الدولي للفيلم الروائي الفلسطيني "ينعاد عليكو" للمخرج إسكندر قبطي، فيما حصلت بطلتا الفيلم ذاته، منار شهاب ووفاء عون، على جائزة أفضل ممثلة مناصفة في المهرجان نفسه، وكان فاز بجائزة أفضل سيناريو بمسابقة آفاق، خلال حفل توزيع جوائز مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي في نسخته الحادية والثمانين.
وحصل الفيلم الوثائقي القصير "ذبذبات من غزة" للمخرجة الفلسطينية الكندية رحاب نزال، على جائزة أفضل فيلم في مهرجان لندن السينمائي الدولي، ويروي تجربة أطفال صمّ في غزة، خاصة خلال الحروب، كحال أماني، وموسى، وإسراء، ممن يعتمدون على استشعار ذبذبات الهواء وأصوات المباني المنهارة لفهم ما يجري حولهم من إبادة.
وفاز الفيلم الروائي "إلى عالم مجهول" للمخرج مهدي فليفل بجائزة التانيت الفضي لمسابقة الأفلام الروائية الطويلة بأيام قرطاج السينمائية في دورتها الخامسة والثلاثين للعام 2024، كما حاز على جائزة اليُسر الفضية عن فئة الفيلم الروائي الطويل في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بمدينة جدّة السعودية.
وفاز الفيلم الوثائقي "ذاكرتي مليئة بالأشباح" للمخرج الفلسطيني السوري أنس زواهري بجائزة شبكة أنهار لأفضل فيلم حقوقي في مهرجان "كرامة" لأفلام حقوق الإنسان بالأردن، وكان فاز بالعديد من الجوائز العربية والعالمية، كجائزة أفضل فيلم وثائقي عربي في مهرجان الجونة السينمائي الدولي، وجائزة تقديرية من مهرجان الأفلام الوثائقية في الدنمارك، وجائزة افضل سيناريو في مهرجان بيونس آيرس السينمائي الدولي بالأرجنتين.
ويصور الفيلم ذاكرة مدينة حمص وسكانها، إذا يحكي تجربة العودة إلى المدينة، بعد الدمار الكبير الذي تعرضت له خلال الحرب الدامية التي شهدتها البلاد، موثقاً ألم ومرارة استعادة الذكريات في حمص قبل اندلاع الحرب، التي أفضت مؤخراً إلى سقوط نظام بشار الأسد.
أما فيلم "غزة: صوت الحياة والموت"، وكان فيلم اختتام مهرجان "كرامة" لأفلام حقوق الإنسان في الأردن، للمخرج حسام أبو دان، ومن إنتاج منصة "الجزيرة 360"، فحصل على جائزة خاصة عن فئة جائزة شبكة أنهار، وهو فيلم يقوم على فكرة الصوت كعمل توثيقي، من خلال تسليط الضوء على يوميّات تقني الصوتيات محمد ياغي خلال حرب الإبادة المتواصلة على غزة، هو الذي يلاحق الكثير من الأصوات في القطاع، مُوثقاً بطريقة مغايرة لمجازر الاحتلال وجرائمه البشعة.
وحاز الفيلم الوثائقي القصير "استرداد مؤجل" للمخرج عبد الله معطان على جائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان "سينما ڤريت" 2024، المُقام في العاصمة الإيرانية طهران، في حين حصل الفيلم الوثائقي القصير "في قاعة الانتظار" للمخرج معتصم طه، على جائزة الجمهور في مهرجان قرطاج السينمائي، وفيلم "أحلام كيلومتر مربع" للمخرج قسام صبيح على جائزة أفضل فيلم فلسطيني في مهرجان القاهرة السينمائي، بينما حصل الفيلم الروائي الأحدث للمخرج رشيد مشهراوي "أحلام عابرة"، ودشن فعاليات المهرجان نفسه، على المركز الثالث في المسابقة ذاتها، أما فيلم (OMAR) من إنتاج تلفزيون فلسطين بجائزة التميّز في مهرجان "نويدا" للأفلام في الهند.
0 تعليق