كتب يوسف الشايب:
ودّعت فلسطين على مدار العام الماضي مجموعة من أدبائها ومثقفيها ومبدعيها في العام الغارب 2024، فيما تواصلت خسارة المبدعين في غزة بنيران حرب الإبادة منذ اندلاعها.
رحل الفنان مصطفى الكرد، في القدس، يوم 19 شباط 2024، عن 79 عاماً، إثر مرض عضال، هو الذي يعدّ أيقونة فنيّة لجهة الغناء والعزف والمسرح منذ ما بعد احتلال العام 1967، وجزءاً من تاريخ النضال الفنّي الفلسطيني.
ورحل الفنان التشكيلي فتحي غبن (1947 - 2024)، أحد روّاد الحركة التشكيلية الفلسطينية بعد النكبة، صباح 25 من الشهر نفسه، في مدينة دير البلح، بعد صراع مع المرض، حيث لم تتوفّر العلاجات اللازمة له، إثر عدم سماح سلطات الاحتلال له بمغادرة القطاع لتلقّي العلاج.
وفي اليوم الأخير لشهر شباط من العام الماضي، رحل المؤرخ سليم عرفات المبيّض، الذي يعد من أبرز المؤرخين الفلسطينيين في العصر الحديث، لاسيما في تناوله تاريخ غزة وشخصياتها على مدار قرون.
وفي 25 نيسان، رحل المسرحي خليل طافش، في غزة، هو المولود في قرية "عاقر" المُهجرّة قضاء أسدود العام 1943، وحطّ برفقة عائلته منذ العام 1948 في معسكر الشاطئ للاجئين شمال القطاع، قبل أن يلتحق بالدراسة في المعهد العالي للفنون المسرحية بالعاصمة المصرية القاهرة، وتخرج فيه العام 1969، وهو ذات العام الذي بدأ فيه نشاطه المسرحي برفقة فرقة حركة "فتح" المسرحية في العاصمة الأردنية عمّان، ولقب بـ"شيخ المسرحيين في غزة".
وفي 10 أيار الماضي، رحل الفنان والروائي مازن سعادة، في العاصمة الأردنية عمّان، إثر مرض عضال لم يمهله طويلاً، هو الذي أنجز مجموعة من الجداريات في شوارع مدينتي رام الله والبيرة، وله العديد من الروايات.
وفي الثاني من آب، رحل الروائي والسيناريست الفلسطيني السوري حسن سامي يوسف، صباح أمس، في العاصمة السورية دمشق، عن عمر 79 عاماً.
ويوم 8 أيلول الماضي، رحل الشاعر زهير زقطان في العاصمة الأردنية عمّان، وله ثلاث مجموعات شعرية ودراسة نقدية حول السرد في الأردن، وهو ابن الشاعر والتربوي خليل زقطان، الذي ساهم في تأسيس العديد من الهيئات الاجتماعية والثقافية في فلسطين والأردن.
وتوفي الروائي والقاص رشاد أبو شاور، في العاصمة الأردنية عمّان، مساء 28 أيلول الماضي، بعد صراع مع المرض.
وأبو شاور من مواليد العام 1942 في قرية ذكرين المهجرة التابعة لمحافظة الخليل، بحيث انتقل بعد نكبة العام 1948، برفقة أسرته، إلى مخيمات النويعمة وعين السلطان في أريحا، ثم انخرط في صفوف المقاومة الفلسطينيّة، وانتقل للعيش في بيروت، وشَغل مناصب عدّة في مؤسّسات منظّمة التحرير الفلسطينيّة، وأبرزها عمله نائباً لرئيس تحرير مجلّة "الكاتب الفلسطيني" الصادرة عن الاتّحاد حتى العام 1982، وفاز بجائزة دولة فلسطين التقديرية عن مجمل الأعمال، أرفع جائزة في فلسطين للإبداع عن العام 2019، وقد توفي في الأردن حيث أقام في الفترة الأخيرة.
وشهد العام 2024 رحيل العديد من المبدعين العرب، الذين ارتبط مشروعهم الإبداعي بفلسطين وقضيتها، ومن بينهم الفنان المصري الكبير الراحل حلمي التوني في السادس من أيلول، هو الذي نشر في منتصف شباط الماضي، على صفحته الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي لوحة رسمها في العام 2010 لامرأة فلسطينية تزّين شال رأسها بمفتاح العودة وشجرة صبّار، مرفقاً بتعليق مفاده: "عملٌ أفتخر به.. ملخص القضية الآن وغداً، ولكل الناس".
والتوني الذي رحل عن تسعين عاماً، له مدونة بصرية هائلة كانت فلسطين محورها، جلّها لوحات لنساء فلسطينيات في تعبيرات مختلفة، وذات دلالات متعددة، مفتوحة أحياناً على التأويل، رغم الإحالات الواضحة إلى رموز مرتبطة بالقضية الأم، كما كان يراها، وبعدالتها، هو الذي بقي مهجوساً بها منذ سبعينيات القرن الماضي، وما قبل، حتى آخر أيامه.
وفي 15 أيلول، رحل الروائي والقاص اللبناني الكبير إلياس خوري، في بيروت عن 76 عاماً، بعدما أضاف إرثاً زاخراً للمشهد الثقافي والأدبي العربي، تركّز في جزء كبير منه على نكبة فلسطين وشكل علامة بارزة في تناولها، إذ ارتبطت تجربته في ذروتها وعلى نحو وثيق برائعة "باب الشمس" ومن ثم ثلاثية "أولاد الغيتو" التي وجدت طريقها للقارئ العالمي عبر ترجمتها للغات عدة.
ونعى المجلس الوطني الأديب خوري كواحد من أصدقاء القضية الفلسطينية الدائمين، الذي "جسّد في كتاباته معاناة الشعب الفلسطيني وآماله، وقد ترك بصمة واضحة في الرواية العربية، وأثرت أعماله في الوعي الثقافي والسياسي على مستوى واسع"، فيما نعته حركة "فتح" في بيان قالت فيه: "تسجّل الحركة فخرها واعتزازها بهذه القامة الروائية وبما جسّدته من إرث سيكون وثيقة لكل الأجيال السابقة واللاحقة ولسان حق فلسطينيا بلغات الإنسانية المؤمنة بنضال شعبنا الفلسطيني وصولاً للحرية والخلاص"، كما نعاه الاتحاد العام للكتّاب والأدباء الفلسطينيين، مُعتبراً وفاته خسارة كبيرة للمشهد الثقافي العربي، مؤكداً على أن إرثه سيبقى أمانة تصل إلى الأجيال المتعاقبة.
وبالتزامن مع اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، رحل المخرج العراقي قيس الزبيدي، عن عمر يناهز 85 عاماً، حسب ما أعلنت عائلته، مساء أول من أمس.
وترك الزبيدي وراءه إرثاً سينمائياً غنياً في مجال السينما الوثائقية الفلسطينية والمتمحورة حول فلسطين، حيث قدم العديد من الأفلام المهمة التي وثقت القضية الفلسطينية، مُخرجاً ومُمنتجاً (مونتير)، علاوة على العديد من المؤلفات حول السينما الفلسطينية.
0 تعليق