"الأيام" ترصد مشاهد جديدة من العدوان المتواصل على غزة - زاجل الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

كتب محمد الجمل:


واصلت "الأيام" نقل مشاهد جديدة من العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة في يومه الـ457 على التوالي، ورصدت استمرار جرائم الاحتلال في القطاع، وتبعات الحصار.
ومن بين المشاهد الجديدة التي رصدتها "الأيام"، مشهد يرصد كيف أسهم "محور نتساريم"، في تفريق العائلات في قطاع غزة وتشتيت شملها، ومشهد آخر يوثق طوابير الجائعين أمام "تكايا" الطعام، ومشهد ثالث يُسلّط الضوء على قيام الاحتلال بتدمير قطاع التعليم في غزة.

 

"محور نتساريم" يُفرق العائلات
لم يعد "محور نتساريم"، المقام وسط قطاع غزة، مجرد محور للقتل والتدمير وفصل القطاع إلى جزأين، بل أصبح عنواناً لتقسيم وتفريق العائلات، ومنع رؤية الأهل لبعضهم، رغم أن المسافات بينهم قصيرة.
فعشرات الآلاف من العائلات التي تُقيم في مناطق وسط وجنوب قطاع غزة لا تستطيع لقاء أقاربها وأحبتها، الذين رفضوا النزوح، ويقيمون حتى الآن في مدينة غزة، أو شمال القطاع.
وقال المواطن عبد الله حميد، إنه نزح برفقة عائلته من مدينة غزة في شهر تشرين الثاني من العام 2023، وأقام في مدينة رفح مدة، ثم نزح إلى محافظة خان يونس حيث يُقيم حالياً، لكنه ترك في مدينة غزة ابنته المتزوجة مع عائلتها، وأقارب وأصدقاء كثيرين، ما زالوا جميعاً يرفضون النزوح باتجاه الجنوب، وهو منذ ترك مدينة غزة، لم يتمكن من اللقاء بهم، أو رؤيتهم.
وأوضح أن ابنته لا تبعد عنه سوى 28 كيلومتراً فقط، ويحتاج إلى 20 دقيقة في المركبة حتى يصلها، لكنه لا يستطيع ذلك بسبب "محور نتساريم"، الذي فرضه جيش الاحتلال وسط القطاع، وبموجبه أصبحت غزة مُقسمة إلى قسمين.
ولفت إلى أنه لا يجد طريقة للتواصل مع ابنته وأقاربه وأصدقائه سوى الهاتف، وشبكات الاتصال في أغلب الأيام سيئة، لكنه يظل يحاول حتى يتحدث إليهم ويطمئن عليهم.
بينما أشار المواطن أيمن عرفات إلى أنه لو كان يعلم أن "محور نتساريم" سيقسم القطاع، ويمنعه من العودة إلى مدينة غزة، لما نزح عن المدينة نهاية العام 2023، ولبقي في غزة مهما حدث.
وأوضح عرفات أن المحور المذكور، شكّل واقعاً ديموغرافياً جديداً داخل قطاع غزة، ومنع المواطنين من التواصل، وقسّم القطاع إلى جزأين معزولين، والجميع يخشون أن يتحول هذا المحور إلى مكان تواجد دائم لجيش الاحتلال، أو يتحول إلى حاجز يشبه الحواجز التي أقامها الاحتلال بين مدن الضفة.

 

طوابير أمام "تكايا" الطعام
بات مشهد توقف طوابير الجائعين أمام "تكايا" الطعام المنتشرة في مناطق متفرقة من محافظتي خان يونس ووسط القطاع، من المشاهد القاسية والصعبة، التي تتكرر بشكل يومي، مع تفشي الجوع في صفوف النازحين.
ودفع شح "التكايا"، بعد توقف العشرات منها، مؤخراً، بعض النازحين إلى التوافد على العاملة منها في الصباح الباكر، في محاولة للحصول على الطعام، إذ لا تتمكن "التكايا" من توفير الطعام لجميع المتواجدين في محيطها، وعادة ما ينفد الأكل دون أن يتلقى الجميع حصة من الطعام.
وتُشاهد المعاناة في وجوه عشرات آلاف النازحين، خاصة في مواصي خان يونس، وهم يقفون في طوابير طويلة، وكل منهم يحمل بين يديه وعاء أو قدر طعام صغيراً، وينتظر دوره للحصول على وجبة لأسرته.
ومن بين الواقفين أمام "التكايا" أطفال، ونساء، وصبية، وحتى مُسنون، جميعهم دفعهم الجوع والعوز إلى الوقوف ساعات من أجل الطعام.
وذكر المواطن أحمد موسى الذي يُشرف على إحدى "تكايا" الطعام التي ما زالت تعمل، أن المئات يتوافدون إلى "التكية" بشكل يومي، ويحاولون دائماً طهي أكبر كمية ممكنة من الطعام، من أجل تلبية احتياجات جميع المتوافدين إلى "التكية"، لكن للأسف يومياً هناك نازحون يغادرون بأوانٍ فارغة، وهذا أمر مُحزن، وكان يتمنى لو استطاع طهي ضعفي كمية الطعام التي يطهونها يومياً.
بينما قال المواطن سعيد فيصل، إنه لولا "تكايا" الطعام لمات وعائلته من الجوع، فهو نازح من شمال القطاع، وفقد كل شيء، بما في ذلك منزله، وعمله، ولا يتوفر لديه أي مال، وفي ظل شح المساعدات باتت "التكايا" هي مصدر الطعام الوحيد.
وأكد أن عدد "التكايا" جنوب القطاع انخفض إلى أقل من النصف، بعد توقف العديد منها، مؤخراً، وكل يوم يتوجه إلى "تكية"، وابنته البالغة من العمر 13 عاماً تتوجه إلى "تكية" أخرى، ويصلان منذ الصباح الباكر، ويقفان ساعات طويلة حتى يحصل أحدهما أو كلاهما على بعض الطعام.
وأشار إلى أن أصعب الأيام التي يواجهها حين يعود وابنته بوعاءين فارغين، بسبب التزاحم، أو قلة الطعام في "التكية"، حينها يعم الحزن أفراد أسرته، ولا يعرفون كيف سيقضون يومهم من دون طعام، متمنياً لو جرى افتتاح المزيد من "تكايا" الطعام، وتحسين جودته، لضمان الأمن الغذائي لدى العائلات الفقيرة والنازحة.

 

تدمير قطاع التعليم
تسبّب نحو 14 شهراً من العدوان المتواصل على قطاع غزة، في تدمير قطاع التعليم بمراحله المختلفة، وأوقف الاحتلال المسيرة التعليمية في القطاع.
ونوّع الاحتلال طرق استهداف قطاع التعليم، إذ لم يكتفِ بتدمير المؤسسات التعليمية، من مدارس، وجامعات، أو حتى رياض أطفال بل عمل وبشكل ممنهج، على قتل الطلاب والمدرسين، وأساتذة الجامعات، خاصة من التخصصات النادرة.
ووفق آخر الإحصاءات الصادرة عن وزارة التربية والتعليم، فإن العدوان الإسرائيلي تسبب منذ بدايته في استشهاد 12.943 طالباً، وإصابة 21.681 طالباً جميعهم في قطاع غزة. كما قتل الاحتلال في قطاع غزة 630 معلماً وإدارياً، وأصاب 655 آخرين، كانوا يعملون في مدارس القطاع.
أما على صعيد تدمير المدارس، فقد قصفت قوات الاحتلال 425 مدرسة وجامعة، ومبنى تابعا لوزارة التربية والتعليم في غزة، بينما جرى استهداف 65 مؤسسة تعليمية تابعة لوكالة الغوث "الأونروا"، بعد تعرضها للقصف.
وأسفر عن استهداف المدارس تدمير 77 مدرسة بشكل كلي، إضافة إلى عشرات المدارس التي تعرضت لأضرار متفاوتة، عدا تدمير جامعات في جميع أنحاء القطاع.
وحرم الاحتلال أكثر من 788 ألف طالب وطالبة في غزة من الالتحاق بمدارسهم وجامعاتهم، في الوقت الذي يُعاني فيه معظم الطلاب من صدمات نفسية وظروف صحية صعبة، كما حُرم عشرات آلاف الطلاب من الالتحاق بالمدارس لأول مرة في حياتهم، إذ تجاوزت أعمارهم السابعة، دون أن يلتحقوا بالدراسة.
وفي محاولة لإحياء العملية التعليمية، أقام مبادرون، ونشطاء فصولاً تعليمية في المخيمات، في محاولة لمواجهة سياسة التجهيل التي يُحاول الاحتلال فرضها في قطاع غزة، إذ يُرسل أولياء الأمور أبناءهم إلى الفصول المذكورة.
وبينت المواطنة إيمان عبد الله، أن ابنتها درست شهراً واحداً فقط في حضانة أطفال "تمهيدي"، ثم اندلعت الحرب، ومر 15 شهراً، وكان من المفترض أنها على وشك الانتهاء من الفصل الدراسي الأول ضمن الصف الأول الابتدائي، لكنها حتى الآن لم تلتحق بالتعليم، ولم تدخل المدرسة.
وأوضحت أنها حاولت تعليمها في المنزل، وألحقتها، مؤخراً، بفصل تعليمي في مخيم النزوح، لكنها تعتقد أن الأمر صعب، فمن دون مدرسة، ومعلم مُتخصص يصعب عليها وغيرها من الطلاب إكمال المسيرة التعليمية، ولا يبدو أن هذا سيحدث بسهولة، خاصة في ظل تدمير المدارس، واستمرار العدوان، وصعوبة عودة الطلاب إلى المدارس، آملة بأن يحدث ذلك بأقصى سرعة ممكنة.

 

0 تعليق