"الأيام" ترصد مشاهد جديدة من العدوان في يومه الـ462 - زاجل الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

 

كتب محمد الجمل:


أنهى العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، أمس، يومه الـ462، مع تواصل القصف والغارات، واتساع رقعة المجازر، وتعميق العدوان البري على رفح وشمال القطاع، بينما وصلت المعاناة إلى ذروتها جراء اشتداد الحصار، ونقص الغذاء والدواء.
"الأيام" واصلت نقل مشاهد حية من قلب العدوان، منها مشهد يرصد كيف أحكمت عصابة لصوص سيطرتها على طريق صلاح الدين شرق رفح، ومشهد آخر تحت عنوان: "مرضى يبحثون عن الدواء"، ومشهد ثالث يُوثق مغادرة الطيور قطاع غزة، بعد تدمير بيئاتها.

 

سيطرة عصابة لصوص
بات واضحاً أن عصابات اللصوص وقطّاعي الطرق يتزايدون، وتتوسع سطوتهم كلما استمر العدوان، وواصل الاحتلال مساعيه من أجل نشر الفوضى في قطاع غزة.
ومن بين العصابات المذكورة، عصابة تُحكم سيطرتها على شارع صلاح الدين، شرق محافظة رفح، جنوب قطاع غزة، وتتحكم تماماً في حركة الشاحنات، سواء المساعدات، أو الشاحنات التجارية، وتسطو على ما تشاء منها، وتسمح للبعض بالمرور، وسط معلومات عن أخذ أفراد العصابة "إتاوات" من بعض الشاحنات للسماح لها بالمرور.
ووفق مصادر محلية وشهود عيان، فإن العصابة المذكورة مُسلحة، ويبلغ عدد أفرادها أكثر من 100 شخص، جميعهم مسلحون، ولديهم مركبات دفع رباعي، وشاحنات، ومخازن لتخزين المسروقات، ويتخذون من مناطق شرق رفح وخان يونس مركزاً لإدارة عملياتهم.
وسطت العصابة المذكورة خلال الفترة الماضية على مئات الشاحنات، خاصة تلك التي تحمل الطحين والوقود، وقام أفرادها بتخزينها في مخازنهم، ما تسبب بالأزمة الكبيرة التي تحصل حالياً.
وتُحكم طائرات الاحتلال إطباقها الجوي على شارع صلاح الدين، وتستهدف أي عناصر أمنية تحاول الوصول إلى العصابة، بينما تسمح لأفرادها بالعمل والتحرك دون اعتراض، ورغم ذلك وصل العشرات من المسلحين من أمن حركة حماس، إلى معقل العصابة قبل عدة أسابيع، وقتلوا وجرحوا العشرات من أفرادها، بعد اشتباك مسلّح معهم.
وقال مدير المستشفيات الميدانية في وزارة الصحة بقطاع غزة، الدكتور مروان الهمص، إن جيش الاحتلال يُجبر قوافل المساعدات على أن تسلك طريقاً يعترضها اللصوص، ما يتسبب بسرقتها، وبعض هذه الشاحنات، تحمل مساعدات طبية وأدوية، ووقوداً مخصصاً للمستشفيات.
ودفع تفاقم الأمور على هذا النحو الخطير، تجمع عائلات محافظة خان يونس، إلى إصدار بيان للرأي العام، جاء فيه: "ما زالت فئة مارقة ارتضت لنفسها أن تصطف إلى جانب الاحتلال في حربه المسعورة على شعبنا الفلسطيني الأعزل، يقودها المدعو (ي)، الذي يحتمي بالاحتلال شرق مدينة خان يونس، حيث يُمارس السرقة والعربدة، من خلال عصابات منظمة من اللصوص، فيسرق المعونات وقوت شعبنا المحاصر من المساعدات والبترول..".
ودعا تجمع العائلات، كافة العائلات في المحافظة خاصة العائلات البدوية، إلى ضرورة الوقوف عند مسؤولياتهم الوطنية والعائلية والأخلاقية، بعد إقدام العصابة على سرقة شاحنات من البترول واحتجازها منذ عدة أيام، ما أدى إلى حدوث أزمة كبيرة.

 

مرضى يبحثون عن الدواء
ما زال الحصار الإسرائيلي يفتك بالمواطنين في قطاع غزة، ويتسبب بتفاقم معاناتهم وآلامهم، خاصة مع تدهور القطاع الصحي، وشح الأدوية في المستشفيات والصيدليات.
ويعاني آلاف المرضى من عدم توفر الأدوية التي وصفها الأطباء لهم، مع استمرار فرض الاحتلال قيوداً مشددة على دخول جميع أنواع السلع والأدوية إلى قطاع غزة.
ويضطر مواطنون إلى التوجه لمستشفيات ميدانية أقامتها دول عربية وأجنبية في القطاع، لعلهم يجدون الدواء فيها، وهذا يضطرهم للوقوف في طوابير طويلة، والانتظار ساعات، وربما العودة في اليوم التالي.
ووفق أطباء وصيادلة فإنه من بين الأدوية المفقودة أو الشحيحة في قطاع غزة المضادات الحيوية، والمُسكنات، وأدوية الأمراض المزمنة، وكذلك الأدوية النفسية، إضافة إلى أدوية معالجة الطفيليات المعوية، لا سيما المُخصصة للأطفال.
وذكر المواطن بلال محمود، أن والده يعاني من مرض "فصام الشخصية"، وهو مرض نفسي مزمن، يحتاج المريض به إلى علاجات مستمرة، لكن منذ أشهر طويلة يعانون من شح وفقد في العلاج، وتوقف تناوله أدى إلى حدوث انتكاسة حادة لدى والده، الذي بات يُشكل خطراً على حياة أفراد الأسرة، ويُصاب بحالات هياج ويهدّد بقتلهم، بسبب الهلاوس السمعية والبصرية، التي يُشاهدها ويسمعها.
وبيّن أن فقد الدواء النفسي عامة، ودواء معالجة الفصام على وجه التحديد يُشكّل أزمة كبيرة لعائلات المصابين بالأمراض النفسية، ويجعلهم في حالة متوترة، وقلق دائم.
من جهته، قال المواطن عبد الله ياسين، إن أطفاله يعانون باستمرار من نزلات معوية، والتهابات أمعاء، وطفيليات في البطن، بسبب شرب المياه المُلوثة، وتلوث المحيط الذي يعيشون فيه، وهو دائماً يبحث عن علاجات، وبصعوبة شديدة يجدها، خاصة أن معظمها مفقود تماماً من الصيدليات في قطاع غزة.
وأشار إلى أنه يضطر للتوجه إلى مستشفى ميداني، والوقوف في طابور أمام غرفة الطبيب، وطابور أمام غرفة التحاليل الطبية، والوقوف في طابور ثالث أمام الصيدلية، حتى يصرف الدواء، وأحياناً لا يجده، متمنياً لو كان الدواء متوفراً في الصيدليات بشكل طبيعي كما في السابق، حتى لا يعاني المواطنون من البحث عنه.
بينما يعاني المئات من جرحى العدوان من نقص كبير في الأدوية المختلفة، خاصة المسكنات، وعلاجات الأعصاب، والأدوية المخصصة لتسريع التئام الجروح والعظام المكسورة مثل مكملات "الكالسيوم"، ما يؤخر شفاءهم، ويزيد معاناتهم.

 

الطيور تغادر غزة
لوحظ تناقص كبير في أعداد الطيور داخل قطاع غزة، سواء المقيمة أو المهاجرة، بالتزامن مع دخول العدوان الإسرائيلي شهره السادس عشر على التوالي.
ولم تعد تشاهد الطيور في معظم المناطق، سواء الحضرية، أو الأراضي المفتوحة، باستثناء أعداد قليلة من طيور "المينا الهندي"، الغازية، وعدد قليل جداً من طائر الدوري.
وقال المواطن ياسر طلال الذي يعيش في خيمة بمواصي خان يونس، إنه اعتاد حين كان يعيش في منزله بمنطقة شرق رفح، على الاستيقاظ مُبكراً على أصوات العصافير، وحين يخرج من المنزل يشاهد الطيور في الشوارع والحقول، خاصة في فصلي الخريف والشتاء.
وأوضح أنه ومنذ بداية العدوان، وتصاعد الغارات، لاحظ تراجع أعداد الطيور، وصولاً إلى اختفائها تقريباً منذ نزح إلى مواصي خان يونس.
ولفت إلى أنه يجلس على شاطئ البحر، فلا يُشاهد الطيور، فحتى النوارس تُحلّق بعيداً، ولا تقترب من الشاطئ، والطيور المهاجرة شبه معدومة.
وأشار إلى أن اختفاء الطيور بهذا الشكل، أمر مُحزن، ويجعل البيئة شبه ميتة، خاصة مع توقف الزراعة، وقطع وتجريف غالبية الأشجار.
وأرجع خبراء ومتابعون للشأن البيئي تناقص الطيور في قطاع غزة، إلى أربعة أسباب، الأول، الزحام الشديد في مخيمات النزوح، وتغيير ديموغرافية غزة، وهذا يُخيف الطيور، التي تفضل المناطق الهادئة، لا سيما النوارس التي كانت تملأ الشاطئ في مثل هذا الوقت من كل عام، لكن كثرة الناس أخافتها، وبالتالي غادرت الطيور بيئاتها في مناطق الزحام، والأمر الثاني بسبب توقف الزراعة، وما يرافقها من تسميد، وري، وهذه الأمور تكون بمثابة عامل جذب للطيور، خاصة المهاجرة، من آكلة الديدان، لذلك تبحث الطيور عن بيئات زراعية جديدة، والسبب الثالث هو الانفجارات والقصف، وعمليات النسف، وتحليق الطائرات، وكل ما سبق عوامل تُخيف الطيور، وتجعلها تفرّ باتجاه مناطق أخرى يُسيطر عليها الهدوء، أما السبب الرابع فيتمثل في القطع الجائر للأشجار والحزام النباتي الأخضر، إما جراء تجريفها من قبل قوات الاحتلال، أو قطعها لاستخدام حطبها كوقود، واختفاء الأشجار يُجبر الطيور على الرحيل، بسبب اختفاء البيئات الصالحة لعيشها.

 

0 تعليق