"حكايات مصوّرة من غزة".. أفلام عن ذاكرة أهل القطاع ما قبل حرب الإبادة! - زاجل الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

كتب يوسف الشايب:

كان من المقرر أن تُعرض ثمانية أفلام أُنجزت من قطاع غزة، ضمن مشروع أنجزته مؤسسة التعاون تحت عنوان "قصص تُحكى كي لا تُنسى"، لحماية التراث الفلسطيني القديم من خلال الفنون، وهي جزء من كل يتجاوز الأربعين فيلماً أنجزت في كافة الجغرافيات الفلسطينية المحتلة في العام 1948 وفي العام 1967، ومن المقرر إطلاقها قريباً في المتحف الفلسطيني ببلدة بيرزيت، وعبر منصتها إلى العالم، إلا أن حرب الإبادة حالت دون عرض الأفلام الثمانية كما غيرها، فكان أن بادرت جمعية البسمة للثقافة والفنون الجهة المنفذة لهذه الأفلام، بتنسيق عرض أول لأربعة منها، في متحف محمود درويش بمدينة رام الله، مساء أول من أمس، في أمسية حملت عنوان "حكايات مُصوّرة من غزة".
والأفلام الأربعة جميعها من إخراج أشرف الهواري وتصوير نبال حجو، فيما كان السيناريو لثلاثة منها من إعداد براء الشنطي، ورابعها من إعداد خالد خماش.
وتكتسب هذه الإنتاجات أهميتها، لا من كونها تشكل اختراقا لجهة التكوين الفني لها، على مختلف المستويات، بل لكونها في الأساس وثائق مصورة تتحدث عن التراث والتاريخ الفلسطيني، في مفاصل مهمة، قبل نكبة 1948 وعنها، وما تلاها، وبحضور شخصي لافت أو عبر الإشراف كمستشار تاريخي للمؤرخ الفلسطيني القدير، الراحل في غزة إبّان حرب الإبادة، سليم المبيض.
وتزداد أهمية هذه الأفلام مع تواصل حرب الإبادة، بحيث باتت وثيقة لإبداعات جيل من الغزيين وثقوا لقاءات نادرة عن مواضيع متنوعة، من بينها ما يتعلق بالمواقع والطقوس والمباني، وفي أماكن، باتت أثراً بعد عين.
وليس مهماً التجنيس هنا، بقدر المحتوى في الأفلام التي يمكن وصفها بالتلفزيونية، أو تكاد، فـ"أيام زمان" يعيدنا إلى عادات وتقاليد انقرضت أو تكاد، وكان الحفاظ عليها ما قبل اندلاع حرب الإبادة يشكل جزءاً من مقاومة رواية النقيض، بدءاً من النبش في ذاكرة أمونة أبو رجيلة في خزاعة، ورائحة خبز صاجها ومطبخها الغزي المتوارث المصنوع كله على الحطب، وهو ما كان عند حديث مدللة يحيى عن ذكرياتها حول قريتها المهجرة "برير"، وخاصة موسم الحصاد وطقوس الزفاف، قبل أن يحدثنا المختار محمد فياض من القرارة عن يوميات الديوان، لتتحفنا "أم خالد" بنقابها السبعاوي التقليدي عن حكايات تتعلق بتقاليد بئر السبع المهجرة.
وفي "موسم المنطار" يحدثنا كل من سليم المبيض وعبد الرحمن حلس وغيرهما عن موسم المنطار، الذي كان يعرض بـ"الخمسان" لانتظامه كل خميس، وارتباطه برجالات صلاح الدين الأيوبي، والطقوس ذات الطابع الصوفي، والأسواق والفعاليات الثقافية والاجتماعية المرتبطة في المنطقة التي ترتفع ضعف ارتفاع مدينة غزة عن سطح البحر.
وفي "مهن الأجداد" نذهب رفقة عدد من المسنين في رحلة نحو مهن انقرضت أو تكاد، كالصيد في قوارب الصيد الخشبية رفقة الصيّاد العتيق رشاد الهسّي، ونجارة الخشبيّات التراثية كما يفعل ياسر شهوان، وتفاصيل صناعة البسط التقليدية عبر النول والآلات المرافقة له، ونقلها لنا محمد الصوّاف، وغيرهم.
وكان الجمهور الذي تفاعل مع الأفلام نقاشاً، على موعد مع "ذكريات هجرة" في آخر الأفلام التي احتضنت عروضها قاعة الجليل بالمتحف الدرويشي، واشتمل على مقابلات حول يوميات الهجرة والتهجير في نكبة العام 1948، لأشخاص عايشوا النكبة أو ورثوا حكاياتها عن آبائهم وأمهاتهم.
وكان د. طارق امطيرة، مدير عام مؤسسة التعاون، أشار في كلمة افتتاحية له، إلى أهمية المشروع الذي تشكل الأفلام المعروضة جزءاً منه، وأنجزته "التعاون" بالشراكة مع عديد المؤسسات الثقافية الفلسطينية في الضفة الغربية بما فيها القدس، وقطاع غزة، والداخل الفلسطيني، بتمويل من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، مشدداً على أهمية توثيق التراث والفلكلور الفلسطيني عبر الفنون، وخاصة السينما، لافتاً إلى أن غالبية المواقع التي تم توثيقها أو التصوير فيها إن لم يكن جميعها تم تدميرها من قبل قوات الاحتلال في حرب الإبادة على قطاع غزة، ما يجعل من هذه الأفلام توثيقاً مزدوجاً لحكايات الأجداد والآباء، وللقطاع وسكانه وإرثهم وتراثهم.

 

0 تعليق