الروائية المصرية رشا عدلي.. حديث حول الرواية والمرأة والعلاقة بين الغرب والشرق - زاجل الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

كتبت بديعة زيدان:

 

شددت الروائية المصرية، رشا عدلي، على أنه رغم اعتبار الكثيرين أن روايتها الأحدث "جزء ناقص من الحكاية"، رواية تاريخية، إلا أنها "تعكس معاناة ومعيشة الناس في العصر الحديث".
وجاء ذلك في حوارية معها حول رواياتها، احتضنتها قاعة سينما "الرينبو" في العاصمة الأردنية عمّان، مساء أول من أمس، بتنظيم من "سلسلة نادي الكتاب"، حاورتها فيها أمواج أبو حمدة.
وأشارت عدلي إلى التحديات المرتبطة بكتابة تاريخية دقيقة، موضحة أن كتابة الروايات المعاصرة تتيح فرصة التعبير عن القضايا الاجتماعية الحديثة، وهو ما كان في رواية "جزء ناقص من الحكاية"، التنقل بين الأزمنة في الرؤية الأدبية، ودمج الماضي بالحاضر، ما يجعل سرد الحكايات أكثر تعقيداً، ولكنه ينقل أحاسيس ومعاناة الشخصيات بشكل أوضح.
وتتعاطى الروائية المصرية مع إشكالية تمثيل القضايا النسائية وتحديات الحياة المعاصرة في الكتابة التاريخية، فتؤكد على أهمية أن يكون الكاتب محصوراً في واقعه الذي يعكس معاناته وأفكاره، مفيدة بأنها تمارس هذه التقنيات في أعمالها بطريقة تعكس التفاعل بين زمنين مختلفين، ما يعزز تجربتها ككاتبة، لافتة أيضاً إلى أنها، وفيها تجاربها الروائية، ثمة شخصيات تاريخية تعكس الزمن الذي تعيش فيه، من باب ضرورة ربط تلك الشخصيات بالأحداث التاريخية لتحقيق التجربة الأدبية الغنية، وهذه العناصر تعكس الهوية الفنية لها كروائية، علاوة على أن تخصصها في التاريخ يمنحها منظوراً فريداً في التعبير عن القضايا الإنسانية.
وتتناول رشا عدلي في كتاباتها، ومنها روايتها الأخيرة، العلاقة ما بين الفن والأدب، حيث تشير إلى أهمية إدخال عناصر فنية كالهندسة المعمارية في السرد، مستعرضة تأثير حركة "الباوهاوس"، التي أسسها فنانون مثل والتر غروبيوس، وكيف شكلت أسلوباً للحياة عصرية، انعكست في ألوان وتصاميم الملابس والأثاث تلك الفترة، موضحة كيف أن الاهتمام بتفاصيل التصميم والديكور يأتي من ارتباطها العميق بالفن، الذي يعد وسيلة للتعافي من المشاعر السلبية.
وتشير صاحبة "جزء ناقص من الحكاية" إلى أن دور الفن لا يقتصر على الإعجاب فحسب، بل يتجاوز ذلك ليغير الحياة ويعيد تشكيل السلوكيات، كاشفة أن ذلك يتأتى كانعكاس لتجربتها الشخصية في طفولتها، حيث نشأت في بيئة مليئة بالتأثيرات الفنية من جدة لها كانت تعيش في شقة سكنت فيها فنانة فرنسية، كانت تشبه المتحف، وكيف تركت تأثيراً عميقاً في ذاكرتها وكتاباتها، كما أكدت على رغبتها في إيصال رسالة فنية لقرائها، من خلال كتابة روايات تساهم في نشر الوعي الفني والثقافي، ما يجعلهم يستلهمون من الفن ويشعرون بأثره في حياتهم، مؤكدة على العلاقة الوثيقة التي تربط الأدب بالفن والتاريخ.
وتطرقت الروائية المصرية إلى العلاقة بين الواقع والخيال في كتاباتها، مشيرة إلى أنها تفضل ترك مساحة للتخيل للقراء، ما يعزز من عمق التجربة الأدبية، كاشفة بعد الحديث عن الخيارات التي تقوم بها فيما يتعلق بشخصيات رواياتها، إلى أنها تترك لهم حرية التحرك والتصرف في السرد، حيث أن "ردود أفعالهم تستند إلى تجاربهم الشخصية، فكل شخصية تحمل قصتها الخاصة التي تؤثر في مستقبلها".
وأشارت عدلي إلى أن بعض شخصيات روايتها "جزء ناقص من الحكاية" تعكس تجارب النساء اللواتي يكافحن من أجل إيجاد هويتهن، في حين كان الانتقال إلى الحاضر، عبر معالجة الرواية لقضايا المرأة الحديثة من خلال عدة محاور وشخصيات رئيسية.
وتناولت الرواية، كما جاء في نقاشات الحوارية، تطور البشرية وتحولات الإنسان من كيان يسعى لتحقيق ذاته ومواهبه إلى شخصيات سطحية تعكس الانفتاح المبالغ فيه والمتصل بوسائل التواصل الاجتماعي، عبر شخصيات تُجسد هذه التحولات، حيث الاستغلال المادي من قبل شركات "السوشيال ميديا"، ما يعكس مشكلة مزدوجة، تتمثل علاوة على هذا الاستغلال، في فقدان الهوية، طارحة جملة تساؤلات حول ما يعنيه أن يكون الإنسان معاصراً في ظل هذه التغيرات الجوهرية.
وتطرق النقاش إلى تجارب شخصية للقارئات، اللواتي تمكنت روايات رشا عدلي، ومن بينها روايتها الأحدث، من استحضار ذكريات معينة وتجارب حياتية لهن، ما عكس قدرة الكاتبة على تصوير الواقع الاجتماعي والنفسي بدقة، بحيث أشادت أكثر من متحدثة بأسلوب الروائية المصرية "المتميز في تصوير التفاصيل"، وهو "ما يجعل القارئ ينغمس في الأحداث والشخصيات بشكل كبير"، حيث كان الشغف يجعل عديد القارئات يتتبعن المخزون الفكري المعرفي الذي تتحلى به شخصيات رواية "جزء ناقص من الحكاية".
وانتقدت عدلي التصورات المسبقة عن الشرق، فالغرب، وفق تعبيرها لا يزال يروج لفكرة الشرق كمنطقة متخلفة وعتيقة، موضحة أنها درست فن الاستشراق وكتبت عن ذلك في كتابها "القاهرة مدينة الذكريات"، ومشيرةً إلى استمرار هذه الصورة النمطية في الثقافة الغربية، وهو ما ينعكس في كيفية تصوير الشخصيات العربية في السينما العالمية، حيث أبرزت السلبيات بشكل أكبر مما عرضت الإيجابيات.
وكانت رشا عدلي تحدثت عن تجربتها الطويلة في الولايات المتحدة الأميركية، مشيرة إلى تغيرات ملحوظة في نظرة الشباب الغربي إلى الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة، وإلى أن هذه التغيرات جاءت في سياق الأحداث السياسية مثل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ما أدى إلى حراك اجتماعي في الغرب يعكس وجهات نظر جديدة، منتقدة بدروها النظرة التقليدية التي لا تزال تسود العلاقات بين الشرق والغرب، داعية إلى ضرورة تغيير هذا المنظور، وتعزيز الفهم المتبادل بين الثقافات، خاصة بين الأجيال الأصغر سناً، مختتمة حديثها بأمنيات تواصل الحوار حول كيفية تحسين الصورة النمطية للشرق الأوسط، وكيفية تعزيز الفهم المتبادل بين الثقافات المختلفة.

 

0 تعليق