كتب عيسى سعد الله:
حوّل جيش الاحتلال حيَّي السلاطين والعطاطرة غرب بلدة بيت لاهيا، شمال قطاع غزة، إلى منطقتَي أشباح بعد أن كانا وجهة سياحية لسكان قطاع غزة، بسبب طبيعتهما الفريدة والجميلة.
وعمدت قوات الاحتلال إلى تدمير الحيين بشكل كامل، خلال عدوانها على القطاع الذي استمر أكثر من خمسة عشر شهراً، ولم ينجُ من التدمير إلا عدد قليل جداً من المباني.
واضطر معظم سكان هذين الحيين، بعد عودتهم من النزوح قبل ثلاثة أسابيع، إلى هجرة الحيين والسكن في قلب مدينة غزة، بسبب الدمار الهائل، وانعدام سبل الحياة فيهما، فيما فضل عدد قليل جداً السكن في خيام بوضع اجتماعي ومعيشي قاسٍ.
وغيّر الدمار من ملامح الحيين اللذين يغلب عليهما الطابع الزراعي، ويتميزان بمنازلهما ذات الطوابق المنخفضة والمتباعدة.
وبحكم قربهما من الحدود الشمالية للقطاع مع إسرائيل اضطر سكان الحيين إلى مغادرتهما والنزوح، بعد أن استهلت قوات الاحتلال عدوانها البري للقطاع باجتياحهما والمكوث فيهما أكثر من خمسة أشهر متواصلة، عدا اجتياحهما لثلاثة أشهر ونصف الشهر خلال العدوان الأخير على محافظة شمال قطاع غزة، في الفترة الممتدة من الأول من تشرين الأول الماضي وحتى التاسع عشر من كانون الثاني الماضي.
وقال حسام السلطان من حي السلاطين: إنه قرر مغادرة الحي والاستئجار في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة، بعد أن تعذر عليه معرفة مكان منزله بعد أن جرفته قوات الاحتلال ونقلت ركامه إلى جهة مجهولة.
وأوضح السلطان أنه يصعب عليه السكن في الحي من خلال خيام بسبب انعدام الخدمات، وبعده عن الوسط السكاني للمدينة.
وأشار إلى أن نحو أربع عائلات قررت السكن فيه من أصل نحو 300 عائلة توزعت بين البقاء في جنوب القطاع وبين مخيمات النازحين التي أقامتها المؤسسات في المنطقة.
فيما ظهرت الحسرة على المسن محمود زايد الذي يسكن الحي ذاته على ما تعرض له الحي من دمار مهول طال كل شيء. وأخذ زايد يستعرض جمال الحي خاصة الحدائق والبساتين والبيارات والحياة الهادئة.
ويشكك زايد، الذي فقد عدداً من أفراد أسرته خلال الحرب، في إمكانية إعادة إعمار الحي قبل وفاته، مبيناً أن إعادة إعماره تحتاج إلى سنوات طويلة بسبب الدمار الهائل الذي تعرض له.
ولم يكن حال المواطن هاشم العطار من حي العطاطرة أفضل حالاً، والذي يتقاسم العيش مع جيرانه في حي السلاطين بأحد المخيمات القريبة من الحيين، وقال: إن الاحتلال تعمّد تدمير الحيين كونهما قريبين من الحدود، وتهجير سكانهما.
وأضاف العطار، الذي فقد والده خلال الحرب: إن الاحتلال دمر أكثر من 95% من مباني الحي، وجميع أراضيه الزراعية التي كانت تعتبر إحدى سلال الخضار والفواكه لسكان شمال قطاع غزة.
ولفت إلى أن الاحتلال لم يكتفِ بتجريف الأراضي الزراعية وتغيير طبيعة الأرض، بل قام بتدمير جميع البنية التحتية الزراعية، لا سيما آبار المياه وخطوط المياه والمشاتل والطرق والجرارات الزراعية، وحرق مستودعات البذور.
وأكد أن الاحتلال يواصل إطلاق النار من أبراج المراقبة التي تطل على المنطقة باتجاه أي شخص يحاول التقدم باتجاه الأراضي الزراعية، مشيراً إلى أن الحياة في الحي الآن قاسية وصعبة جداً بسبب عدم توفر المياه، ومن يُرد السكن داخله عليه أن ينقل المياه ومستلزمات الحياة الأخرى من مسافات بعيدة. وقال: لم يعد ذاك الحي الذي يشتهر بكروم العنب والتين والمساحات الشاسعة المزروعة بالفراولة وبيارات التفاح واللوز.
0 تعليق