كتب خليل الشيخ:
يكاد هاتف العامل مدحت أبو درابي (50 عاماً) لا يتوقف عن الرنين، للتواعد حول بدء العمل في إزالة الركام وتنظيف المساحات السكنية التي نجت من التدمير، في مناطق مختلفة من شمال قطاع غزة.
واستعرض "أبو درابي" قائمة طويلة من أسماء وعناوين المواطنين من أصحاب الشقق والمنازل التي سلمت من التدمير الكلي، الذين ينتظرون دورهم في بدء العمل من أجل تهيئة محال سكنهم والإيواء فيها.
وقال: "الحقيقة هي مساحات لم تنج من التدمير والخراب، لكن يمكن إصلاحها وترميمها وتنظيفها، وبعد ذلك يمكن العيش فيها".
وأضاف: "القائمة طويلة من الأسماء، وقد يحتاج كل محل سكن بضعة أيام حتى الانتهاء منه وتهيئته بشكل مناسب وفق الظروف المتاحة".
وأوضح "أبو درابي" أنه يتعاقد مع مجموعات من العمال، الذين ينتشرون في عدة أماكن بجباليا وبيت حانون وبيت لاهيا، مقابل مبالغ مالية متوسطة قد تتراوح بين 500 و1000 شيكل لكل محل سكن بسيط، وفق المساحة المستهدفة، وأحياناً يزيد على ذلك.
وأشار إلى أن الركام كثير، والتنظيف يتطلب جهداً كبيراً، وأعمال الإزالة تحتاج إلى إمكانات، وهو ما يزيد من الأعباء المفروضة على مجموعات العمل.
وفُتحت مجالات عديدة من العمالة عقب السماح للسكان الذين كانوا نازحين في جنوب قطاع غزة بالعودة إلى شماله، ليس فقط في مجال التنظيف والإزالة، بل في مجالات: النجارة والأخشاب ونصب الخيام والحدادة والصرف الصحي ونقل المياه.
وبيّن أمجد فياض (41 عاماً) الذي يعمل في مجال الحدادة، أن الطلب على أعمال ترميم الأبواب الحديدية الخاصة بمحلات البنايات متزايد، مشيراً إلى أن غالبية البنايات مدمرة لكن يمكن السكن في محلاتها.
وأوضح أن إصلاح وترميم هذه الأبواب يتطلب أدوات خاصة باتت مفقودة بعد الحرب، كمواد اللحام والمولدات الكهربائية التي تعمل على السولار مرتفع الثمن في القطاع، مشيراً إلى أن ذلك يرفع تكلفة العمل.
كما نشطت حركة شراء وترميم الأبواب والنوافذ الخشبية، بشكل عام، نظراً لاضطرار من يريد السكن في منزله المدمر جزئياً إلى شراء الأبواب بدل المدمرة أو المسروقة.
وقال مهند البنا (52 عاماً) الذي يعمل في مجال النجارة: إن مجال العمل متزايد، والطلب على شراء الأبواب فاق المتوقع، لكن الحاجة للمال هي التي تدفع المواطنين لاستبدالها بأبواب ونوافذ مصنوعة من النايلون.
ولفت إلى أنه يتلقى اتصالات بشكل يومي، من أجل التعاقد لترميم نوافذ وأبواب منازل مدمرة جزئياً.
يذكر أنه لا مجال لصناعة نوافذ زجاجية مصنوعة بإطار الألمنيوم بسبب غياب المعدات، وتدمير ورش التصنيع، فيقوم الجميع باستبدالها بصناعات خشبية ونايلون.
ويواجه العائدون إلى منازلهم مصاعب عدة في جلب وتخزين مياه الشرب والاستحمام، في وقت هناك غياب ملحوظ للبراميل البلاستيكية الجاهزة من السوق، وهو ما زاد الطلب على ترميمها.
ويعمل شبان ويافعون كانوا عاطلين عن العمل، في مجال إنشاء شبكات بديلة لتصريف المياه العادمة من محال سكنهم، وإنشاء مراحيض بسبب تدمير البنية التحتية.
ويتوجه الغالبية من العمال المهرة إلى العمل في المجالات السابقة، بعد غياب طويل عن العمل طوال فترة النزوح، حيث وجدوا ضالتهم في كسب قوت أسرهم من أرباب أسر تعاني أصلاً من العوز والفقر.
0 تعليق