القدس - الأناضول: للسنة الثالثة على التوالي، يحافظ محمد مصاروة، من مدينة باقة الغربية (شمال)، على الاعتكاف في العشر الأواخر من شهر رمضان في المسجد الأقصى بمدينة القدس الشرقية المحتلة.
في باحة المسجد، قال مصاروة: "الأجواء جميلة، هذه هي بوابة السماء، من أراد الاتصال بالسماء فليأتِ إلى المسجد الأقصى".
ويعتكف مصاروة مع اثنين من أبنائه في خيمة بباحة المسجد الأقصى يمكن من خلالها رؤية قبة الصخرة المشرفة.
بدأ الرجل الاعتكاف في الأقصى العام 2000 مع بعض التوقف، ولكن منذ ثلاث سنوات يحافظ على الاعتكاف فيه.
ويعتكف مئات الفلسطينيين في الأقصى، ولكن هذا العام غاب بشكل ملحوظ المصلون من الضفة الغربية المحتلة.
ومنعت إسرائيل الفلسطينيين من سكان الضفة دون سن 55 عاماً من المرور عبر الحواجز العسكرية المحيطة بالقدس للوصول إلى المسجد الأقصى.
كما تشترط على مَن هو فوق سن 55 عاماً الحصول على تصاريح خاصة، من الصعب استخراجها، للسماح لهم بالمرور عبر الحواجز إلى الأقصى، في حين لا تفرض السلطات الإسرائيلية أي شروط للتنقل على المواطنين في الداخل الفلسطيني، أي الأراضي المحتلة العام 1948.
وقال مصاروة: "نتذكر تلك الأيام التي كان يشارك فيها إخوة من غزة والضفة الغربية بالاعتكاف"، واستدرك: "ولكن هذا العام نادرا ما تجد أحدا من الضفة الغربية ومَن تجده يكون عمره أكثر من 50 عاما".
وعن برنامج الاعتكاف، قال: "نقيم صلاة الفجر، ومن ثم يكون درس للقرآن، ومن ثم صلاة الضحى".. وتابع: "ولاحقا، هناك درس للقرآن تجويد مع تفسير، ومن ثم ننام حتى موعد صلاة الظهر، ومن ثم حلقة علم".
وبعدها "يقوم أحد أفراد المجموعة بالتوجه إلى السوق من أجل مشتريات احتياجات الإفطار والسحور، ولاحقا صلاة العصر، ويليه تحضير الطعام، وأيضا الدعاء والأذكار"، حسب مصاروة.
وأضاف: "تكون الفترة ما بين المغرب والعشاء استراحة للطعام والحلويات، ومن ثم العشاء والتراويح، وبعدها ننام حتى ما بعد منتصف الليل، حيث تجرى صلاة التهجد، ومن ثم السحور والاستعداد لصلاة الفجر".. وأردف: "نعد إفطارنا بأنفسنا ونوزع بعض الطعام".
وتقدم دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس وجبات إفطار لآلاف المصلين في المسجد الأقصى يوميا.
ووفق معطيات الدائرة، شهد العام الجاري انخفاضا في أعداد المصلين؛ جراء منع السلطات الإسرائيلية فلسطينيي الضفة من الوصول إلى القدس.
وتكاد تقتصر الصلاة على سكان القدس الشرقية وفلسطينيي الداخل وعشرات من مسلمي بريطانيا وجنوب إفريقيا وتركيا وغيرها من البلدان الذين وصلوا إلى المدينة للصلاة في المسجد الأقصى.
ورغم فرحة مصاروة بالاعتكاف في المسجد الأقصى، إلا أنه يشعر بالألم بسبب ما يجري في قطاع غزة.
مصاروة قال: "قلوبنا مع إخواننا في غزة ونحن نتألم وقلوبنا تعتصر ألما على ما يحدث مع إخواننا في غزة والضفة الغربية، قبل أن يضيف: "لا توجد فرحة، نحن نفرح بطاعة الله والرباط بالمسجد الأقصى، ولكن تبقى هناك غصة على ما يحدث لشعبنا، ونسأل الله أن يفرج عنا".
وتابع: "رسالتنا إلى العالم الإسلامي بأن الأقصى وقف للأمة الإسلامية، وهو بيت الله، وسيبقى وإن شاء الله يتحرر"، مُردِفاً: "بقي الصليبيون 99 عاما هنا وانتهى احتلالهم، وبالتالي فإن هذا البلد لا يبقى فيه ظالم، وإن شاء الله تفتح الأبواب لجميع المسلمين في العالم للصلاة هنا".
ويؤكد الفلسطينيون أن إسرائيل تكثف إجراءاتها لتهويد مدينة القدس الشرقية، بما فيها المسجد الأقصى، وطمس هويتها العربية والإسلامية، عبر جرائم بينها الاستيطان والتهجير.
ويُسمح بالاعتكاف المقيد في المسجد الأقصى في الأيام العشرة الأواخر من شهر رمضان، ويحاول البعض الاعتكاف بدءا من أول الشهر لكن الشرطة الإسرائيلية تمنعهم وتطردهم بالقوة.
وقال قتيبة تايه (27 عاما)، وهو بيطري من مدينة قلنسوة (شمال): "هذه المرة الثانية التي اعتكف فيها بالمسجد الأقصى، بالمرة الأولى اعتكفت لمدة 3 أيام، أما هذه المرة فالعشر الأواخر كاملة".
وأضاف: "نصلي الصلوات في وقتها ونقرأ القرآن والأذكار ونقوم الليل"، وبحزن تابع: "منعوا أهل الضفة الغربية من الدخول إلى القدس".
وأردف: "وبالتالي فالغالبية العظمى من الداخل الفلسطيني وبعض المسلمين من بريطانيا وجنوب إفريقيا".
وعن رسالته لسكان غزة قال: "الله يفرج همهم".
0 تعليق