كتب عيسى سعد الله:
لم يتردد المواطن محمود العطار في تفكيك خيمته، صباح أمس، المقامة بالقرب من مجمع أبو خضرة الحكومي وسط حي الرمال بمدينة غزة، وتحميلها ومقتنياته على عربة يجرها حصان، عائداً إلى منطقة سكناه في شمال غربي بلدة بيت لاهيا، شمال قطاع غزة.
لم يأبه العطار بالمخاطر الجسيمة المترتبة على عودته إلى منطقته القريبة من الحدود مع الخط الأخضر، والتي صنفها جيش الاحتلال منطقة قتال خطيرة، وأنذر سكانها بإخلائها فوراً قبل ثمانية أيام.
وبرر العطار مغادرته المنطقة إلى قسوة الحياة، وعدم قدرة عائلته على التأقلم بسبب ضيق المساحة المتاحة، وعدم توفر الحد الأدنى من الراحة ومتطلبات الحياة.
وأوضح العطار أنه مع عدد من أقاربه وسكان الحي قرروا، ليلة أول من أمس، العودة إلى منطقتهم مهما كانت النتائج.
واعتبر أن المخاطر التي يواجهها في حياة النزوح لا تقل خطورة عن المخاطر المترتبة على تواجده في منطقة سكناه في حي العطاطرة.
وبيّن العطار أن وجوده في أرضه يمنحه حيزاً وهامشاً كبيراً من التحرك والعمل، عدا توفر إمدادات المياه بشكل أفضل.
أما المواطن هشام مزيد فلم يتردد هو الآخر في فك الخيمة ومغادرة أرض السرايا، عائداً بعائلته الكبيرة إلى منطقة عزبة عبد ربه في جباليا، بعد خمسة أيام على إخلائها.
ووصف مزيد تجربة النزوح الجديدة بالقاسية بسبب انحسار المساحات المتاحة له لنصب خيمته الصغيرة. وقال: إن زوجته وأبناءه يفضلون مخاطر تواجدهم في منطقتهم التي تبعد عن الحدود نحو 1500 متر، على التواجد في منطقة النزوح الجديدة بسبب انعدام الخصوصية بشكل كامل، وعدم توفر الحد الأدنى من مقومات الحياة.
وشوهدت العشرات من العربات التي تجرها الحيوانات تنقل العوائل في طريق عودتها إلى مناطقها التي أخلتها، خاصة في بلدتَي بيت حانون وبيت لاهيا.
وقال المواطن إبراهيم الكفارنة، الذي استقل وأفراد عائلته عربة يجرها حصان للعودة إلى منزله المدمر جزئياً في بيت حانون: إن عدداً من ساكني البلدة الذين لم ينزحوا منها أبلغوه بأن الوضع الأمني مقبول.
وأوضح الكفارنة أن العديد من مواطني البلدة قرروا العودة فوراً والتخلص من حياة النزوح الجديدة، التي وصفها بالأصعب نظراً لندرة الأماكن المتاحة للإقامة فيها، مشيراً إلى أنه قضى وقتاً طويلاً في البحث عن قطعة أرض فارغة لنصب عدة خيام له ولعدد من أقاربه، الذين نزحوا مطلع الأسبوع الماضي، تحت القصف الإسرائيلي.
ويعود المواطنون إلى شمال قطاع غزة تحت وطأة استمرار العدوان الإسرائيلي في المنطقة، وتوغل محدود لقوات مدرعة، تنفذ وبشكل متقطع عمليات تجريف وتدمير وتفخيخ لعشرات المنازل والمنشآت القائمة، وبشكل خاص في قرية أم النصر أقصى شمال بيت لاهيا.
وتسمع في جميع أرجاء محافظتَي غزة والشمال أصوات انفجارات شديدة ناتجة عن عمليات التدمير والنسف.
وعلّق الكفارنة على الانفجارات التي دوت خلال رحلة عودته إلى بيت حانون بالقول: إن الخطر قائم في كل مكان بغزة، وفي مقدمتها خيام النازحين، مذكراً بقصف الاحتلال للخيام بشكل يومي في أكثر من مكان.
وأشار إلى أن الإقامة في أي مكان شمال قطاع غزة أصبحت تنطوي على مجازفة ومخاطرة كبيرة، ومن الأفضل تكون هذه المجازفة في مسقط رأسه.
0 تعليق