"الأيام" ترصد مشاهد جديدة من العدوان المتواصل على غزة - زاجل الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

 

كتب محمد الجمل:


واصلت "الأيام" نقل مشاهد جديدة ومتنوعة، من قلب الحرب والمعاناة في قطاع غزة، منها مشهد تحت عنوان: "شهر على تجدد العدوان"، ومشهد آخر يُوثق عمليات التدمير الواسعة في رفح، ومشهد ثالث يُسلّط الضوء على مخاوف المواطنين من إقامة الاحتلال محاور فصل جديدة في القطاع.

 

شهر على تجدد العدوان
صادف يوم أمس مرور شهر كامل على تجدد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث اتسمت عودة الهجمات بالعنف والوحشية، واستهداف المدنيين بشكل غير مسبوق.
ومنذ الثامن عشر من شهر آذار الماضي، استخدم الاحتلال أساليب قتل أكثر فتكاً، عبر قصف التجمعات بصواريخ وقنابل كبيرة، يصل أوزان بعضها إلى 1000 كيلوغرام، إضافة إلى استخدام المُسيّرات في ملاحقة وقتل المواطنين، وقصف التجمعات السكنية بقذائف مدفعية من العيار الثقيل، بينما عمّق الاحتلال عمليات الإخلاء لمناطق واسعة في القطاع، وصلت إلى حد إخلاء محافظة رفح بالكامل.
وقال المواطن عبد الله رضوان، من سكان شرق خان يونس، جنوب القطاع، إنه ومنذ اللحظات الأولى لتجدد العدوان قبل شهر، لم يعش وعائلته لحظة من الراحة أو الأمان قط، ويشعر بأن ما يحدث منذ 30 يوماً شيء مختلف عمّا كان يحدث قبل التهدئة، فالعنف والجرائم الإسرائيلية بلغت ذروتها، وسلاح التجويع يُستخدم بطريقة غير مسبوقة.
وأشار رضوان إلى أن أسوأ ما حدث هو التهدئة الأخيرة، التي كانت إسرائيل تهدف من ورائها إلى خداع الفلسطينيين، وجمعت في فترة التهدئة معلومات استخباراتية، وكونت بنك أهداف جديداً، ووضعت خطط إبادة أوسع، وأراحت قواتها، لتعود إلى القتل والتهجير بوتيرة عنيفة، كما يحدث حالياً، لذلك فإن الهدنة المؤقتة يجب أن تكون خياراً مرفوضاً بشكل كلي، فإما إنهاء الحرب، أو استمرارها.
بينما قال المواطن سعيد الملاحي، من سكان مدينة رفح، جنوب قطاع غزة، وهو نازح يعيش في خان يونس، إن أسوأ ما كان يخشاه سكان رفح حدث في الجولة الجديدة من العدوان المُستمر منذ شهر، وهو إخلاء المدينة بالكامل من سكانها، واحتلالها، والإعلان عن تحويلها إلى منطقة عازلة.
وأكد الملاحي أن سكان قطاع غزة عامة وسكان مدينة رفح على وجه الخصوص، يعيشون أسوأ فصول الحرب والجوع والتهجير منذ تجدد العدوان، وأن هناك مئات الآلاف من المواطنين لا يجدون مأوى، ولا طعام، ولا ماء، ويعانون الأمرّين في رحلات نزوح لا تتوقف.
ولفت إلى أن كل المؤشرات الحالية تؤكد أن القادم أسوأ، وأن وتيرة العدوان ستتصاعد، فالاحتلال عازم على تدمير غزة وتهجير سكانها، ولا يوجد حل سوى صمود وثبات أهل غزة، من أجل إفشال هذه المؤامرات الخطيرة.

 

ماذا يحدث في رفح؟
مازالت مدينة رفح الواقعة جنوب قطاع غزة، تخضع لعدوان إسرائيلي واسع وشامل منذ الأول من شهر نيسان الجاري، ويعيش جميع سكانها البالغ عددهم نحو 270 ألف نسمة، خارجها، وسط أوضاع قاسية، في ظل النزوح، والجوع، والخوف.
ويسعى نازحو رفح المتواجدون حالياً في مواصي خان يونس، إلى الحصول على أية معلومة عن المدينة، خاصة عن مصير منازلهم التي تركوها مُكرهين في المدينة.
وبات هناك مصدران للأخبار التي تصل من رفح، لا ثالث لهما، الأول من صور الأقمار الصناعية، وهي غالباً خدمات مدفوعة، وتظهر للمواطنين بقع الدمار، ويمكن أن يعرف صاحب البيت إن كان منزله مازال قائماً أو جرى تدميره، والثاني من خلال صور ومقاطع فيديو ينشرها جنود الاحتلال من داخل رفح، وغالباً ما تنقل مشاهد التدمير الحاصل، حيث يتفاخر الجنود وهم يدمرون المدينة.
وبيّن المواطن خليل عبد الله من سكان حي الزهور شمال رفح، أنهم غادروا منزلهم مُجبرين في 31 آذار الماضي، ويعيشون حالياً في مواصي خان يونس، ومنذ ذلك اليوم لا يعلم عن بيته أو المنطقة بأسرها أي شيء، حتى فوجئ قبل يومين بمقطع فيديو يتم تداوله على منصات التواصل الاجتماعي، يبدو أن مصدره أحد جنود الاحتلال، ويظهر الجنود وهم يتواجدون داخل أحد المنازل، وقد تعرف على البيت وهو بيتهم، موضحاً أن المقاطع التي شاهدها تُظهر سيطرة الاحتلال على المنزل، وتحويله إلى ثكنة عسكرية، وهذا أمر سيئ للغاية، ففي العادة يتم تدمير المنازل التي يمكث فيها الجنود بمجرد إخلائها.
في حين قال المواطن محمود أبو جزر، وهو من سكان رفح ونازح حالياً في مواصي خان يونس، إن كل ما يعرفه عن رفح حالياً يتمثل في صوت الانفجارات الضخمة، وسُحب الدخان الكثيفة التي تتصاعد من قلب الأحياء والمنازل، ويستطيع بسهولة تحديد مكان الانفجارات من خلال معرفته المسبقة بجغرافية رفح، لكنه لا يستطيع وغيره من المواطنين دخول المدينة، التي تحولت بالكامل إلى ثكنة عسكرية.
وأعلن جيش الاحتلال، السبت الماضي، عن استكماله فتح "محور موراغ" وسبق ذلك ما كشفته صحيفة "هآرتس" العبرية مؤخراً، أن الجيش يستعد لضم منطقة رفح التي تشكل خمس أراضي قطاع غزة "للمنطقة الأمنية العازلة" التي يُحظر على الفلسطينيين الوصول إليها.
وقال رئيس بلدية رفح، أحمد الصوفي، تعقيباً على احتلال رفح: "إن تاريخ رفح يمتد لخمسة آلاف عام، وجغرافياً تربط الشرق بالغرب، وقد مر عليها الرومان والفراعنة والآشوريون، وكل المستعمرين، وذهب الجميع وبقيت رفح شامخة".

 

محاور فصل جديدة
يواصل الاحتلال توسيع سيطرته بشكل تدريجي على مناطق جديدة في قطاع غزة، من خلال شن عمليات برية في بعض المناطق، وإجبار المواطنين على النزوح عن منازلهم.
وبدأت العمليات البرية في مناطق شمال وجنوب قطاع غزة بشكل متزامن، ثم انتقلت إلى مناطق شرق مدينة غزة، وسط تهديدات إسرائيلية بتوسيع تلك العمليات، لتشمل المزيد من المناطق.
ووسط هذا الزخم الكبير في تحرك جيش الاحتلال على الأرض، أعرب مواطنون عن مخاوفهم من تحويل تهديدات الاحتلال بتجزئة قطاع غزة إلى مناطق معزولة، وإقامة محاور جديدة إلى واقع.
ووفق محللين فإن جيش الاحتلال يعمل على تقسيم قطاع غزة إلى 5 مناطق عبر 5 محاور، تطبيقاً لخطة وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، لتصبح المناطق أشبه بـ"جزر معزولة" عن العالم الخارجي وعن بعضها البعض، وهي محور جباليا "ميفلاسيم" الذي يمتد من كيبوتس "ميفلاسيم" شرقاً حتى بحر السودانية غرباً، ويفصل بلدتي بيت لاهيا وبيت حانون ومخيم جباليا، عن مدينة غزة.
والمحور الثاني "محور نتساريم" الذي يمتد من كيبوتس "بئيري" شرقاً حتى حي الشيخ عجلين على شارع الرشيد غرباً، ويفصل مدينة غزة والشمال عن وسط وجنوب القطاع.
أما المحور الثالث الذي يُخطط الاحتلال لإنشائه، هو محور "كيسوفيم" الذي يمتد من موقع "كيسوفيم" العسكري شرقاً حتى مواصي خان يونس غرباً، ويستخدم لتسهيل حركة وتنقلات جيش الاحتلال.
هذه المحاور كلها قد تُضاف إلى محور "موراج" الذي يواصل جيش الاحتلال إقامته، ويمتد من كيبوتس "نير يتسحاق" شرقاً حتى مواصي خان يونس غرباً، ويفصل محافظة رفح عن قطاع غزة بالكامل. إضافة إلى المحور الخامس، وهو محور صلاح الدين "فيلادلفيا" الذي يمتد من موقع كرم أبو سالم شرقاً، وحتى مواصي رفح غرباً، ويفصل قطاع غزة كلياً عن مصر.
ولم يستبعد المحلل السياسي طلال أبو ركبة، أن يكون احتلال رفح، وإنشاء محور "موراغ"، هو بداية فعلية لتطبيق خطة الأصابع الخمسة (الجزر السكانية)، والتي تحول قطاع غزة إلى مناطق معزولة، تفصلها محاور، وهو تمهيد أولي لتحويل التهجير إلى إجراءات عملية قابلة للتحقق.

 

0 تعليق