هل تثبّت عملية القسام شرقي خان يونس قواعد المرحلة المقبلة؟ - زاجل الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

غزة – كشفت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) تفاصيل عملية نوعية نفذتها صباح اليوم الأربعاء ضد قوات الجيش الإسرائيلي جنوب شرق خان يونس، أغارت فيها على موقع مستحدث للجنود بقوة قسامية قوامها فصيل مشاة.

وتتزامن العملية المركبة التي انتهت بتفجير استشهادي نفسه في مجموعة من الجنود، مع مصادقة وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس على الخطط العملياتية لاحتلال غزة، وفرض سيطرة الجيش الأمنية على القطاع.

وتشير التفاصيل الميدانية إلى تخطيط وتنفيذ محكمين للعملية في منطقة يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي منذ عدة أشهر، مما يرسم سيناريو المواجهة المباشرة بين المقاومة الفلسطينية وجنود الاحتلال خلال الفترة المقبلة.

حدث غير مسبوق

ونفذت كتائب القسام عمليتها العسكرية في بلدة الفخاري الواقعة في المناطق الشرقية بين محافظتي خان يونس ورفح جنوبي قطاع غزة، على بعد أقل من كيلومترين من الحدود الشرقية للقطاع، أي في المساحات التي حوّلها الاحتلال إلى مناطق عازلة في وقت مبكر منذ اندلاع الحرب على غزة.

وبحسب المصادر الميدانية التي تحدثت للجزيرة نت، فإن المنطقة التي تمت فيها العملية اتبعت فيها قوات الاحتلال سياسة الأرض المحروقة، مما جعلها تستبعد أن تشكل أي خطر تجاههم أو تكون منطلقا لتنفيذ عمليات ضد الجيش المتمركز هناك.

ولفتت المصادر الميدانية إلى أن مشاركة فصيل مشاة كامل في العملية يعني أن ما بين 15 و20 مقاتلا شاركوا فيها، مما يعكس دقة وحجم التخطيط، بغية تحقيق أهداف كبيرة سواء على صعيد قتل عدد كبير من الجنود أو أسر بعضهم.

وترجح المصادر ذاتها أن كتائب القسام لا تزال تحتفظ بأنفاق هجومية في المناطق التي يسيطر عليها جيش الاحتلال، رغم كل محاولاته تحييدها.

وفي التفاصيل التي نشرتها كتائب القسام، فإن مجاهديها اقتحموا الموقع واستهدفوا عددا من دبابات الحراسة من نوع "ميركافا 4" بعبوات الشواظ والعمل الفدائي وقذائف "الياسين 105″، ومن ثم استهدفوا عددا من المنازل التي يتحصن بداخلها جنود الاحتلال لتثبيتها بـ6 قذائف مضادة للتحصينات والأفراد ونيران الأسلحة الرشاشة.

إعلان

وقالت بيان القسام إن مجاهديها اقتحموا المنازل وأجهزوا بداخلها على عدد من جنود الاحتلال من المسافة صفر بالأسلحة الخفيفة والقنابل اليدوية، وقنصوا قائد دبابة "ميركافا 4" وأصابوه إصابة قاتلة، وقصفوا المواقع المحيطة بمكان العملية بقذائف الهاون لقطع الإمدادات، كما استهدفوا موقع العملية بقذائف الهاون لتأمين انسحاب المجاهدين من المكان.

وأشارت القسام إلى أنه فور وصول قوة الإنقاذ الإسرائيلية، فجّر أحد الاستشهاديين نفسه في الجنود وأوقعهم بين قتيل وجريح، واستمر الهجوم لعدة ساعات، رصدوا خلاله هبوط الطيران المروحي للإخلاء.

ووصفت قناة "كان" العبرية الحدث بغير المسبوق بعد عامين من الحرب، مرجحة أن تكون المجموعة المنفذة استخدمت فتحة نفق قرب موقع للجيش. واعتبرت أن الهجوم المنظم هدفه التسلل إلى الموقع وحتى أسر جنود.

رسائل للجميع

ويعكس الهجوم منظومة تكتيكية متكاملة، وقدرات ميدانية شملت اقتحام موقع وتثبيت جنود وتعطيل قوات النجدة ومن ثم انسحاب المهاجمين، كما يقول الكاتب والمحلل السياسي وسام عفيفة.

واعتبرعفيفة، في حديثه للجزيرة نت، أن استهداف موقع مستحدث يعني أن الجيش يوسع تموضعه في المناطق التي يوجد بها، وفي الوقت ذاته فإن المقاومة اختبرت المنظومة قبل ترسّخها، وضربت فرضية أن إعادة "الانتشار الموضعي" ستؤمّن تحكّما سلسا بالميدان.

وفي دلالات التوقيت، يرى عفيفة أن العملية جاءت قبل ساعات من اجتماع الكابينت للرد على موافقة حماس على المقترح المصري القطري، لتُرسل ثلاث رسائل:

للداخل الفلسطيني: القبول بالمسار السياسي لا يعني تراجع الفعل المقاوم. لإسرائيل: كلفة الذهاب للجولة التالية مرتفعة ميدانيا حتى في استحداث نقاط جديدة. للوسطاء: لا فراغ أمنيا في الميدان، وأوراق الضغط العسكرية لا تزال فعّالة.

ويرى عفيفة أن عملية القسام تلقي بانعكاسات سياسية، أبرزها تغذية انقسام القرار داخل إسرائيل حيث تمنح العملية المؤسسة العسكرية ذريعة إضافية للتحذير من توغّل طويل ومكلف في قطاع غزة، وتدفع ما أسماهم بصقور الحكومة الإسرائيلية للمزايدة بالرد، مما يفاقم مأزق نتنياهو بين كلفتي الاستمرار بلا صفقة، أو قبول تهدئة ينظر إليها بالتنازل.

ويعتقد الكاتب السياسي أن أي هجوم نوعي قبل اجتماع الحسم يرفع منسوب احتجاجات العائلات، التي تتهم الحكومة بتعريض ذويها للخطر بدل إقرار الصفقة، مما سُجّل علنًا في الساعات الأخيرة.

وشدد عفيفة على أن مثل هذه الهجمات ترفع ثمن رفض الصفقة أمام الكابينت، وتؤكد أن تثبيت تهدئة مؤقتة قد يكون أقل كلفة من محاولة فرض حسم بالقوة في بيئة حضرية تُظهِر مقاومة مرنة.

 

تعدد الأهداف

ويقرأ الباحث في الشأن الأمني والعسكري رامي أبو زبيدة تفاصيل العملية المركبة بأنها هجوم ميداني منظم طال أكثر من هدف في وقت واحد، مستخدما أسلحة وأساليب متعددة، مما يعكس عزم المقاتلين على إيقاع أكبر خسائر ممكنة في صفوف الجيش الإسرائيلي حتى مع تدخل قوات الإنقاذ.

إعلان

وقال أبو زبيدة، في حديث للجزيرة نت، إن حجم الهجوم المعقد ونوعيته بعد مرور عامين من الحرب المتواصلة، والذي يأتي في ظروف يفترض أن تكون فيها قدرات المقاومة منهكة، يؤكد أن البنية القتالية للمقاومة لا تزال فعالة وقادرة على المبادرة.

وأكد الباحث أبو زبيدة أن العملية النوعية لكتائب القسام تحمل رسائل ودلالات عديدة أبرزها:

المقاومة لا تعمل بعشوائية وإنما بمنهجية قتال متكاملة استخدمت فيها أسلحة متعددة (مضاد دروع، قنص، مشاة، هاونات، تفجير استشهادي). أربكت العملية الجيش الإسرائيلي سواء من حيث سقوط خسائر مؤكّدة أو حتى من حيث دفعه لتخصيص جهد مضاعف لمعالجة الموقف عبر تدخل جوي ومروحي كثيف.  بعثت برسالة إستراتيجية مفادها أن المقاومة قادرة على الوصول إلى عمق التحصينات وخوض قتال مباشر، رغم السيطرة الجوية والتكنولوجية الإسرائيلية، مما يضعف من سردية "الأمن الكامل" التي يحاول جيش الاحتلال ترويجها.  يترك مشهد سقوط قتلى وجرحى من مسافة صفر، وتفجير استشهادي وسط قوات الإنقاذ، أثرا عميقا على معنويات الجنود، ويترجم على المستوى السياسي بزيادة الضغط على القيادة الإسرائيلية التي وعدت بإنهاء خطر غزة.  تعد العملية نموذجا متجددا لعقيدة الاستنزاف الهجومي التي تطوّرها المقاومة وتبعث برسالة للجيش الإسرائيلي أن لا مكان آمنًا في قطاع غزة.

0 تعليق