عاجل

"أطفال سيفورا".. ما لا تعرفينه عن خطر روتين العناية بالبشرة على الصغار - زاجل الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في مقطع فيديو قصير، تظهر طفلة لا يتجاوز عمرها عشر سنوات وهي تستعرض مجموعة من مستحضرات التجميل الفاخرة، شارحة لمتابعيها روتينها اليومي للعناية بالبشرة بخبرة لا تختلف كثيرا عن خبرات البالغين. وفي مقطع آخر، تعرض أدوات مكياج لا تتناسب إطلاقا مع عمرها.

هذه المشاهد ليست معزولة، بل تمثل جزءا من موجة أوسع أطلق عليها مستخدمو منصات التواصل اسم "أطفال سيفورا" –في إشارة إلى سلسلة متاجر مستحضرات التجميل الشهيرة– وتشير إلى الأطفال بين 7 و12 عاما ممن يتبنون اتجاهات تجميلية لا تتلاءم مع أعمارهم.

ووفقا للإحصاءات، أنفق "جيل ألفا" خلال عام 2023 نحو 4.7 مليارات دولار على منتجات التجميل، مدفوعا بتيارات تنتشر على الشبكات الاجتماعية، حيث تدفع الخوارزميات بالمحتوى التجميلي إلى الواجهة كلما ارتفع التفاعل معه.

Mother and child having fun during skin care routine. Happy beautiful mommy and pretty little daughter sitting at beauty table, enjoying self care, applying face cream and having good time together
يحذّر الأطباء من خطورة استخدام منتجات مخصّصة للبالغين على بشرة الأطفال الحساسة (شترستوك)

ضغوط الأقران أصبحت رقمية

لطالما لعبت المعايير الاجتماعية وضغوط الأقران دورا في تشكيل عادات الاستهلاك. الجديد اليوم أن هذه الضغوط لم تعد مقتصرة على زملاء المدرسة أو النادي، بل امتدت إلى مئات "الأقران الافتراضيين" عبر الإنترنت، ما يجعل الطفل أكثر عرضة للتأثر.

وفي مواجهة هذا المدّ الرقمي، يجد العديد من الأهل أنفسهم تحت ضغط تلبية رغبات أطفالهم، ظنا منهم أنهم يدعمون استقلالهم، بينما الحقيقة أن الأطفال في هذه السن الصغيرة لم يبلغوا بعد مستوى النضج الكافي، ليصبحوا فريسة سهلة لشركات التجميل.

ومع تزايد حضور محتوى التجميل على المنصات الرقمية، لم تعد مستحضرات التجميل مجرد وسيلة لتحسين المظهر، بل تحولت إلى أداة للتعبير عن الذات، حيث يختلط مفهوم الهوية الشخصية بالهوية الرقمية، ويصبح الاستهلاك جزءا من تشكيل الذات.

تحولات تسويق الجمال تطال الصغار

قبل عقود، كان وضع القليل من أحمر الشفاه من حقيبة الأم في المناسبات مجرّد "مزحة بريئة". أما اليوم، فقد أصبح امتلاك منتجات تجميل واتباع روتين معقّد للعناية بالبشرة حاجة مُلِحّة حتى للأطفال.

إعلان

ويبدو أن وسائل التواصل الاجتماعي ألغت الحواجز العمرية التي طالما حكمت سوق التجميل. فحتى أربعينيات القرن الماضي، كانت الحملات التسويقية موجهة أساسا للنساء البالغات، ثم توسعت لتشمل منتجات للمراهقين مثل علاجات حب الشباب. ثم ظهرت لاحقا خطوط تجميلية خاصة بالأطفال بمكونات مخففة. أما الآن، فلم يعد غريبا أن يبحث طفل في العاشرة عن منتجات مضادة للشيخوخة.

وتستفيد الشركات من هذه الظاهرة بتكوين ولاء مبكر للعلامات التجارية، رغم تصريحاتها الرسمية بأن منتجاتها ليست مخصصة للصغار. لكن الواقع في رفوف المتاجر يشي بغير ذلك، حيث تُعرض مستحضرات بألوان زاهية ورسوم كرتونية تجذب الأطفال مباشرة.

Close up of young smiling Arabian mother in hijab, applying moisturizing lotion or cream on her cute daughter face, sitting on sofa at home. Children skin care and hygiene concept.
أنفق "جيل ألفا" خلال عام 2023 نحو 4.7 مليارات دولار على منتجات التجميل مدفوعا بتيارات تنتشر على الشبكات الاجتماعية (شترستوك)

ماذا يقول أطباء الجلدية؟

يحذّر الأطباء من خطورة استخدام منتجات مخصّصة للبالغين على بشرة الأطفال الحساسة، إذ تحتوي على مكوّنات نشطة قوية مثل الريتينول، وفيتامين سي، والأحماض المقشّرة (ألفا وبيتا هيدروكسي، وحمض الساليسيليك). هذه المكوّنات، التي قد تفيد بشرة البالغين، قد تسبب للأطفال تهيجات جلدية، أو إضعاف الحاجز الجلدي، أو زيادة القابلية للإصابة بالتهابات الشمس.

ويؤكد الأطباء أن علاج مشكلات مثل حب الشباب يجب أن يتم باستشارة طبيب مختص، لا عبر شراء منتجات تجارية شائعة قد تضر أكثر مما تنفع.

ولا تتوقف المخاطر عند الجانب الصحي فقط، بل تشمل أيضا التأثيرات النفسية. فربط قيمة الذات بالمظهر الخارجي وعدد الإعجابات والمشاهدات على المنصات قد يؤدي إلى تراجع الثقة بالنفس أو ظهور اضطرابات لاحقة مرتبطة بصورة الجسد.

كيف نحميهم من "الجمال المبكر"؟

يقر الخبراء بصعوبة منع الأطفال كليا من التعرض للمحتوى الرقمي، في ظل الانتشار الواسع للأجهزة الذكية. لكنهم ينصحون بتأخير تعرّض الطفل المفرط للمنصات قدر الإمكان، مع توعيته بالفارق بين الإعلان والمعلومة، وتشجيعه على بدائل من الهوايات والأنشطة التي تقلل من اعتماد الهوية على الاستهلاك.

كما يوصون بالاكتفاء بمنتجات عناية مناسبة لأعمارهم، تقتصر على منظف لطيف، ومرطب طبي بسيط، وواقي شمس صباحي، مع التأكد من خلو هذه المنتجات من أي مكونات قد تؤثر على الغدد الصماء أو تعيق النمو الطبيعي.

والأهم من ذلك، تعليم الأطفال أساسيات العناية بالبشرة بشكل صحي وبسيط، بعيدا عن فخ التسويق المكثف الذي يستهدفهم في سن مبكرة.

0 تعليق