عاجل

شهلا العجيلي تكشف عن المصدر الحقيقي لأربع عشرة حكاية من "ألف ليلة وليلة"! - زاجل الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

 

كتبت بديعة زيدان:

 

أضاءت الروائية السورية شهلا العجيلي على جوانب خفية من تاريخ مدينة حلب العريق، كاشفة النقاب عن رحلتها الإبداعية في تأليف روايتها الجديدة "غرفة حنّا دياب"، التي تتمحور حول شخصية تاريخية أُسقطت طويلاً من ذاكرة الأدب العالمي.
جاء ذلك في حوارية معها، احتضنتها قاعة سينما "الرينبو" في العاصمة الأردنية عمّان، مساء أول من أمس، بتنظيم من "سلسلة نادي الكتاب"، حاورتها فيه أمواج أبو حمدة.
وفي الحوارية كشفت العجيلي، عن شخصية حنّا دياب، الحلبي الذي كان المصدر المجهول لأشهر حكايات "ألف ليلة وليلة"، لافتة إلى أن شرارة روايتها انطلقت في العام 2019، حيث علمت أن عديد الباحثين أكدوا في العام 2017 أن حنّا دياب كان المصدر الحقيقي لأربع عشرة حكاية من أشهر حكايات "ألف ليلة وليلة"، من بينها: "علاء الدين"، و"علي بابا".
وأضافت: حنّا دياب صوت أصيل من حلب، استمع إليه العالم كله عبر حكاياته، لكن صوته الحقيقي كان مغيباً.. مهمتي كروائية إظهار هذه الأصوات الغائبة والإعلام بها. شعرتُ أنني حصلت على كنز، وبدأت رحلة بحث عن مخطوطته ومن ثم رحلته إلى باريس، واكتشفت عالماً كاملاً يستحق أن يُروى (...) كون أن الحكاية اكتشف حديثاً، شعرتُ أن من واجبي الأدبي والإنساني أن أقدم هذا الرجل الذي استمتع العالم بحكاياته دون أن يعرفه.
وبدأت العجيلي رحلة بحث مضنية لتتبع خطوط حياة دياب، من مخطوطته الأصلية المكتوبة بلهجة حلبية قديمة، إلى الوثائق التي تشير إليه في مكتبة الفاتيكان وعلاقته بالمستشرق الفرنسي أنطوان جالان والمبعوث الفرنسي بول لوكاس، مشيرة إلى أن "حنّا دياب كان أكثر من مجرد راوٍ"، فهو "شاب ماروني من حلب، سافر إلى باريس، ودخل قصر فرساي، وحلم بأن يصبح أمين مكتبة الفاتيكان، ليكتشف أن الأوروبيين، رغم كل شيء، يعاملون الشرقيين كمِلّة واحدة".
وقالت العجيلي: هذه ليست المرة الأولى التي أكتب فيها عن حلب، لكنني هذه المرة أفردت الرواية كلها للمدينة دون تقاطعات جغرافية أخرى.
ورغم أهمية الكشف كمتكأ للرواية، فإن "غرفة حنّا دياب" لم تقتصر على استعادة تاريخ المدينة القديم فحسب، بل تدور زمنين: حلب في القرن الثامن عشر، وحلب تحت نيران الحرب المعاصرة، في نقاش لمعنى الهوية، وتأثير الحروب على الإنسان والمكان.
وحول ذلك، فصّلت: الخيط هو حلب نفسها، وهي الضحية في كلا الزمنين.. أردتُ أن أظهر كيف أن الحروب، مهما اختلفت أسبابها وأدواتها، تفعل فعلها المدمر ذاته بالمدن العامرة وبالبشر.. في القرن الثامن عشر، كانت هناك أطماع وصراعات سياسية وطائفية، وفي العصر الحديث، شهدنا حرباً دمرت الحجر والبشر.. أردت أن أقول إن ما يحدث ليس جديداً، وأن هذه المدينة العظيمة لطالما كانت مسرحاً لصراعات كبرى.. شخصيات الماضي وشخصيات الحاضر يعيشون التحديات ذاتها، بشكل مختلف: الفقد، والضياع، ومحاولة التمسك بالبصيص من الأمل، وغير ذلك.
وشددت الروائية السورية المقيمة في الأردن، على أن رحلة حنّا دياب إلى أوروبا كانت رحلة لاكتشاف أزمة هويته، حيث التصور النمطي والموحد للآخر هو أصل الكثير من الصراعات.. وفي العصر الحديث، الشخصيات أيضاً تعاني من هذا التخبط، فالحرب الطائفية والسياسية فتتت الهوية السورية الجامعة.
ولفتت العجيلي إلى أن السؤال الذي تطرحه الرواية هو: من نحن؟ هل هويتنا يحددها الدين أم الطائفة أم المدينة أم الوطن؟ وإلى أن الإجابة ليست بسيطة، فالرواية لا تقدم إجابات جاهزة، بل تفتح الباب أمام هذه الأسئلة المؤرقة التي نعيشها جميعاً اليوم.
وبرزت الحوارية كيف أن الرواية تحتفي بالهوية الفسيفسائية لحلب، عبر التركيز على وجود شخصيات سريانية وأرمنية وبخارية وإيطالية جنباً إلى جنب مع الشخصيات الحلبية الأصيلة، وهذا ليس مجرد تنويع، بل تأكيد على أن حلب تاريخياً كانت مدينة عالمية، وهو ما تحاول الصراعات الحديثة طمسه عبر فرض هويات ضيقة ومتقاتلة، كما أن الرواية تقدم "الذاكرة" و"الحكاية" كشكل من أشكال الصمود، فهي في جوهرها بحث عن ذاكرة المدينة المهددة بالضياع، وبهذا المعنى، يصبح فعل الكتابة نفسه فعلاً مقاوماً، ومحاولة لترميم ما حطمته الحرب ليس بالحجارة، بل بالكلمات.
وتمركزت الحوارية حول إعادة الاعتبار التاريخ، عبر تسليط الضوء على الدور المحوري لحنّا دياب في تكوين أدب عالمي مثل "ألف ليلة وليلة"، وثنائية الانهيار والصمود، من خلال استكشاف كيف تنهار المجتمعات والعلاقات الشخصية بالتوازي مع انهيار المدن، وكيف يبحث الأفراد عن سبل للصمود، علاوة على الرؤية النمطية للشرق حيث تطرقت الرواية بذلك، من خلال تجربة حنّا دياب في فرنسا القرن الثامن عشر، دون أن تغفل قوة المرأة الشامية، عبر تقديم نماذج نسائية قوية تتحدى الظروف وتصنع مصيرها بعيداً عن الصور النمطية، وليس انتهاءً بالحديث عن الفن والحكاية كضرورة إنسانية، من خلال التأكيد على أن رواية القصص، هي "حاجة إنسانية أساسية للبقاء".

 

0 تعليق