رام الله - "الأناضول": على مدار 3 أيام، عانى المواطنون في قرية المغيّر شمال شرقي رام الله من انتهاكات الجيش الإسرائيلي والمستوطنين، ورغم ذلك سطّروا نجاحات تروى للأجيال في الصمود وعدم الاستسلام.
الأحد الماضي، انسحب الجيش الإسرائيلي من المغيّر، مخلفاً وراءه دماراً هائلاً بعد 3 أيام على عملية فرض خلالها حصاراً مشدداً على القرية، واعتقل 14 مواطناً بينهم رئيس المجلس القروي أمين أبو عليا، واستجوب أطفالاً، وفق بيان لنادي الأسير.
وبحسب شهادات لعدد من المواطنين، عمل الجيش الإسرائيلي ومستوطنوه على تغيير جغرافية القرية عبر تجريف آلاف الدونمات واقتلاع الأشجار، وشق طرق لخدمة بؤر استيطانية.
وأضافوا: إن ما جرى من عملية عسكرية استمرت 3 أيام، وتبعتها حفريات من قبل المستوطنين، تهدف إلى سرقة أوسع مساحة من الأرض والتضييق على المواطنين، كان يهدف إلى خلق بيئة طاردة ضمن مخطط إسرائيلي لضم الضفة لسيادة إسرائيل.
ونفذ الجيش الإسرائيلي عمليته العسكرية الواسعة في قرية المغيّر بعد ادعائه بتعرض مستوطن لإطلاق نار قرب القرية، الخميس الماضي، ما أدى لإصابته بجروح "طفيفة".
وخلال العملية اقتلع الجيش نحو 12 ألف شجرة زيتون ولوز، وجرف أراضي، واعتقل عدداً من المواطنين وفتش منازلهم مخلفاً أضراراً كبيرة فيها.
ورغم انسحاب الجيش، الأحد الماضي، إلا أن مستوطنين يواصلون شق طرقات في القرية لربط بؤر استيطانية بعضها ببعض ومصادرة أكبر مساحة من الأرض.
الأرض المحروقة
وفي هذا الصدد، قال مدير مكتب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في وسط الضفة، صلاح الخواجا: إن إسرائيل "تستخدم سياسة الأرض المحروقة في القطاع وفي مخيمات شمال الضفة، واليوم في قرية المغيّر".
الخواجا أضاف لـ"الأناضول": إنه "ضمن مخطط إسرائيل لضم الضفة، تعمل على حبس الفلسطينيين في معازل والسيطرة على أوسع مساحة من الأرض".
ووفق الخواجا، فإن "ما يجري في بلدة المغيّر انتقام من صمود السكان ومواجهتهم للاحتلال والمستوطنين".
وأشار إلى أن البلدة "شكلت حجر عثرة في مواجهة التوسع الاستيطاني، غير أن الاحتلال منذ بدء حرب الإبادة في غزة يحاول السيطرة على جل أراضي البلدة عبر إقامة 7 بؤر استيطانية".
وتابع: "خلال أيام العدوان على البلدة عملت الجرافات على تحويل أراضيها إلى دمار عبر اقتلاع آلاف الأشجار المثمرة، الأمر الذي أدى إلى فقدان غالبية السكان لمصادر القوة بهدف قتل روح القرية ونضالها".
مجزرة
وعن التغيّر الذي حصل في القرية بعد تلك الاعتداءات، قال الناشط بـ"مقاومة الاستيطان" كاظم الحاج محمد: إن المغيّر فقدت عشرات آلاف الدونمات "من أراضيها لصالح الاستيطان والمناطق المغلقة والعسكرية".
وفي حديثه لـ"الأناضول"، أضاف: "مساحة أراضي المغيّر تبلغ 45 ألف دونم، لم يتبقَّ منها اليوم سوى 9 آلاف".
وأشار إلى أن القرية ومنذ احتلال إسرائيل للضفة عام 1967، تتعرض لهجمة استيطانية، غير أن جلّ الأراضي خسرتها في السنوات الخمس الماضية.
الحاج محمد بيّن أن المغيّر خسرت منذ الخميس الماضي نحو 500 دونم.
وأشار إلى أن 4 تجمعات بدوية هجرت من أراضي المغيّر بعد 7 تشرين الأول 2023 جراء تصاعد اعتداءات المستوطنين.
وبخصوص الخراب الذي خلّفته الجرافات الإسرائيلية، قال: "ما حدث في المغيّر مجزرة حقيقية بحق أشجار الزيتون واللوز، نحو 12 ألف شجرة اقتلعت بحسب التقديرات الأولية".
وتابع: "الاحتلال يدعي أن مستوطناً تعرّض لعملية إطلاق نار في موقع يبعد عن القرية عدة كيلو مترات.. ما الذي يستدعي تنفيذ هذه المجزرة؟".
وأضاف: "ما جرى تم التخطيط له مسبقاً، الاحتلال نفذ مخططاً استيطانياً للسيطرة على أراضي البلدة، وسرقة كل ما هو فلسطيني بحجج مكافحة الإرهاب"، مبيناً أن الهدف الحقيقي تهجير المواطنين.
بدوره، قال عبد اللطيف أبو عليا أحد سكان المغيّر، بينما يتفقد حقله المدمر: "نعيش هجمة شرسة غير مسبوقة استهدفت الحجر والبشر والشجر، تم تنفيذ عمليات اعتقال وتفتيش وتجريف".
وفي حديثه لـ"الأناضول"، أشار أبو عليا إلى أن الجيش الإسرائيلي اقتحم منزله 3 مرات وفتشه وعاث فيه فساداً.
ولفت إلى جرافات إسرائيلية ضخمة تعمل على شق طرق في جبال القرية، وقال: "هذا مخطط يهدف للسيطرة على الأرض وتهجير السكان، الجيش انسحب وترك المستوطن يجرف ويسرق الأرض".
وشكك أبو عليا في ادعاءات الجانب الإسرائيلي بوجود عملية إطلاق نار، وقال: "كل المبررات الإسرائيلية كاذبة، ما يجري لا علاقة له بعملية إطلاق نار.. هذا مخطط احتلالي".
0 تعليق