شهدت أسواق السندات العالمية الخميس، موجة بيع واسعة دفعت بعوائد السندات الحكومية طويلة الأجل في اقتصادات كبرى إلى تسجيل أعلى مستويات لها منذ عقود.
وتعكس هذه التحركات قلقاً متزايداً في أوساط المستثمرين بشأن قدرة البنوك المركزية على السيطرة على التضخم، إلى جانب المخاوف المتعلقة بالسياسات المالية للحكومات.
موجة بيع عالمية ترفع تكاليف الاقتراض
واصلت تكاليف الاقتراض طويلة الأجل ارتفاعها بشكل لافت حول العالم. ففي الولايات المتحدة، تجاوز العائد على سندات الخزانة لأجل 30 عاماً حاجز 5% للمرة الأولى منذ أشهر.
وفي بريطانيا، بلغ العائد على السندات المماثلة أعلى مستوى له منذ عام 1998.
كما امتدت الضغوط إلى أوروبا، حيث سجلت عوائد السندات الألمانية طويلة الأجل أعلى مستوى منذ 14 عاماً، واخترقت السندات الفرنسية حاجزاً لم تصل إليه منذ عام 2008. وفي اليابان، وصلت العوائد إلى مستويات وُصفت بغير المسبوقة، مدفوعة بارتفاع التضخم المحلي.
أسباب متشابكة: من السياسات المالية إلى استقلالية البنوك
يرجع المحللون هذه الموجة من البيع إلى مجموعة من العوامل المترابطة التي أدت إلى اهتزاز ثقة المستثمرين.
وبحسب خبراء "كابيتال إيكونوميكس"، فإن الأسباب الرئيسية تتمثل في ثلاثة محاور:
المخاوف المتعلقة بالمالية العامة: تزايد القلق بشأن قدرة حكومات مثل فرنسا وبريطانيا على إدارة ديونها وخفض العجز المالي.
السياسات النقدية: ضعف الثقة في قدرة البنوك المركزية على كبح التضخم بفاعلية، إلى جانب تصاعد المخاوف بشأن استقلاليتها، لا سيما في الولايات المتحدة.
العرض والطلب: تزامن ارتفاع حجم إصدارات السندات الحكومية مع تراجع إقبال المشترين التقليديين عليها بسبب مخاطر التضخم وأسعار الفائدة.
تحديات اقتصادية وقيود على الحكومات
ويرى محللون أن هذا المشهد، وإن لم يكن أزمة وشيكة، فإنه يمثل تحدياً اقتصادياً كبيراً.
وقال كالوم بيكرنغ، كبير الاقتصاديين في شركة "Peel Hunt"، إن ارتفاع تكلفة التمويل الحكومي "يحد من حرية الحكومات في تبني سياسات مالية مرنة، ويضغط على الاستثمارات الخاصة، ويثير مخاوف تتعلق بالاستقرار المالي".
وأشار إلى أن الحكومات قد تجد نفسها مضطرة لتبني سياسات تقشفية في محاولة لاستعادة ثقة الأسواق وخفض تكاليف الاقتراض.
0 تعليق