حازم بدر
Published On 4/9/20254/9/2025
|آخر تحديث: 18:10 (توقيت مكة)آخر تحديث: 18:10 (توقيت مكة)
تخيل أنك تنظر من بعيد إلى مصباح كبير فتراه يضيء بشكل متجانس، لكن عندما تقترب منه أو تستخدم عدسة قوية تكتشف أن الضوء يأتي من مجموعة مصابيح صغيرة متراصة، هذا ما اكتشفه علماء الفلك عند رصدهم مجرة بعيدة أطلقوا عليها اسم "العناقيد الكونية".
المجرة، التي تكوّنت قبل نحو 930 مليون سنة من الانفجار العظيم، بدت في صور تلسكوب هابل مجرد قرص ناعم يدور بانتظام، لكن بفضل تلسكوب جيمس ويب الفضائي ومصفوفة "ألما" (مجموعة ضخمة من التلسكوبات الراديوية في صحراء أتاكاما في تشيلي)، ومع استخدام ظاهرة عدسة الجاذبية التي تعمل كمكبر طبيعي، ظهرت المفاجأة، وهي أنها عبارة عن أكثر من 15 كتلة ضخمة وكثيفة من الغاز والنجوم المتكونة حديثا، والمرتبة مثل عنقود عنب مضيء.
وعدسة الجاذبية هي ظاهرة فيزيائية تحدث عندما يمر ضوء قادم من جسم بعيد جدا (مثل مجرة أو نجم) بالقرب من جسم ضخم في الفضاء (مثل مجرة أقرب أو ثقب أسود)، فتؤدي الجاذبية القوية للجسم الضخم إلى انحناء مسار الضوء، فيعمل وكأنه عدسة مكبرة طبيعية تسمح برؤية الأجسام البعيدة بشكل أوضح وأكبر مما هي عليه.
ولفهم هذه الظاهرة، تخيل أنك تنظر إلى شعاع ضوء خلف زجاجة ماء ممتلئة، سترى أن الضوء ينكسر ويتشوه، وأحيانا يكبر، ويحدث الشيء نفسه في الفضاء، فالمجرة أو الثقب الأسود يلعبان دور "زجاجة الماء" التي تعطي العلماء فرصة لمشاهدة تفاصيل بعيدة ما كانوا ليستطيعوا رؤيتها بدون هذا "التكبير الطبيعي".
تطور المجرات
ويصف الباحثون هذا الاكتشاف -الذي تم الإعلان عنه في دورية "نيتشر أسترونومي"- بأنه "أحد أوضح الأمثلة على أقوى حالات العدسة الجاذبية"، التي غيرت من نظرة العلماء لطبيعة المجرات الأولى، حيث عمل عنقود المجرات -الذي يعرف باسم "آر إكس سي جيه 0600-2007"- كعدسة مكبرة لمجرة "العناقيد الكونية" الأبعد.
إعلان
ويقول الباحث الرئيسي بالدراسة سيجي فوجيموتو -في بيان صادر عن مرصد ماكدونالد بجامعة تكساس في أوستن- إنه "بفضل هذا التكبير الطبيعي القوي، بالإضافة إلى عمليات الرصد من بعض أكثر التلسكوبات تطورا في العالم، أتيحت لنا فرصة فريدة لدراسة البنية الداخلية لمجرة بعيدة بحساسية ودقة غير مسبوقتين، لنكتشف أنها ليست ملساء وبسيطة كما كان يُعتقد، بل إنها تحتوي على عناقيد نجمية كثيفة مخفية تشكلت في مراحل مبكرة من عمر الكون".
ويضيف فوجيموتو، الذي بدأ البحث في أثناء دراسته في جامعة تكساس في أوستن، ويعمل حاليا في جامعة تورنتو، أن " هذه النتيجة تعيد رسم صورة تطور المجرات، وتكشف العلاقة بين البنى الصغيرة داخلها، مثل العناقيد النجمية، وحركة المجرة ككل، مما يفتح الباب لفهم أعمق لأسرار الكون المبكر".
0 تعليق