خلال الأيام القليلة الماضية شهدت محافظة السويداء في الجنوب السوري حالة من التوتر السياسي والاجتماعي، مع بروز تحركات يقودها الزعيم الدرزي حكمت الهجري، الذي انتقل من موقعه كأحد المؤيدين للنظام السابق إلى واجهة الحراك الانفصالي بعد سقوط بشار الأسد في ديسمبر 2024.
دعوات الانفصال وتأييد خارجي
أعلن الهجري في أغسطس 2025 الماضي عن إقامة "كيان مستقل" للدروز، مؤكدًا أن حق تقرير المصير "حق مقدس لا يمكن التراجع عنه"، ووجه في كلمة مصورة شكره لكل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب لدعمهما لهذه المطالب.
هذه الخطوة أثارت جدلًا واسعًا، خصوصًا بعدما شهدت مدينة السويداء مظاهرات رفعت خلالها أعلام إسرائيل للمرة الأولى.
قوة عسكرية مثيرة للجدل
ولم يكتف الهجري بالخطاب السياسي، بل أعلن عن تشكيل قوة عسكرية تحت اسم "الحرس الوطني"، وهو ما اعتبره خصومه محاكاة لتجربة "الحرس الثوري الإيراني"، الأمر الذي عمّق الانقسام داخل الطائفة الدرزية وأثار مخاوف من صراع جديد في الجنوب السوري.
موقف دمشق.. رفض قاطع
من جانبها، شددت الحكومة السورية بقيادة الرئيس أحمد الشرع على رفضها القاطع لأي مشروع يهدد وحدة سوريا أو يمس سيادتها الوطنية، متهمة إسرائيل بالتدخل المباشر في الجنوب السوري واستخدام ملف الدروز ذريعة لتبرير وجودها العسكري.
كما وصف الشرع المعركة الجارية بأنها "معركة توحيد الوطن بعد إسقاط نظام الأسد"، مؤكدًا أن أي محاولة للانفصال مرفوضة بالكامل.
انقسام درزي وتعقيد للمشهد
والجدير بالذكر أن الطائفة الدرزية في سوريا لها ثلاث مرجعيات دينية (مشايخ عقل)، تختلف مواقفها حيال الأزمة.
وفي حين يتمسك كل من حمود الحناوي ويوسف جربوع بخيار الوحدة السورية ورفض التدخل الخارجي، يواصل الهجري طرح خطاب انفصالي مدعوم بإيحاءات إسرائيلية وأمريكية، ما زاد من تعقيد المشهد في السويداء وأدخل الطائفة في دائرة الانقسام.
تداعيات إقليمية
كما حذر المراقبون من أن تصاعد الدعم الإسرائيلي والأمريكي لتحركات الهجري من شأنه أن يفتح الباب أمام مزيد من التوترات الإقليمية، في وقت تسعى فيه دمشق لاستعادة الأمن والسيادة على كامل الأراضي السورية، وسط تحديات سياسية وأمنية واقتصادية متشابكة.
في النهاية، تحركات حكمت الهجري تعكس صعود تيار انفصالي في الجنوب السوري، مدعومًا بتدخلات خارجية، في مقابل موقف رسمي سوري حازم يرفض أي مساس بوحدة البلاد، وهو ما يجعل ملف السويداء أحد أخطر ملفات الاستقرار في سوريا والمنطقة ككل.
0 تعليق