كتب خليل الشيخ:
والله كنا نايمين لما قصفونا... ياربي ايش ذنبه ابني اللي استشهد وهو نايم"، هكذا قالت "أم أحمد" الحرازين عندما فجعت باستشهاد ابنها البكر وهي تبحث عنه بين جثامين شهداء آخرين في مدرسة "الفارابي" بمدينة غزة، الليلة قبل الماضية.
أخذت الأم بالبكاء والعويل وهي تتفقد جثمان طفلها قبل نقله إلى مستشفى الشفاء بمدينة غزة.
أما والد الطفل "وسام" فأخذ يبحث عنه بين الركام ويتساءل "وينه وين ابني، محدش شافه" ليجده بعد وقت قصير مُلقى في أحد الممرات داخل المدرسة وهو ينزف من جروح بالغة. وصرخ الأب بأعلى صوته عندما شاهد عدداً من الأطفال الشهداء الذين غطى الغبار أجسادهم، معتقداً أن ابنه أحدهم.
وكانت قوات الاحتلال استهدفت مجموعة خيام داخل مدرسة الفارابي المقابلة لملعب اليرموك، ما تسبب باستشهاد ثمانية مواطنين، غالبيتهم أطفال ونساء، وإصابة عدد من النازحين، من عائلتي الحرازين وحسونة. وتطايرت جثامين الشهداء تحت إحدى بنايات المدرسة، فيما شوهدت بعض الجثامين ملقاة بين الركام.
وبحث النازح "أبو علي" عن طفلته التي لم تتجاوز تسعة أعوام بين عشرات المصابين الذين كانوا يئنون من جروحهم، حسب المواطن "أبو وئام" (38 عاماً) أحد شهود العيان، الذي قال: "أبو علي كان من بين العشرات الذين شعروا بأنهم لم يصابوا بالشظايا الصاروخية، ونهضوا لتفقد ذويهم والبحث عنهم"، مشيراً إلى أن القصف وقع الساعة الثانية فجراً حيث كان جميع النازحين يغطون في نوم عميق.
وأضاف "أبو وئام": "أحد المواطنين كان قد وجد طفلة ملقاة تحت شجرة داخل المدرسة وتعاني من جروح في الساقين، فحملها وحاول نقلها إلى سيارة إسعاف لكن الظلام الحالك وصعوبة التنقل بين الركام والخيام المقتلعة، جعله ينتظر قليلاً".
وساد الخوف والذعر أوساط النازحين الذين صرخوا بشدة، وعلا بكاء الأطفال وعويلهم من شدة الذعر فور وقوع القصف، ومشاهدتهم للركام وعدد الشهداء والمصابين جراء القصف الإسرائيلي.
في وقت متزامن كانت طائرات الاحتلال تقوم باستهداف مواقع ومنازل أخرى في مدينة غزة الليلة قبل الماضية. وأبلغت مصادر محلية عن استهداف خيمة نازحين قرب المجلس التشريعي في مدينة غزة، ما أدى إلى استشهاد 11 مواطناً بينهم أطفال ونساء، في الوقت الذي قصفت فيه طائرات الاحتلال منزلاً يعود لعائلة "زقوت" في حي الشيخ رضوان جنوب المدينة.
وبينما كانت سيارات الإسعاف تنقل العشرات من الجثامين والمصابين إلى مستشفى الشفاء منذ ساعات الفجر، احتشدت مجموعات من المواطنين على الجانبين انتظاراً لمعرفة هوية الشهداء الجدد الذين تحضرهم هذه السيارات من ميادين الموت بمدينة غزة.
هنا صراخ وعويل عند مشاهدة الأشلاء، وهناك جرحى على أرضية قسم الطوارئ ينتظرون تقديم العلاج، وآخرون يتفحصون وجوه الشهداء للتأكد من هويتهم قبل الإعلان عنها رسمياً، والجميع في حالة هستيريا من مشاهد الموت وصعوبة الإصابة.
وبلغ عدد الشهداء منذ منتصف الليلة قبل الماضية وحتى ظهر أمس نحو 39 شهيداً.
وذكرت مصادر إدارية من المستشفى لـ"الأيام"، أن تلك المشاهد متكررة منذ بداية العدوان الإسرائيلي، لكنها تخبو وتظهر في فترات متباعدة، مشيرة إلى أن الليلة قبل الماضية شهدت اكتظاظاً كبيراً بأعداد الشهداء والمصابين الذين أحضرتهم مركبات الإسعاف من عدة أماكن.
وأعلنت تلك المصادر أن أعداد الجرحى التي تصل للمستشفى تباعاً تفوق بكثير قدرتها على تقديم العلاج الملائم لهم، خاصة أن المستشفى يعاني أصلاً من فقدان المستلزمات الطبية للجرحى والمرضى.
0 تعليق