شهدت محافظة حمص السورية، ليلة الثلاثاء، سلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية العنيفة التي استهدفت مواقع عسكرية حساسة. وبحسب مصادر ميدانية، فإن الطائرات الحربية الإسرائيلية ركزت ضرباتها على مستودع للأسلحة والذخائر يقع داخل كلية الدفاع الجوي جنوب مدينة حمص، ما أدى إلى انفجارات ضخمة هزّت أرجاء المنطقة.
وأكدت تقارير محلية أن هذه الضربات تعدّ من الأعنف خلال الأشهر الأخيرة، حيث تركزت على منشآت عسكرية يشتبه في استخدامها لتخزين أسلحة استراتيجية. وقد تزامنت الغارات مع حالة من الاستنفار في محيط حمص وسط سوريا.
استهداف مواقع قرب تدمر
في سياق متصل، أعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن الغارات الإسرائيلية طالت أيضًا مواقع عسكرية في محيط مدينة تدمر وسط البلاد. وأفادت الوكالة بأن الدفاعات الجوية السورية حاولت التصدي للهجوم، إلا أن الصواريخ الإسرائيلية أصابت أهدافها بدقة عالية.
هذا التطور يعكس استمرار إسرائيل في تكثيف عملياتها العسكرية ضد ما تصفه بمواقع مرتبطة بإيران وحزب الله داخل الأراضي السورية، وهو ما يثير تساؤلات حول تداعيات هذه الضربات على المشهد الأمني في المنطقة.
غارات على اللاذقية وانفجارات ضخمة
لم تقتصر الغارات الإسرائيلية على حمص وتدمر، بل طالت أيضًا مواقع في محافظة اللاذقية الساحلية. وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن سلسلة انفجارات هزّت ثكنة عسكرية في منطقة سقوبين شمال اللاذقية بالتزامن مع الضربات الجوية.
وأفادت مصادر إعلامية لبنانية بأن الطائرات الإسرائيلية نفذت الهجوم عبر الأجواء اللبنانية، وتحديدًا من منطقة البقاع الشمالي، في تكتيك عسكري اعتادت إسرائيل استخدامه لتفادي الرد السوري المباشر.
إسرائيل تواصل استراتيجيتها العسكرية
منذ سنوات، تشن إسرائيل غارات جوية متكررة على الأراضي السورية تستهدف مواقع عسكرية وبنى تحتية مرتبطة بالقوات الإيرانية وحزب الله. وتؤكد تل أبيب أن هذه العمليات تهدف إلى منع وصول الأسلحة المتطورة إلى الجماعات المسلحة التي تشكل تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي.
ويرى مراقبون أن هذه الغارات تأتي ضمن استراتيجية الردع الإسرائيلية التي تسعى لتقويض نفوذ إيران في سوريا، في وقت يشهد فيه الشرق الأوسط توترات متصاعدة على أكثر من جبهة.
موقف سوريا وردود الفعل
الحكومة السورية من جانبها، أدانت هذه الهجمات ووصفتها بأنها "عدوان سافر وانتهاك للسيادة الوطنية". بينما التزمت إسرائيل الصمت، كما هو معتاد، حيث نادرًا ما تعلق على عملياتها العسكرية في سوريا.
في المقابل، عبّر سكان محليون في حمص واللاذقية عن قلقهم من استمرار التصعيد، خاصة مع تصاعد حدة الضربات الجوية التي تستهدف مناطق آهلة بالسكان، ما يثير المخاوف من سقوط ضحايا مدنيين في أي هجوم مستقبلي.
تداعيات محتملة على المشهد الإقليمي
يرى محللون عسكريون أن تكثيف الغارات الإسرائيلية في عمق الأراضي السورية قد يزيد من تعقيد المشهد الأمني في المنطقة، خصوصًا مع تزامنها مع تطورات داخلية تشهدها سوريا، أبرزها التوترات في السويداء، فضلًا عن الأوضاع الاقتصادية المتدهورة.
كما أن استمرار استخدام الأجواء اللبنانية لتنفيذ هذه الضربات قد يفتح بابًا لتوتر جديد بين إسرائيل ولبنان، خصوصًا مع وجود حزب الله كلاعب رئيسي على الحدود.
الغارات الإسرائيلية الأخيرة على حمص واللاذقية ليست مجرد عملية عسكرية عابرة، بل هي جزء من سلسلة طويلة من الهجمات التي تهدف إلى إعادة رسم موازين القوى في سوريا. وبينما تسعى إسرائيل لتقويض الوجود الإيراني، تواجه دمشق تحديًا جديدًا يضاف إلى أزماتها المتعددة، ما يجعل المشهد السوري أكثر تعقيدًا في المرحلة المقبلة.
0 تعليق