الديباني: المشهد الأمني بطرابلس مرتهن لاقتصاد الميليشيات ويكشف غياب العقيدة المؤسسية
ليبيا – رأى المحلل السياسي الليبي عبد الله الديباني أن المشهد الأمني في العاصمة طرابلس يعكس خللاً بنيوياً مزمناً في اقتصاد الميليشيات داخل الغرب الليبي، موضحاً أن التحالفات المتبدلة وتعدد مراكز القوة وسلطة الأمن المتداخلة مع مؤسسات الدولة تؤكد هذه الأزمة.
اشتباكات متجددة وتعبئة متكررة
الديباني أشار في تصريحات لوكالة “سبوتنيك” إلى أن الاشتباكات التي تجددت منذ مايو 2025 بين تشكيلات نافذة، أبرزها قوة 444 وجهاز الدعم والاستقرار، عقب مقتل عبد الغني الككلي، أعادت العاصمة إلى مربع الاحتراب داخل المعسكر الواحد، وسط مؤشرات على تحشيد متكرر خلال الأسابيع الأخيرة.
غياب مظلة أمن مركزية
وأضاف: “هذه التطورات تؤكد أن الأمن في طرابلس مرتهن لتوازنات فصائلية وليس لعقيدة مؤسسية موحدة”، معتبراً أن الحاجة ماسة إلى جيش وطني موحد بتراتبية واحدة ينهي ازدواجية السلاح ويُبطل قابلية العاصمة للانفجار الدوري، على غرار ما هو قائم في الشرق الليبي من مؤسسة عسكرية ذات قرار وتراتبية موحدة.
كلفة إنسانية مرتفعة
الديباني لفت إلى أن الأوضاع انعكست مباشرة على الحياة المدنية بتعطل الخدمات وترويع السكان وارتفاع مخاطر الانتهاكات، إذ وثّقت تقارير حقوقية وأممية سقوط قتلى وجرحى وفرض قيود على الحركة، مؤكداً أن غياب الردع ومظلة أمن مركزية يضاعف الكلفة الإنسانية حتى في حال كانت الاشتباكات قصيرة.
خارطة الطريق الأممية
وفيما يتعلق بالمسار السياسي، أوضح أن جهود الاحتواء أسفرت عن تقديم بعثة الأمم المتحدة خارطة طريق جديدة بتاريخ 21 أغسطس الماضي، تقوم على توحيد المؤسسات والذهاب نحو انتخابات ضمن تسلسل واقعي، وقد لاقت ترحيباً من مجلس الأمن والاتحاد الأفريقي.
الدور الحاسم للقيادة العامة
وبيّن أن هناك موقفاً داعماً للقيادة العامة يرى أن إشراكها كضامن أمني في تنفيذ خارطة الطريق شرط أساسي لتثبيت وقف التصعيد في طرابلس ومنع إعادة تدوير نفوذ التشكيلات المسلحة. كما أكد أن وجود اللجنة العسكرية المشتركة “5+5” يوفر إطاراً جاهزاً لإعادة ترتيب القوات، ما يجعل القيادة العامة العمود الفقري لأي هيكلة أمنية قابلة للحياة.
تحويل الأزمة إلى فرصة
واختتم الديباني مؤكداً أن جولات التحشيد في العاصمة تُضعف الثقة بالمسار السياسي، لكنها في المقابل تدفع المجتمع الدولي إلى التركيز أكثر على مسألة توحيد المؤسسة العسكرية، معتبراً أن استثمار هذا الزخم يمكن أن يحوّل أزمة التحشيد إلى فرصة لترتيب أمني تدريجي ينعش المسار السياسي ويجنب طرابلس دورات عنف جديدة.
0 تعليق