فشل "قمة النار" بالدوحة.. إحراج دبلوماسي وإرباك إسرائيلي داخلي - زاجل الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

محمد وتد

Published On 9/9/20259/9/2025

|

آخر تحديث: 23:34 (توقيت مكة)آخر تحديث: 23:34 (توقيت مكة)

القدس المحتلة- أثارت محاولة اغتيال قادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطر، التي حملت اسم "قمة النار"، عاصفة من الإرباك في المشهد السياسي والأمني الإسرائيلي.

العملية التي نفذت بموافقة سرية من المجلس الوزاري المصغر "الكابينت"، وأُسندت لسلاح الجو وجهاز الأمن العام "الشاباك"، انتهت بفشل مدو على بعد 1800 كيلومتر من تل أبيب، وأحرجت إسرائيل أمام المجتمع الدولي بعدما سارعت إلى تبنيها قبل اتضاح نتائجها.

وبدت ردود الفعل السياسية في إسرائيل باهتة ومشحونة بالحرج، فبينما امتنعت المعارضة عن توجيه انتقادات علنية للحكومة، بدا واضحا أن الفشل عكس حالة تخبط عميقة في إدارة الحرب وتداعياتها على مسار المفاوضات.

وتتمثل أخطر هذه التداعيات في الانتقادات القاسية التي وجهتها عائلات المحتجزين، معتبرة أن العملية أضرت بفرص إتمام صفقة التبادل وأعطت الأولوية لاستعراض القوة بدل إعادة أبنائهم.

أثمان سياسية

وتجمع القراءات والتحليلات الإسرائيلية على أن العملية لم تحقق أهدافها المعلنة، بل كلفت إسرائيل ثمنا سياسيا ودبلوماسيا، إذ ظهرت كدولة تنتهك سيادة وسيط إقليمي مهم مثل قطر، وتخرق القانون الدولي دون أن تنجح في تصفية قيادة حماس.

ومع ذلك، يحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية– الإيحاء بأنه أشرف على التنفيذ شخصيا، في مسعى لربط محاولة الاغتيال بعملية إطلاق النار في القدس التي أسفرت عن مقتل 6 إسرائيليين وإصابة 11 آخرين، غير أن ذلك لم يخف حجم الفشل والتداعيات.

وفي بيان صدر بالإنجليزية، وسعيا لعدم إحراج الإدارة الأميركية، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أن الهجوم على كبار قادة حماس كان "عملية مستقلة تماما بادرت بها إسرائيل ونفذتها وتتحمل مسؤوليتها الكاملة".

وفي حين لم يؤكد البيت الأبيض رسميا إذا ما كانت هناك تنسيقات مسبقة مع واشنطن، أشارت مصادر مطلعة إلى أن الأميركيين أُبلغوا بالخطط، حسب ما أفاد به المراسل العسكري لصحيفة "هآرتس" يانيف كوبوفيتس.

إعلان

وتزداد حساسية الموقف، حسب المراسل الإسرائيلي، نظرا للعلاقات الوثيقة التي تربط قطر، الحليف الرئيسي للولايات المتحدة في المنطقة، بكل من الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومبعوثه للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، وهو ما يضع العملية في سياق سياسي ودبلوماسي أكثر تعقيدا.

العملية نُفذت بموافقة سرية من المجلس الوزاري المصغر "الكابينت"، وأُسندت لسلاح الجو وجهاز الأمن العام "الشاباك"(الجيش الإسرائيلي)

قلق بالغ

وفي خضم تداعيات فشل محاولة اغتيال قادة حماس في الدوحة، عبّرت عائلات المحتجزين الإسرائيليين -في إحاطة لوسائل الإعلام- عن قلق بالغ على مصير أولادها، معتبرة أن العملية قد تعرض حياتهم لخطر مباشر.

وقالت عيناف تسنغاوكر، والدة المختطف ماتان، في حديث لصحيفة هآرتس إنها "ترتجف من الخوف"، متهمة رئيس الوزراء الإسرائيل بأنه ربما "اغتال" ابنها وحسم مصيره.

أما أوفير بريسلافسكي (والد المختطف روم)، فتساءل عبر إذاعة الجيش الإسرائيلي "كيف سيسرّع هذا الأمر إطلاق سراحهم؟ إنهم يعانون ويموتون هناك منذ عامين".

أما ياعيل أدار -التي يُحتجز جثمان ابنها تامير في غزة- فانتقدت في حديثها لصحيفة يديعوت أحرونوت ما وصفته بتفضيل القضاء على حماس على حساب إعادة "الرهائن"، مؤكدة أن الحكومة مطالبة بتوضيح كيف ستعيدهم إلى ديارهم.

وحذرت عائلات أخرى -في حديث نقلته عنها صحيفة معاريف- من الانتقام الذي قد يتعرض له المحتجزون، خاصة بعد شهادات الناجين من الأسر، مشيرة إلى أن "وقت الرهائن ينفد" وأن "الحياة يمكن أن تقتل في أي لحظة".

وأضافت موجهة رسالتها للحكومة "كفوا عن إعطاء الأولوية للانتقام على حساب إنقاذ الأرواح وإعادة الرهائن".

دعم واسع

على المستوى السياسي، حظيت عملية اغتيال قادة حماس في الدوحة، رغم فشلها، بدعم واسع من مختلف الأطياف في إسرائيل، في انعكاس للإجماع السياسي حول نهج التعامل مع الحركة.

وكتب وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، على منصة إكس، أن "الإرهابيين لا ولن يحظوا بحصانة من يد إسرائيل الطويلة"، معتبرا القرار "صائبا ومحكما" من جانب الجيش والشاباك.

في المقابل، رد نداف ردايف -نجل أحد المحتجزين- بالقول إن "يد إسرائيل الطويلة تعلم أنها ستطال جميع المسؤولين عن فشل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، لكنها تقصر في إنقاذ المختطفين".

من جانبه، وصف وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير -في تغريدة له على منصة إكس- العملية بأنها "قرار تاريخي" يؤكد أن "الدم اليهودي لم يعد هدرا"، بينما أعلن عضو حزبه إسحاق كرويزر أن "المفاوضات في الدوحة قد انهارت".

ومن جانب المعارضة، أشاد رئيس حزب "هناك مستقبل" يائير لبيد بالعملية باعتبارها "استثنائية لإحباط العدو"، في حين شدد رئيس حزب "أزرق أبيض" بيني غانتس على ضرورة "ملاحقة إرهابيي حماس وقادتهم في كل مكان وزمان"، داعيا إلى استثمار "إنجازات المقاتلين" لإعادة "الرهائن" واستبدال حكومة حماس في غزة.

أما الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، فأكد هو الآخر -في تغريدة على منصة إكس- أن "قرار اغتيال قيادة حماس مهم وسليم"، مشددا على التزام إسرائيل بإطلاق سراح "المخطوفين"، وداعيا في الوقت ذاته إلى دعم عائلاتهم، ومواصلة الجهد لتحقيق الإفراج عنهم "من جحيم غزة".

قواعد اللعبة

في قراءته التحليلية التي تنسجم مع الرواية والتبريرات الإسرائيلية الرسمية لعملية الاغتيال رغم فشلها، يرى محلل الشؤون الاستخباراتية والعسكرية في الموقع الإلكتروني "واي نت"، رون بن يشاي، أن عملية "قمة النار" تمثل خطوة إضافية في إستراتيجية إسرائيل القائمة على "قطع رأس القيادة" ضمن "محور الشر" المدعوم من إيران، وبحسب بن يشاي، استهدفت الضربة في الدوحة هدفين، هما:

إعلان

إبعاد "المتشددين" خليل الحية وزاهر جبارين عن المفاوضات لفتح المجال أمام شخصيات أكثر مرونة مثل عز الدين الحداد. توجيه رسالة واضحة بأن إسرائيل لن تتراجع عن مطلب إطلاق "الرهائن" وإخراج قادة حماس من غزة.

ولمح إلى احتمال تنسيق الهجوم مع واشنطن، معتبرا أنه رغم مخاطره الدبلوماسية، يهدف إلى الضغط نفسيا على قيادة حماس الخارجية وفتح المجال لتغيير تركيبة وفد التفاوض أو دفع الحركة لمزيد من المرونة.

ويرى بن يشاي أن العملية قد تعلق المفاوضات مؤقتا وتثير غضبا أميركيا وقطريا، لكنها ستُستأنف لاحقا مع شخصيات أقل تشددا، مشيرا إلى أن الضربة تحمل قيمة إستراتيجية تتجاوز البعد العسكري لتغيير قواعد اللعبة التفاوضية.

0 تعليق