فؤاد دياب
Published On 10/9/202510/9/2025
|آخر تحديث: 09:51 (توقيت مكة)آخر تحديث: 09:51 (توقيت مكة)
ألبرتا – في محاولة جريئة لإنعاش الاقتصاد الكندي المتعثر تحت ضغط الرسوم الجمركية الأميركية، أعلن رئيس الوزراء مارك كارني عن حزمة واسعة من التدابير الاقتصادية تستهدف حماية القطاعات الحيوية وتعزيز قدرة البلاد على الصمود، مع السعي لتحويل الأزمة إلى فرصة لبناء اقتصاد أكثر تنافسية على المستوى العالمي.
تفاصيل التدابير الاقتصادية
وكشف كارني في مؤتمر صحفي عن مجموعة جديدة من الإجراءات لدعم القطاعات الأكثر تضررا من الرسوم الأميركية وتأهيل سوق العمل الكندي.
فقد خصصت الحكومة 5 مليارات دولار لصندوق يهدف إلى مساعدة الشركات على التوجه إلى منتجات وأسواق بديلة، والحفاظ على المهارات والإنتاج داخل كندا، وتعزيز قدرتها التنافسية عالميا.
وأوضح أن الصندوق سيُتاح لجميع القطاعات نظرا لاتساع نطاق تأثير الرسوم، لكنه سيولي أولوية خاصة لصناعات الصلب والألومنيوم والسيارات وخشب البناء.

وأعلن رئيس الوزراء كذلك عن حزمة مساعدات جديدة لقطاع الكانولا المتضرر من الرسوم الصينية، من بينها حافز للإنتاج بقيمة 370 مليون دولار كندي (نحو 267 مليون دولار أميركي). كما ستطلق الحكومة برنامجا لإعادة تأهيل ما يصل إلى 50 ألف عامل تأثروا بالتعريفات الجمركية.
ومن بين الإجراءات البارزة أيضا، إطلاق إستراتيجية "شراء المنتجات الكندية"، التي تُلزم الحكومة الفدرالية بتفضيل الموردين المحليين في تنفيذ المشاريع الكبرى.
ردود متباينة
ولاقى الإعلان ردود فعل متباينة، فقد أشادت جمعية منتجي الصلب بهذه الخطوة مؤكدة أن منتجي الصلب الكنديين قادرون على تلبية أكثر من 80% من احتياجات السوق المحلية.
وفي المقابل، اعتبرت جمعية منتجات الصناعة الحرجية أن نجاح الإجراءات مرهون بحسن التنفيذ، لكنها قد تمنح الأمل لمستقبل نحو 200 ألف عامل.
إعلان
أما رئيس مجلس الكانولا الكندي، كريس دافيسون، فأبدى استياءه من حجم التمويل الجديد، معتبرا أنه "غير كافٍ" لتغطية احتياجات الصناعة في ظل الرسوم الصينية المرتفعة.
وقال في تصريحات نقلها موقع "سي بي سي" إن الدعم لا يعكس حجم التداعيات على سلسلة القيمة، مشيرا إلى أن المصدرين والمصنعين يواجهون ضغوطا كبيرة على أصولهم ومرافقهم وبنيتهم التحتية.
من جانبه، انتقد زعيم حزب المحافظين بيير بوليفير رئيس الوزراء، قائلا إن كارني أخفق في تنفيذ مشاريعه الكبرى، بما فيها مقترحه الأساسي بإنشاء وكالة فدرالية لبناء المساكن.
نتائج محدودة وليست فورية
ويرى الخبير الاقتصادي الدكتور زياد الغزالي أن هذه التدابير قد تسهم بشكل تدريجي ومحدود في تقليل الاعتماد على السوق الأميركية، لكن نتائجها لن تكون سريعة ولن تلغي التشابك العميق مع الولايات المتحدة.

وأوضح في حديثه للجزيرة نت أن صندوق الاستجابة الإستراتيجية ودعم المصانع وتسريع تطوير البنية التحتية يمكن أن يحدّ من الضغوط التجارية الأميركية عبر تمويل إعادة توجيه سلاسل التوريد وتنويع الأسواق.
وفي ما يتعلق بالبطالة، توقع الغزالي أن تؤدي هذه التدابير إلى نتائج إيجابية على المدى القصير والمتوسط، لكنها لن تعالج جذور الأزمة الاقتصادية ما لم تُرفق بإصلاحات هيكلية لتحسين مناخ الأعمال وجذب استثمارات مستدامة.
وأضاف أن الاعتماد على الدعم المؤقت وحماية الوظائف سيجعل أثر خفض البطالة مؤقتا حتى تُعتمد سياسات صناعية شاملة.
وكان الاقتصاد الكندي قد فقد في أغسطس/آب الماضي 66 ألف وظيفة للشهر الثاني على التوالي، بعد خسارة 41 ألف وظيفة في يوليو/تموز السابق له، وبذلك يرتفع معدل البطالة 0.2% إلى 7.1%، وهو أعلى مستوى منذ مايو/أيار 2016، بحسب هيئة الإحصاء الكندية.
وأشار الغزالي إلى أن إستراتيجية "اشترِ كنديا" قد تعزز الطلب المحلي عبر تفضيل الموردين المحليين، وهذا يتيح للشركات زيادة الإنتاج وتحسين الكفاءة. لكنه شدد على أن تعزيز التنافسية عالميا يتطلب خفض التكاليف وتحسين الجودة وتوسيع الصادرات.
"كندا ستشكر ترامب"
أما جان شاريه، عضو مجلس العلاقات الكندية الأميركية المشكل من قبل كارني، فاعتبر أن على كندا تقليل اعتمادها على السوق الأميركية والانفتاح على أسواق بديلة.
وقال إن الحكومة ستسرع في تنفيذ المشاريع الكبرى وإعادة التفكير في دور الفدرالية وموقعها عالميا.

وأضاف في تصريحات صحفية: "الحرب التجارية التي أشعلها دونالد ترامب أخرجت كندا من حالة السبات وأجبرتها على مراجعة اقتصادها ونظامها الضريبي. وبعد 20 عاما سنشكر ترامب لمنحه كندا فرصة إحداث تغيير اقتصادي".
وتشير بيانات التجارة إلى تراجع الصادرات الكندية إلى الولايات المتحدة بنسبة 2.9% في الأشهر السبعة الأولى من العام مقارنة بالفترة نفسها من 2024.
كما انخفضت الصادرات إلى دول أخرى 8.6% في يوليو/تموز الماضي، وهو التراجع الشهري الثاني على التوالي. أما الواردات من الولايات المتحدة فقد تراجعت 2.2% في يوليو/تموز، في حين ارتفعت من بقية دول العالم 1.3% في الشهر نفسه.
إعلان
0 تعليق