كتب خليل الشيخ:
فشلت كل محاولات المواطن سليم معروف (35 عاماً) لتهدئة أطفاله الذين أصيبوا بالذعر من استمرار القصف الجوي، الذي يستهدف مخيم الشاطئ في مدينة غزة، منذ أربعة أيام على التوالي.
المواطن معروف، الذي نزح من بلدة بيت لاهيا قبل عدة أشهر إلى مخيم الشاطئ، لم يعد يجد أي مكان يمكث فيه بعدما دمرت قوات الاحتلال خيمته بعد قصف برج "الملش" شرق المخيم، أول من أمس، وصار يتنقل داخل المخيم من مكان إلى آخر.
"بالليل بنام في الشارع وبالنهار بنقضيه مشي من هان إلى هان عشان ندور على مكان ننام فيه" هكذا قال معروف وزوجته اللذان أعياهما الإرهاق والسير على أقدامهما.
وأضاف معروف: لدي أربعة أطفال أصغرهم عمره عامان وأكبرهم 12، وزوجتي وأنا معناش الا أواعينا وحرامين وبكل مرة بنروح على مكان بعد شوي بقولوا بدهم يقصفو برج أو دار ونضطر نبعد، وهيك بنقضي معظم الأيام".
ويشهد مخيم الشاطئ حالة من الإرباك والفوضى جراء توالي إنذارات الإخلاء في المخيم لقصف أبراج سكينة ومنازل في أماكن متباعدة من المخيم، بعدما ظل طوال الأشهر الماضية ملاذاً للنازحين من مناطق جباليا وبيت لاهيا.
وذكرت مصادر محلية أن الاحتلال قصف عشرات المنازل والبنايات متعددة الطوابق بشكل كامل، بعد أن وجه إنذارات بالإخلاء لأصحابها ولأصحاب عشرات الخيام المقامة حول كل بناية ومنزل في المخيم.
وعرف من بين أصحاب هذه البنايات عائلات: جاد الله، وسمور، وبصل، والصوري، وأبو عجوة، ومطرية، والمشهراوي، وحمودة، وأبو الخير، وملش، والمناعمة، والعمصي، ونجم، والغزالي.
وأشار جهاز الدفاع المدني في غزة إلى أن الاحتلال دمّر نحو 12 بناية سكنية يزيد عدد طوابقها على سبعة، وكانت تضم نحو 500 شقة، ما أدى إلى تشريد نحو عشرة آلاف مواطن.
وبيّن أن الاحتلال قصف نحو 120 بناية ومنزلاً يقل عدد طوابقها عن سبعة، بمتوسط ثلاثة طوابق لكل بناية، وتشريد نحو سبعة ألف شخص، إضافة إلى تضرر نحو 500 بناية بشكل جزئي، وحرمان نحو 30 ألف مواطن من مأواهم.
ولفت إلى تدمير نحو 600 خيمة جراء قصف بنايات كانت تؤوي نحو ستة آلاف نازح، منوهاً إلى أن الخلاصة تشير إلى وجود نحو 50 ألف مواطن من أصحاب هذه البنايات والنازحين، غالبيتهم أطفال ونساء ومسنون بلا مأوى.
ويعتبر المواطن معروف واحداً من هؤلاء الذين عجزوا حتى اللحظة عن إيجاد أي مستقر قد يحمي أطفاله من الإعياء، ويتيح لهم النوم ولو لعدة ساعات متتالية.
وقال: ابني الصغير دائم البكاء وزوجتي تشتكي الأوجاع والمرض، وجميعهم يعانون من الجوع وآلام التشرد"، مشيراً إلى أنهم يعتاشون على عدد قليل من أرغفة الخبز "التي نطلبها من إحدى العائلات، وعلبة من الفول أو الفاصولياء".
وأوضح أنه يجلس على الرصيف ويطعم أطفاله، وبين وقت وآخر قد يجلس تحت بناية سلمت من الدمار كي يقلل من نظرات الشفقة التي يراها في عيون الناس، وقال: "راح كل اشي في القصف، الخيمة والفرشات وأواني الطهي، مضلش غير جزء من ملابسنا اللي قدرنا نهرب فيها قبل القصف بعدة دقائق".
لم يكن معروف وحده الذي يعاني من إعياء التشرد في مخيم الشاطئ، فغالبية المتضررين يعانون من الجوع وانعدام المأوى، لكن بعضهم استطاع تدبّر أموره ونزح إلى مكان أقل عدواناً في مدينة غزة، وآخرون نزحوا إلى الجنوب.
وأضاف: "مش قادر انزح معيش مصاري، ومعيش خيمة وبسمع انو النزوح صعب، ومحتاج تكاليف وأصلاً فش مكان".
ولا يزال المشهد صعباً وقاسياً في مخيم الشاطئ، فغالبية الشوارع مغلقة بالركام، وتجمعات الناس في الشوارع تنشط في النهار وتخف في الليل، لكنها بكل الأحوال تتضاعف في كل مرة يتم توجيه إنذار جديد بالأخلاء.
وتطالب جهات محلية في مدينة غزة الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية بضرورة التدخل وتوفير أماكن بديلة، ومستلزمات أساسية كالغذاء والدواء لهؤلاء المشردين.
0 تعليق