عاجل

ما أبعاد القرار الأميركي بإلغاء تفويض الحرب على العراق؟ - زاجل الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

بغداد – في خطوة مهمة، صوَّت مجلس النواب الأميركي على إلغاء تفويض استخدام القوة العسكرية، الذي أُقرّ في الحروب على العراق عامي 1991 و2002.

ويأتي هذا القرار في ظل تحولات جيوسياسية كبرى بالشرق الأوسط، ويؤشر إلى انتهاء حقبة التدخل العسكري المباشر في العراق.

ومع ذلك، يرى البعض أن الأثر العملي للقرار قد يكون محدودا في الوقت الراهن، خاصة مع استمرار النقاشات حول إعادة تموضع القوات الأميركية في البلاد. في حين رحّبت الأوساط السياسية العراقية بالقرار، واعتبرته "خطوة إيجابية نحو تعزيز السيادة الوطنية".

سيناريوهات القرار

يرى المستشار الحكومي عائد الهلالي أن قرار الولايات المتحدة إلغاء تفويضي حرب الخليج لعامي 1991 و2002 يُمثِّل نقطة تحول جوهرية في العلاقة بين البلدين، حيث ينهي حقبة الاحتلال ويبدأ عهدا جديدا من الشراكة الإستراتيجية.

وقال الهلالي للجزيرة نت إن التوقيت يحمل دلالات مهمة، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تسعى للتخلص من أعباء الحروب الخارجية في ظل التحديات الاقتصادية الداخلية، وتوجيه جهودها نحو التنافس مع الصين. وفي السياق، يبرز العراق كشريك محتمل وواعد، قادر على تحفيز الاقتصاد الأميركي عبر فرص الاستثمار الواسعة.

وأضاف أن القرار يعكس نجاح الحكومة العراقية في تحسين صورة العراق على الساحة الدولية من خلال دبلوماسية فاعلة، مشيرا إلى أن قضية تحرير الباحثة الروسية إليزابيث تسوركوف كانت لها دور في تسريع هذا القرار، حيث تمثل مكافأة من أميركا للعراق على هذه الخطوة، ورغبة في كسبه كصديق وحليف وشريك.

وأعلن العراق، الأربعاء الماضي، تحرير تسوركوف التي اختطفت أواخر مارس/آذار 2023، وتم تسليمها لاحقا إلى سفارة الولايات المتحدة.

ويرى الهلالي أن مكاسب العراق من هذا القرار ستكون في 3 اتجاهات رئيسية:

تعزيز علاقات العراق مع الدول العربية والمحيط الإقليمي. دعم موقفه في عقد اتفاقيات وشراكات مع دول التحالف الدولي وحلف الناتو. تحقيق فائدة مباشرة من الشراكة السياسية والأمنية والاقتصادية مع الولايات المتحدة.

إعلان

ويعتقد الهلالي أن هذه الخطوة ستحول السياسة الخارجية الأميركية تجاه العراق من "دولة محتلة" إلى "دولة حليفة وشريكة"، وهو ما يخدم المصالح المشتركة للبلدين.

المستشار الحكومي عائد الهلالي
المستشار الحكومي عائد الهلالي أكد أهمية القرار بوقف التدخل العسكري في العراق (وكالات)

أخطار وتحديات

من جهته، قال رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي النائب كريم المحمداوي إن القرار يُمثِّل خطوة إيجابية نحو إنهاء التدخلات الخارجية في الشأن العراقي.

وأضاف المحمداوي للجزيرة نت أن "القرار وإن جاء متأخرا، إلا أنه بمثابة اعتراف صريح بأن مرحلة التدخل العسكري المباشر قد ولّت، وأن العراق اليوم دولة ذات سيادة، تدير شؤونها بقرار وطني مستقل".

وشدد على أن القرار الأميركي يأتي منسجما مع المطالبات الوطنية المتزايدة بإنهاء الوجود الأجنبي، ويُعزِّز الجهود الرامية إلى تنظيم العلاقة مع المجتمع الدولي على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.

وأكد المحمداوي أن العراق لن يكون بعد اليوم ساحة للصراعات، وأن مثل هذه القرارات يجب أن تُستثمر لتعزيز استقلالية القرار العراقي.

أما الباحث في الشأن السياسي مهند الراوي، فقد أشار إلى جملة من الملاحظات الإيجابية والسلبية حول تبعات قرار إلغاء التفويض الممنوح للقوات الأميركية في العراق.

وقال الراوي للجزيرة نت إن القرار، رغم أهميته، يحمل في طياته أخطارا جسيمة، لا سيما فيما يتعلق بالأمن الجوي للبلاد، موضحا أن إلغاء التفويض يُقيد بشكل كبير قدرة القوات الأميركية على التصدي لأي عدوان جوي خارجي محتمل، نظرا لكونها الجهة التي تتولى تأمين الأجواء العراقية حاليا.

وأضاف أن هذا الوضع قد يعزز طبيعة العلاقة الثنائية بين العراق وأميركا على المدى القريب والمتوسط والبعيد، لافتا إلى أن "سماء العراق وماله بيد أميركا"، وأن العراق لا يستطيع الاستغناء عن الدور الأميركي في هذين الملفين الحساسين.

وتوقع الراوي أن ينعكس هذا القرار على المعادلة السياسية في البلاد، حيث ستجد الحكومة العراقية والطبقة السياسية نفسها مضطرة للمطالبة ببقاء القوات الأميركية لمواجهة هذه التحديات.

الخبير القانوني علي التميمي
الخبير القانوني علي التميمي يرى أن القرار يعزز العلاقة بين البلدين (الصحافة العراقية)

سيادة العراق

في حين، أكد الخبير القانوني علي التميمي أن قرار إلغاء التفويض الممنوح للرؤساء الأميركيين لاتخاذ إجراءات عسكرية ضد العراق يضع العلاقة بين البلدين "على أساس جديد من السيادة والاحترام المتبادل"، وهو امتداد لمحاولات سابقة تخص الموضوع نفسه.

وفي 2021، صوَّت مجلس النواب الأميركي على إلغاء تفويض عام 2002، بدفع من عضو مجلس النواب آنذاك تيم كين، لكن مشروع القانون توقف في مجلس الشيوخ.

إعلان

وعام 2023، صوّت مجلس الشيوخ على إلغاء تفويضي عامي 1991 و2002 ضمن مشروع واحد، لكنه لم يتم طرحه للتصويت في مجلس النواب الذي كان يسيطر عليه الجمهوريون في ذلك الوقت.

وقال التميمي للجزيرة نت إن القرار يعني أنه "لا يحق لأي رئيس أميركي قادم استخدام القوة العسكرية ضد العراق دون الرجوع إلى الكونغرس الأميركي، بشقيه النواب والشيوخ، معا".

كما يُعزِّز القرار -برأيه- مكانة العراق كدولة ذات سيادة في علاقته مع الولايات المتحدة، خاصة في ضوء الاتفاقية الإطارية الإستراتيجية لعام 2008، والتي تنظم التعاون بين الجانبين في مختلف المجالات.

كما أكد أن للقرار أبعادا معنوية مهمة، حيث إنه "بدَّد المخاوف التي كانت سائدة حول إمكانية عودة التدخل العسكري الأميركي في العراق، وحوّل العلاقة إلى شراكة تعاون بموجب الاتفاقية".

0 تعليق