عندما غزت الولايات المتحدة أفغانستان بعد أحداث 11سبتمبر/أيلول 2001، أبدت حركة طالبان مقاومة عنيفة، وكبدت الأميركيين وحلفاءهم خسائر فادحة لكنها اقتنعت بأن المعركة خاسرة في نهاية الأمر.
ورغم أنها لم تشارك في أحداث 11 سبتمبر/أيلول، التي نفذها زعيم القاعدة في ذلك الوقت أسامة بن لادن، ولم تعلم بها أصلا، إلا أنها تحملت فواتيرها كاملة، كما قال المفتي السابق للقاعدة محفوظ ولد الوالد.
وقد روى ولد الوالد خلال برنامج "مع تيسير"، كيف تعاملت طالبان بشرف مع هذا الحدث الجلل الذي جلب القوات الغربية لغزو بلادهم، وقال إن زعيم الحركة الملا عمر، تمسك بموقفه الرافض لتسليم بن لادن أو مطالبته بالرحيل، رغم تعرضه لضغوط كبيرة من صفوفه.
وعلى هذا، واجهت الحركة ومن معها من المقاتلين العرب القوات المتحالفة مع أميركا نحو شهر تقريبا حتى انحسر وجودها في قندهار، التي رأت في نهاية الأمر تسليمها بعدما أدركت استحالة مواجهة المقاتلات الأميركية التي أحالتها جحيما، وفق ولد الوالد.
وهكذا، سلمت الحركة المدينة وبدأت انسحابا لمناطق أخرى لكن قادتها تعاهدوا على مواصلة الحرب بطريقة العصابات، وقالوا إنهم سينتصرون في نهاية المطاف كما سبق وانتصروا على الاتحاد السوفياتي من قبل.
مجازر بحق المنسحبين
لكن تسليم طالبان للبلاد، لم يمنع الأميركيين والمتحالفين معهم من ارتكاب مجازر بشعة بحق المقاتلين خلال انسحابهم أو في حالات القبض عليهم، رغم أن البعض سلم سلاحه بناء على اتفاق بأنه سيكون آمنا، وهو ما لم يحدث كما يقول المفتي السابق للقاعدة.
فقد قتل الأميركيون والمتحالفون مقاتلين عزلا ومصابين وآخرين كانوا في طريقهم للانتقال إلى مدن أخرى، وتركوا جثث كثيرين منهم تتعفن في الشوارع.
وكان المقاتلون العرب على رأس المطلوبين للأميركيين وحلفائهم، حتى إن العربي في أفغانستان كان يباع جُملة وقطاعي، حتى لو كان تاجر مخدرات وليس مجاهدا"، كما قال ولد الوالد.
ومن بين الحكايات التي نقلها ولد الوالد عن بعض الناجين أنهم كانوا في أحد المستشفيات حتى تمكن رجل أفغاني من تدبير طريقة لتهريب كل من يمكنه الحركة منهم، وكان أميرهم أبو صهيب اليمني.
إعلان
وتم نقل 4 من هؤلاء من المستشفى واحدا واحدا على دراجة نارية ووفر لهم ملاذا في بيته ومزرعته وقام بتهريبهم من قندهار إلى زابل الإيرانية، في سيارات تابعة لقوات غول أغا، التي لم تكن تفتش لأنها متحالفة مع الأميركيين.
وتعكس هذه العملية التناقضات الكبيرة التي كان الأفغان يعيشونها، وفق ولد الوالد، الذي قال إن تجار مخدرات ومقاتلين في صفوف القوات المتحالفة مع واشنطن "ساعدوا المجاهدين في الهروب".
أما المقاتلون الثمانية الذين لم يكونوا قادرين على الحركة، فبقوا في المستشفى وعندما لم يستجيبوا لضغوط الأميركيين لتقديم معلومات، تم منع الطعام والشراب عنهم وفي النهاية تم قتلهم داخل المستشفى، وفق ولد الوالد، الذي قال إن مصابين كثيرين اختطفوا أو قتلوا من مشافي باكستان بسبب عدم وضع خطة واضحة لإجلاء الجرحى حال وقوع الغزو.
هذه القصص نقلها ولد الوالد عن ناجين التقى بهم في سجون إيران التي وصل إليها تهريبا هو وغيره، والتي حبست كل من لم يكن قادرا على التواصل مع أحد في الخارج.
مقاومة عنيفة
ومع ذلك، أكد ولد الوالد أن طالبان والمقاتلين العرب والقاعدة منعوا الأميركيين من لمس الأرض الأفغانية وكبدوهم خسائر فادحة في كل محاولة إنزال حاولوا تنفيذها، بيد أنهم قرروا الانسحاب بعد نفاد الذخيرة وتيقنهم من أن المدنيين سيبادون تماما.
وحتى عندما شنت الولايات المتحدة عملية "أناكوندا" التي حاولت من خلالها تعقب بقايا المقاتلين المنسحبين، تلقت هزيمة فادحة وتكبدت أكبر خسائرها البشرية حيث خسرت 80 جنديا وضعفهم من المصابين فضلا عن إسقاط مقاتلتين.
ووقعت هذه المعركة في شانكوت، وقادها سيف الله المنصوري، وألحقوا بالأميركيين أكبر خسائرهم في أفغانستان. وبالمثل معركة كوندور، التي دفعت قوات الجنرال دوستم لطلب التفاهم، وكذلك محاولة الإنزال في مطار جعلي والتي تكبدت فيها أميركا 70 جنديا ومروحيتين.
وخسر الأميركيون أيضا طائرتين وعددا كبيرا من الجنود خلال محاولة قتل الملا عمر في مقره، حسب ولد الوالد، الذي يقول إن طالبان ومن معها أظهروا صمودا لم يكن متوقعا بأسلحتهم القديمة في مواجهة حرب تدار بالأزرار وبأحدث التقنيات، ثم قرروا الانسحاب بأنفسهم حتى لا تباد قندهار بمن فيها.
وحسب المفتي السابق للقاعدة، فقد وقفت الأمة مع أفغانستان ضد الغزو، "بمن فيهم المعترضون على عملية 11 سبتمبر/أيلول، التي يرون أنها جلبت مفسدة".
Published On 13/9/202513/9/2025
|آخر تحديث: 18:18 (توقيت مكة)آخر تحديث: 18:18 (توقيت مكة)
انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي
share2شارِكْ
0 تعليق