عاجل

"الأيام" ترصد مشاهد جديدة من العدوان المتصاعد على مدينة غزة - زاجل الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

كتب محمد الجمل:

واصلت "الأيام" رصد مشاهد جديدة من العدوان الإسرائيلي المتواصل على مدينة غزة، مع تصاعد الغارات الجوية، واستمرار الضغط على المواطنين لإخلاء المدينة، منها مشهد يُوثق عمليات التدمير المتسارعة في غزة، ومشهد آخر يكشف كيف يستخدم الاحتلال قنابل الإنارة لحرق خيام ومنازل المواطنين في المدينة، ومشهد ثالث تحت عنوان "التعايش مع العدوان".

تدمير متسارع

منذ إعلان وزير جيش الاحتلال يسرائيل كاتس، ما سماه "فتح أبواب الجحيم على مدينة غزة"، قبل أكثر من أسبوع، اتبع جيش الاحتلال سياسة التدمير الواسعة من الجو، عبر شن غارات عنيفة، تستهدف بنايات، وعمارات، وأبراجاً، ومنازل، ومدارس، وغيرها من المباني والمرافق المدينة.
وتُسقط الطائرات من الجو قنابل كبيرة تزن حمولة بعضها طناً، تؤدي إلى انهيار العمارات والمباني بشكل فوري، ونشر دمار واسع في محيطها.
وقال الناطق باسم جهاز الدفاع المدني في قطاع غزة، محمود بصل: إنه خلال أقل من أسبوع واحد فقط، تعرضت البنية التحتية والمناطق السكنية لدمار واسع النطاق، حيث جرى تدمير 12 بناية سكنية يزيد عدد طوابقها على 7، تضم نحو 500 شقة سكنية، ما أدى إلى تشريد أكثر من 10,000 مواطن. كما جرى قصف وتدمير أكثر من 120 بناية تقل عن 7 طوابق (بمتوسط 3 طوابق لكل بناية)، وتشريد ما يزيد على 7,200 مواطن، كانوا يقيمون فيها.
وأوضح بصل أن أكثر من 500 بناية تضررت بشكل جزئي، ما حرم ما يقارب 30,000 مواطن من مأواهم، مشيراً إلى أنه جراء الغارات المتواصلة جرى تدمير أكثر من 600 خيمة كانت تؤوي نازحين، وتشريد ما لا يقل عن 6,000 مواطن إضافي، كانوا يقيمون في تلك الخيام.
ولفت إلى أن التدمير الممنهج تعدى المنازل والعمارات والخيام، إذ جرى تدمير كامل لـ11 مدرسة، و5 مساجد، إما نتيجة قصفها من الجو، أو نسفها بزرع متفجرات فيها، فيما يواصل جيش الاحتلال إصدار إنذارات إخلاء تشمل مزيداً من المباني والمرافق المدنية كل يوم.
ونوّه بصل إلى أنه جراء التدمير الواسع خلال أسبوع فقط، فقدَ نحو 50,000 مواطن في غزة، بينهم أطفال ونساء وكبار سن، المأوى، وأصبحوا مشردين.
ووجّه نداءً عاجلاً للأمم المتحدة والمجتمع الدولي، بضرورة التدخل الفوري لوقف العدوان وحماية المدنيين. كما طالب المنظمات الإنسانية والإغاثية بالعمل على توفير مأوى بديل، ومستلزمات أساسية من غذاء ودواء واحتياجات عاجلة للنازحين.
وأجمع مواطنون على أن هدف الدمار الواسع، واستهداف المنازل والأبراج والبنايات، هو الضغط على سكان مدينة غزة ودفعهم للنزوح جنوب القطاع، خاصة بعد رفض غالبيتهم ترك منازلهم وأحيائهم في المدينة، وسط مخاوف من تصعيد وتيرة المجازر، لإجبار المواطنين على النزوح.

قنابل الإنارة تشعل حرائق

على الدوام كانت قنابل الإنارة، التي يطلقها جيش الاحتلال ليلاً، وسيلة للرؤية الليلية، لكن في ظل التطور التكنولوجي وامتلاك جيش الاحتلال معدات رؤية ليلية، لم تعد لتلك القنابل أهمية كبيرة، غير أن الجنود ما زالوا يستخدمون هذا النوع من القذائف بشكل مكثف ومستمر، ويبدو أن لهم هدفاً آخر من هذا الاستخدام، هو إشعال الحرائق في منازل وخيام المواطنين، خاصة في مدينة غزة.
ولا تخلو ليلة من اندلاع حرائق في الخيام، والمنازل غرب مدينة غزة، ومناطق أخرى في شمالها، حيث تُطلق قوات الاحتلال وابلاً من قنابل الإنارة، التي تسقط على الأرض وهي مشتعلة، فتحرق كل شيء، خاصة في ظل الأجواء الحارة.
وذكر مواطنون أن قوات الاحتلال تطلق قنابل إنارة، وهي في حقيقتها قنابل حارقة، تأثيرها خطير على الخيام، ومحيطها.
وقال المواطن إبراهيم نصر: إن الاحتلال يستخدم قنابل الإنارة كوسيلة ضغط لتهجير المواطنين من مدينة غزة، إلى جانب القصف المدفعي والجوي والمجازر، موضحاً أن الجنود يتعمدون إطلاق القنابل المذكورة فوق الخيام بشكل مباشر، فتسقط عليها وتحرقها.
وأكد أن عمليات الإطلاق تكون بشكل متتابع، بحيث يتم إطلاق عشرات القنابل في وقت قصير، ما يزيد من احتمال اندلاع الحرائق، والأخطر منذ ذلك أن هذه القنابل لا تنطفئ بالماء في حال جرى سكبه عليها، والحل الوحيد طمرها بالرمال، وفي بعض المناطق تكون التربة طينية قاسية، وهذا يصعّب من عمليات إطفائها.
وأوضح أن الكثير من العائلات لا تستطيع النوم بسبب هذه القنابل، ويبقى شخص أو أكثر مستيقظين حتى يتم التعامل مع القنابل في حال سقطت على الخيام ومحيطها، مشيراً إلى أن هذا السلاح بات يشكل تهديداً حقيقياً على الجميع.
وبيّن نصر أن المتواجدين في مدينة غزة يتعرضون للضغط والخطر من كل جانب، ويواجهون الموت يومياً، لكنهم رغم ذلك يرفضون النزوح والخروج من المدينة.
يذكر أن جيش الاحتلال بات يستخدم النار كسلاح ضد سكان مدينة غزة، فإلى جانب قنابل الإنارة، يتم إسقاط قنابل حارقة، ومواد قابلة للاشتعال "بنزين"، بوساطة مُسيّرات صغيرة "كواد كابتر"، باتجاه الخيام، خاصة تلك التي أقيمت عند الأطراف الشمالية من مدينة غزة.

التعايش مع العدوان

رغم مرور عدة أيام على إصدار الاحتلال أوامر إخلاء شاملة لمدينة غزة، واستمرار إلقاء المنشورات، وإصدار البيانات التي تحمل ذات المضمون، إلا أن أكثر من 85% من سكان مدينة غزة ونازحيها، ما زالوا يتواجدون في بيوتهم وخيامهم، ويرفضون النزوح باتجاه جنوب قطاع غزة.
وبات المواطنون من سكان مدينة غزة يجتهدون من أجل التعايش مع الوضع الراهن، متأهبين لزيادة الضغط عليهم، وسط رفض بالإخلاء مهما حدث.
وقال المواطن محمود عطية من سكان المدينة: إنه وعائلته قرروا منذ البداية عدم النزوح، وكلما تصاعد العدوان زادهم تمسكاً بقرار البقاء في غزة، موضحاً أنهم يعيشون حالياً في منزل صغير غرب المدينة، وقد اشترى مؤخراً خيمة، ووضعها مع بعض الحاجيات الضرورية عند قريب له يقيم في خيمة قرب ميناء غزة، وفي حال تم إنذار المربع الذي يقطن فيه، وقصفه، واضطر لإخلاء منزله، سيتوجه للإقامة في الخيمة عند أقاربه، لكنه تحت أي ظرف لن يترك مدينة غزة.
ولفت إلى أنه لن يُكرر الخطأ الفادح الذي ارتكبه وعائلته نهاية العام 2023، حين نزح عن مدينة غزة باتجاه الجنوب، وعاش أكثر من عام من المعاناة، لذلك قرروا البقاء في المدينة، حتى لو ماتوا فيها، قائلاً: "النزوح في المرة القادمة سيكون للسماء".
من جهته، قال المواطن إبراهيم المصري: إنه يحاول وعائلته التعايش مع العدوان رغم صعوبته، وما يسهّل عليهم ذلك حالة التعايش العامة في المدينة، فرغم القصف المستمر على مدار الساعة، إلا أن أسواق مدينة غزة تعج بالحياة، والمواطنون يرتادونها، وحركة الناس في الشوارع لا تتوقف، والوضع في المدينة يسير بشكل شبه طبيعي.
وبيّن أن التصاعد التدريجي للعمليات العسكرية في مدينة غزة جعل سكانها يتأقلمون مع الوضع الخطير، كما أن خيارات النزوح كلها صعبة، وأصعب بكثير من البقاء في مدينة غزة، لذلك اختارت غالبية المواطنين البقاء.
وأوضح أنه من دون تنسيق مسبق، يتجمع المواطنون بشكل تدريجي في منطقة غرب مدينة غزة، وكلهم يتسلحون بموقف متصلب، برفض النزوح عن مدينة غزة مهما بلغت التحديات، مؤكداً أن مثل هذه الخطوة من شأنها إفشال مخططات الاحتلال، وأثرها بات واضحاً من خلال ارتباك الجيش، وتأجيله المستمر للعملية العسكرية.
    

 

0 تعليق