عاجل

رسوم مرتفعة ومستقبل غامض.. لماذا يعزف الطلاب عن الالتحاق بالجامعات السودانية؟ - زاجل الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

النور أحمد النور

Published On 14/9/202514/9/2025

|

آخر تحديث: 19:03 (توقيت مكة)آخر تحديث: 19:03 (توقيت مكة)

انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي

share2

شارِكْ

الخرطوم- عكست نتيجة القبول للجامعات السودانية لأول دفعة تقدّم امتحانات الشهادة الثانوية بعد الحرب المستمرة منذ نحو 29 شهرا، تداعيات الأزمة على مؤسسات التعليم العالي في البلاد وعزوف الطلاب عن الدراسة وظروفا قاسية تهدد بهجرة أساتذة الجامعات.

الإدارة العامة للقبول والتوثيق بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، كانت أعلنت مؤخرا نتيجة القبول للجامعات لدفعة العام 2023 التي كانت تستعد لتقديم الامتحانات قبل أسابيع من اندلاع الحرب وأدى ذلك إلى تأخرها عامين بتعليق الامتحانات.

اقرأ أيضا

list of 2 items end of list

وفي سنوات ما قبل الحرب، كان يقدم امتحان الشهادة الثانوية ما بين 455 ألفا إلى 470 ألف طالب وطالبة سنويا، في حين تستوعب الجامعات ومؤسسات التعليم العالي الأخرى العامة والخاصة حوالي 300 ألف طالب.

وكشفت نتائج القبول لدفعة العام 2023، أن عدد مقدمي امتحانات الشهادة الثانوية كانوا أكثر من 200 ألفا نجح منهم حوالي 150 ألفا، في حين بلغ عدد الذين تأهلوا للجامعات نحو 88 ألف طالب وطالبة، في مقابل أكثر من 250 ألف فرصة متاحة للقبول بالجامعات ومؤسسات التعليم العالي الأخرى.

عزوف الطلاب

وتوضح الأرقام عزوف أكثر من 40% من الطلاب المؤهلين عن التقديم للجامعات الحكومية، وهذا قد يؤشر إلى تراجع الثقة في مخرجات التعليم، وتراجع جاذبية بعض التخصصات التي كانت تمثل أعمدة النهضة الوطنية بجانب عدم الاستقرار وضعف اليقين لدى أسر الطلاب.

ومن الملاحظات التي شغلت مواقع التواصل الاجتماعي عزوف الطلاب عن الالتحاق بتخصصات مثل الفيزياء والرياضيات، أو الزراعة والهندسة الصناعية والتربية وهي تخصصات تُعد اليوم في دول العالم ركائز الثورة الصناعية الرابعة.

وتكشف الأرقام الرسمية أيضا عن خريطة تعليمية مضطربة، حيث لم تعد جامعات ولايات دارفور وجنوب وغرب كردفان متاحة للتعليم الجامعي، بفعل سيطرة قوات الدعم السريع عليها وغياب مؤسسات الدولة. ورغم نقل بعض الجامعات مقارها إلى ولايات آمنة بوسط البلاد، فإن عددا محدودا من الطلبة تقدم للدراسة بها وسط مخاوف من عدم الاستقرار.

إعلان

ويقول الكاتب والباحث في الإعلام التنموي إبراهيم شقلاوي للجزيرة نت، إن عزوف قطاع واسع من الطلاب عن التقديم للجامعات وبعض التخصصات، يطرح أسئلة عدة بشأن الجامعات ومناهجها "مما يدعو لمراجعة فلسفة التعليم ومآلاتها ومجالاتها التي تواكب رؤية الدولة السودانية الجديدة".

الدمار طال مقر وزارة التعليم العالي السودانية بسبب الحرب المندلعة منذ نحو 29 شهرا (الصحافة السودانية)

وأضاف أن "استمرار إغلاق الجامعات في إقليم دارفور وبعض جامعات إقليم كردفان يُسهم في تعميق الفجوة التنموية والمجتمعية بين المركز والريف، بجانب أنه ربما يُهدد مستقبل التعليم في هذه الولايات، ما ينذر بتراكم أسباب عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي مستقبلا".

ويعتقد شقلاوي أن تطوير التعليم العالي صار مشروعا وطنيا، "وينبغي أن يبدأ بإعادة هيكلة الجامعات، وتحديث المناهج، وتحفيز البحث العلمي، وربطه باحتياجات السوق والمجتمع، والخيار أمام الدولة بات واضحا: إما الإصلاح الجاد والجذري لمنظومة التعليم بما يتماشى مع العصر، أو المراوحة في نماذج بالية تُغذّي اليأس وتعمّق الفجوة بين المواطن والدولة".

من جانبه يقول الأستاذ الجامعي والمستشار الإعلامي لمدير جامعة الخرطوم عبد الملك النعيم للجزيرة نت، إن نتيجة القبول للجامعات تفرض تحديات للبحث عن طلاب لملء مقاعدها واستيفاء شروط وضوابط العملية التعليمية وفق المعايير العالمية، "فضلا عن توفير المال اللازم من الرسوم الدراسية خاصة للجامعات الخاصة التي تعتمد على الرسوم لتسيير العملية التدريسية".

ويوضح النعيم أنه "حتى الجامعات الحكومية التي يتناقص الدعم الحكومي لها سنويا درجت على إكمال نقص التمويل من رسوم القبول على النفقة الخاصة".

ووفقا للمتحدث فإن جامعة الخرطوم -بوصفها أولى الجامعات السودانية- احتفظت بمكانتها العلمية وسمعتها الأكاديمية رغم الظروف، "ويعكس ذلك الإقبال الكبير للطلاب على كلياتها المختلفة وحصولها على العدد المخطط له من داخل الجامعة والاحتفاظ بنسبة المنافسة المطلوبة لكل كلية".

ويعزو النعيم عزوف 40% من الطلاب عن التقديم للجامعات السودانية إلى "مخاوف من عدم الاستقرار، فاتجهوا إلى الدراسة في الخارج رغم كلفتها المالية العالية وصعوبة الحصول على مقاعد فيها".

ويقترح الأستاذ الجامعي على الجامعات الاهتمام بالإصلاح الأكاديمي في كلياتها، والاتجاه لنظام الساعات المعتمدة بدلا من النظام السنوي أو الفصلي وتقليل سنوات الدراسة مع استيفاء شروط الحصول على المؤهل.

كما شدد على ضرورة الاهتمام بالتدريب العملي والحقلي والميداني لكل الكليات التي تتطلب ذلك ومراجعة تعدد وازدواجية الكليات التي تدرس نفس المقرر أو التخصص، ودمجها والتنسيق بينها ترشيدا للموارد وضمانا لجودة المخرجات من الطلاب.

الجامعات الخاصة

ويلاحظ أن نسبة لا بأس بها من الطلاب اتجهت نحو الجامعات الخاصة، رغم ضعف الإقبال العام على التعليم العالي، ولكن هذا التوجه -وإن كان يُعطي انطباعا بوجود بدائل- يكشف أيضا عن محدودية الخيارات أمام الطلاب، خاصة في ظل الفروقات الكبيرة في الجودة بين مؤسسات التعليم الخاص والحكومي، والتكلفة المادية التي تُقصي فئات واسعة.

إعلان

وتكشفت بيانات في مواقع الجامعات عن رسوم دراسية مرتفعة في عدد من الجامعات السودانية على الطلاب المقبولين بنظام النفقة الخاصة، سواء من السودانيين أو الأجانب، إذ تصدرت جامعة الخرطوم قائمة المؤسسات التعليمية الأعلى تكلفة، بتحديدها نحو 7 آلاف دولار رسوما للدراسة في كلية الطب، في حين بلغت الرسوم المقررة للطلاب الأجانب في ذات الكلية 12 ألف دولار أميركي، وتقل رسوم الكليات الأخرى. وتلي المؤسسات الأعلى رسوما، جامعات أم درمان الإسلامية والسودان للعلوم والتكنولوجيا والجزيرة.

وأدى ارتفاع رسوم الدراسة في غالب الجامعات الخاصة إلى ضعف التقديم لها بسبب الظروف الاقتصادية لأسر الطلاب ممن تأثروا بالحرب، في حين استقرت بعض الأسر في دول لجؤوا إليها وتقل رسوم الدراسة في جامعاتها عن مؤسسات التعليم العالي السودانية، إلى جانب لجوء المهاجرين السودانيين لإرسال أبنائهم للدراسة في الهند وماليزيا وتركيا ومصر وغيرها.

وتكشف نتائج القبول الأخيرة عن صورة قاتمة للتعليم العالي في السودان، حيث يواجه الطلاب وأسرهم خيارات صعبة بين عزوف داخلي متزايد وضغوط اقتصادية وسياسية خانقة تدفع كثيرين للبحث عن بدائل خارجية مهما كانت كلفتها. وبينما تتعمق الفجوة بين طموحات الشباب والواقع التعليمي المتردي، تظل إصلاحات الجامعات وتطوير المناهج وربطها باحتياجات المجتمع مطلبا ملحّا لا يحتمل التأجيل.

0 تعليق