تشير تقارير حقوقية حديثة إلى حجم الانتهاكات والجرائم المروعة التي ارتكبتها مليشيات الحوثي المدعومة من إيران بحق الأطفال في اليمن على مدى السنوات العشر الماضية.
فقد كشفت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، بالتعاون مع رابطة "معونة" لحقوق الإنسان والهجرة، عن توثيق أكثر من 21 ألفًا و342 انتهاكًا طال الأطفال اليمنيين، بين قتل وتشريد واختطاف وتجنيد قسري، خلال الفترة الممتدة من 1 يناير 2015 وحتى 1 يوليو 2025.
أطفال اليمن بين القتل والتجنيد
التقرير الذي حمل عنوان «أطفال اليمن بين القتل والتجنيد»، وتم عرضه على هامش الدورة الـ60 لمجلس حقوق الإنسان المنعقدة في جنيف، أكد أن مليشيات الحوثي مارست أبشع الجرائم بحق شريحة الطفولة، بما في ذلك القتل المباشر، القنص، الحرمان من التعليم، منع وصول الغذاء والدواء والماء، والتجنيد في جبهات القتال.
حصيلة مرعبة من الضحايا
حسب الإحصائيات، فقد سقط 9914 طفلًا قتيلًا، وأصيب 6417 طفلًا بجروح متفاوتة الخطورة، نتيجة القصف المباشر، وزرع الألغام، وإطلاق النيران، فضلًا عن الهجمات العشوائية التي استهدفت الأحياء السكنية.
كما حرم آلاف الأطفال من حقهم في الحياة الكريمة بسبب الحصار المفروض على المدن والقرى، ومنع وصول المساعدات الإنسانية.
الاعتقالات والاختطافات
وثق التقرير ما يقارب 598 حالة اعتقال واختطاف طالت الأطفال في 17 محافظة يمنية، وأكد أن معظم هذه الحالات جرت بهدف ابتزاز أهالي الأطفال ماليًا، أو استخدامهم كأدوات ضغط على المعارضين للحوثيين.
جرائم اغتصاب وانتهاكات جسيمة
ولم تتوقف الانتهاكات عند القتل والاختطاف؛ بل رصد التقرير 51 حالة اغتصاب بحق أطفال ارتبطت بشكل مباشر بقيادات ومشرفين حوثيين.
هذه الجرائم الخطيرة تمثل وصمة عار في سجل الجماعة، وتعكس غياب أي التزام بالقيم الإنسانية أو الأعراف الاجتماعية.
تجنيد الأطفال: كارثة تتفاقم
واحدة من أبشع الجرائم التي ارتكبتها مليشيات الحوثي هي تجنيد أكثر من 30 ألف طفل تتراوح أعمارهم بين 12 و14 عامًا. هؤلاء الأطفال حُرموا من طفولتهم وزُج بهم في معارك مميتة بعد إخضاعهم لدورات طائفية وفكرية مكثفة.
الأطفال ينفذون جرائم بحق أقاربهم
التقرير أشار إلى ظاهرة مروعة؛ إذ نفذ أطفال مجندون لدى الحوثيين أكثر من 314 جريمة قتل وإصابة بحق أقربائهم، بينها 189 حالة قتل، و125 إصابة.
هذه الوقائع المؤلمة تؤكد أن الحوثيين نجحوا في غرس ثقافة الكراهية والعنف داخل عقول الأطفال عبر التعبئة الطائفية والإيديولوجية، مما حولهم إلى أدوات قتل حتى داخل أسرهم.
الحرمان من التعليم
انعكست حرب الحوثيين بشكل مدمر على قطاع التعليم في اليمن. فقد تسبب انقلابهم المستمر منذ 10 أعوام في حرمان نحو 2.5 مليون طفل من استكمال تعليمهم، نتيجة تهجير وتشريد آلاف الأسر، وتحويل المدارس إلى ثكنات عسكرية أو معسكرات تدريب، بعض المنشآت التعليمية جرى استخدامها كمراكز إيواء للنازحين، وهو ما زاد من تعقيد المشهد التعليمي.
سوق العمل غير الآمن للأطفال
أدى تدهور الوضع المعيشي إلى دفع ما يزيد عن مليوني طفل إلى سوق العمل في ظروف غير آمنة، بلا ضمانات قانونية أو أخلاقية، من أجل إعالة أسرهم، هذا التحول الخطير يعرض الأطفال لمخاطر الاستغلال الاقتصادي، والإصابات الجسدية، ويهدد مستقبلهم بالكامل.
أوضاع إنسانية مأساوية
أكد التقرير أن انقلاب الحوثيين تسبب في خلق أسوأ أزمة إنسانية في العالم، حيث يعيش أكثر من 17 مليون طفل يمني أوضاعًا مأساوية، ويحتاجون لمساعدات إنسانية عاجلة، فالحصار وإغلاق الطرقات ومنع المساعدات الإنسانية جعل من الطفولة اليمنية ضحية مباشرة للحرب والسياسات الطائفية.
حرمان من العائلة والحياة الكريمة
كما حرم آلاف الأطفال من آبائهم الذين قتلوا في المعارك أو يقبعون في سجون الحوثيين. هذه الأوضاع المأساوية خلقت جيلًا مشردًا فاقدًا للأمان الأسري، يعاني من صدمات نفسية حادة.
مطالب حقوقية ودعوات دولية
دعا التقرير المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى إجبار مليشيات الحوثي على احترام القوانين الدولية التي تكفل للأطفال حماية خاصة من القتل والتجنيد والإجبار على المشاركة في النزاعات المسلحة.
كما طالب بإدراج القيادات الحوثية المتورطة في هذه الجرائم ضمن القائمة السوداء لمنتهكي حقوق الطفل.
التحقيق والمحاسبة
شدد التقرير على ضرورة فتح تحقيقات مستقلة بشأن جرائم الحوثيين بحق الأطفال، وإحالة المتورطين إلى القضاء الدولي باعتبارها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم.
تُظهر الأرقام المرعبة التي كشفها التقرير أن مليشيات الحوثي تمثل خطرًا وجوديًا على حاضر ومستقبل الطفولة في اليمن، فمن القتل والاغتصاب والاختطاف، إلى التجنيد والحرمان من التعليم، وصولًا إلى التشريد والجوع، تواصل هذه الجماعة انتهاكاتها الممنهجة بحق الأطفال.
إن المجتمع الدولي مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بالتحرك العاجل لوقف هذه الجرائم، وإنقاذ ملايين الأطفال اليمنيين من المصير المظلم الذي تفرضه سياسات الحرب الحوثية. فحماية الطفولة اليمنية ليست فقط مسؤولية وطنية، بل هي قضية إنسانية وأخلاقية عالمية.
0 تعليق