تمثل السنة النبوية المشرفة الركن الثاني للتشريع الإسلامي، والمرجع الأساسي لفهم القرآن الكريم وتطبيقه، إلا أن هذا الصرح الشامخ يشهد، بين الحين والآخر، هجمات تشكيكية تهدف إلى تقويض مكانته.
ولا تعتبر هذه الهجمات وليدة اليوم، بل هي فتنة قديمة تتجدد كلما خفت صوت العلم وارتفع ضجيج الشك، متسللة بثياب العقل والتحرر، مرة تحت دعوى تنقية الدين، وأخرى تحت شعار التحرر من سلطة النصوص، وثالثة باسم التحقيق التاريخي.
لكن حقيقتها، كما يرى العلماء، هي عداء صريح لوحي الله، وتشكيك في حامل رسالته، وتمهيد لتفريغ الإسلام من مضمونه وجوهره.
وفي هذا الإطار، سلطت حلقة (2025/9/15) من برنامج "حكم وحكمة" الضوء على هذه القضية، لمناقشة جذور هذه الظاهرة وأهدافها، وكيفية التصدي لها.
وأستضاف البرنامج عددا من المتخصصين الذين أكدوا أن السنة هي الوحي المفسر للوحي الأول، وأن إنكارها إنكار لنصف الدين.
وطرحت الحلقة الأسئلة: كيف تقام الصلاة بلا سنة؟ كيف تزكي وتصوم وتحج؟ كيف نفرق بين الحلال والحرام دون بيان النبي صلى الله عليه وسلم؟ ولفتت إلى أن الاستغناء عن السنة يترك أحكام الشريعة للفهم الفردي، فيصير كل قارئ فقيها، وكل متفلسف مفسرا، وكل رافض للسنة مجددا.
وأكد الضيوف أن من قال إنه قادر على فهم الإسلام من القرآن الكريم وحده بمعزل عن السنة، فإنما يخدع نفسه ويضل غيره.
التطبيق العملي
ويظهر التطبيق العملي لهذا البيان النبوي في تفاصيل العبادات التي لا تكتمل إلا بالسنة، إذ أمر الله بالصلاة، لكن عدد ركعاتها، وهيئاتها، ومواقيتها، كلها جاءت من السنة.
وأمر الله بالزكاة، لكن مقاديرها ونسبها في الأنواع المختلفة من المزروعات والتجارات، والتي تتراوح بين 5% و20% حسب الجهد والعناء، كلها تفاصيل بينتها السنة النبوية، وأوضحت الحلقة أن القرآن نص، والسنة هي المبينة والمفسرة والموضحة.
ويدفع هذا الواقع إلى تساؤل ملح: لماذا يسمح البعض بنشر هذه الشبهات؟ ويُستغرب أن تهاجم جهات تشكك في سنة النبي صلى الله عليه وسلم، بينما لا تسمح لنفسها بأن يطعن أحد في مسؤول من مسؤوليها.
إعلان
ويكيل البعض بمكيالين، فالتعدي على المسؤولين جريمة لا تغتفر، بينما التعدي على مقام النبوة يوصف تحت حرية الرأي والفكر!
ولا تكون مواجهة هذه التحديات بالصمت -وفقا لضيوف الحلقة- بل بتفعيل السنة في حياة المسلمين اليومية، وجعلها منهج حياة.
وتكون نصرة السنة بأن يكون المسلم مثالا حيّا لها في سلوكه وأخلاقه وتعاملاته مع زوجته وأولاده وجيرانه، فالتبسم في وجه الآخر صدقة، وصلة الرحم تمد في العمر وتوسع الرزق، وحق الجار من أعظم الحقوق.
وينتج عن تفعيل هذه السنن في المجتمع مجتمعا متراحما، تقل فيه نسبة الحقد والحسد، وتسوده الطمأنينة.
وأكدت الحلقة أن الهجوم على السنة ليس هجوما على كلام بشري، بل هو هجوم على وحي أوحاه الله إلى نبيه.
ومن أنكر السنة فقد أنكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة، وفصل بين الوحيين المتلازمين، فالإيمان الحقيقي لا يكتمل باتباع القرآن وحده، والذي يفصل القرآن عن السنة ينكر نصف الوحي، وفي ذلك الخطر العظيم على هوية الأمة وثوابتها.
Published On 15/9/202515/9/2025
|آخر تحديث: 19:37 (توقيت مكة)آخر تحديث: 19:37 (توقيت مكة)
انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي
share2شارِكْ
0 تعليق