Published On 16/9/202516/9/2025
|آخر تحديث: 13:18 (توقيت مكة)آخر تحديث: 13:18 (توقيت مكة)
انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي
share2شارِكْ
نشرت صحيفة "إلباييس" الإسبانية مقالًا للطبيب الإسباني راؤول إنثيرتيس خارّيو، والذي استعرض فيه شهادته على ما شهده في قطاع غزة، عندما عمل كطبيب طوارئ وتخدير متطوع في مستشفَيين بغزة خلال الفترة من أبريل/نيسان إلى يوليو/تموز هذا العام، مشيرًا إلى أنه من كثرة الأطفال الجرحى الذين شاهدهم توقف عن عدهم، وخاصة أولئك الذين كانوا يصلون وحدهم بعد أن استشهدت عائلاتهم في القصف.
وقال الطبيب "أتذكّر فتاة في السادسة، أمسكت بذراعها المبتورة والمحترقة لأزيحها جانبًا لأنها كانت تعيقنا بينما نحاول أن نمنحها فرصة للبقاء، وكانت ترتدي قميصًا داخليًا مطبوعًا عليه خراف صغيرة اضطررنا إلى قصّه لفحصها، ولكنها ماتت فيما بعد ولم أحتفظ باسمها.
اقرأ أيضا
list of 2 items end of listوبعد 3 أسابيع فقط من وصولي فقدت القدرة على عدّ الأطفال المبتورين والمشوّهين والممزّقين والمحترقين الذين اضطررنا لمعالجتهم، وكذلك عدّ من ماتوا من بينهم.
وتابع "ثمة غيمة سوداء في رأسي، تتكوّن من صور فظيعة تمنعني من النسيان، فكثيرون كانوا يموتون أمام أعيننا رغم محاولاتنا اليائسة لإنقاذهم، بمن فيهم من لفظ أنفاسه أثناء تقديم الرعاية، ولقد فقدت القدرة على عدّ عربات النقل أو العربات التي تجرّها الحمير المليئة بالجثث في طريقها إلى المشرحة، التي لم تتوقّف المستشفيات عن استقبالها، كانت تدخل وتخرج كما لو أنّها مصنع يدخل ويخرج منه العمّال، لكنّهم موتى، ظلّت وجوه معظمهم مشدودة برعب، تعكس آخر إحساس لهم قبل أن يُقتلوا".
وأكد الطبيب الإسباني أنه لم يتوقف عن استقبال مدنيين يوميًا، وأحيانًا عدّة مرات في اليوم، مصابين برصاصات في الرأس والصدر، مضيفا "لقد كانوا بشرًا مثلنا، واقفين في طوابير الحصول على المساعدات الإنسانية، فاستُهدِفوا بنيران قنّاصة ودبابات وقذائف هاون وطائرات مسيّرة، كانوا 40 أو 60 أو 90 جريحًا دفعة واحدة، وفي صباحٍ واحد تجاوز عدد من استقبلناهم المائتين".
إعلان
ويضيف "لقد كنا نتعثر بالجرحى الممدّدين على الأرض ونسقط فوقهم، كثيرون منهم كانوا أطفالًا ونساءً، وكان عددهم يفوق طاقتنا فمات كثيرون وهم ينتظرون مساعدة لم تَأتِ".
الأولوية للأطفال
وأفاد الطبيب أنه وسط هذا الجحيم من الجثث والأشلاء وذوي الضحايا المذعورين كان لديه يقين واحد على الأقل وهو أنه يجب أن نبدأ بالأطفال، متذكّرًا طفلة لا تزيد عن سنة ونصف، أُصيبت برصاصة في الصدر وهي بين ذراعي أمّها، جاءت، كما حال كثيرين، من أحد مراكز توزيع الطعام التابعة لمؤسسة غزة الإنسانية، وهي تسمية تبدو مثيرة للاشمئزاز في ظل ما حصل.
وأكد الطبيب أنه شاهد الدكتورة آلاء طبيبة الأطفال في المستشفى، عندما فقدت جزءًا كبيرًا من روحها، عندما قُتل 9 من أبنائها العشرة وزوجها في قصف إسرائيلي بينما كانت تعمل، مضيفًا "لم أدْرِ من أين استمدّت القوة لتأتي بعد 3 أيام مرتدية ملابس الحداد لتشكر الأطباء الذين عالجوا ابنها الوحيد الناجي، آدم".
وقال الطبيب إنه فقد القدرة على عدّ الآباء والأمهات الذين فقدوا أبناءهم، والنساء والرجال الذين رآهم ملقين على الأرض في حالة صدمة أو يصرخون وهم يتلقّون أبناءهم الجدد الموتى على أسرّة المستشفى.
وذكر الطبيب أن كل زملائه بلا استثناء فقدوا أقارب من الدرجة الأولى أو الثانية؛ منهم أحمد، الممرّض الجراح الذي قضى معه ساعات طويلة في غرفة العمليات، وقد قُتل بقنبلة استهدفت كوخه مع أطفاله الثلاثة، مشيرًا إلى أنه لم يكن أحد يرسم ابتسامة على وجهه كما كان يفعل هو، رغم معاناته وظروفه البائسة، وكان يحيّيه بحرارة ويمنحه كلمة طيبة تجعله يشعر بأنه إنسان أفضل.
واستطرد الطبيب قائلًا "كل يوم، وخاصّة ليلًا، كنا نستقبل عائلات بأكملها بعدما قُصفت أكواخهم في مخيمات النزوح، في "المنطقة الإنسانية" بالمواصي – المكان الذي طُلب من السكان اللجوء إليه لتجنّب الهجوم الإسرائيلي، والذي يُطلَب منهم الآن التوجّه إليه مجددًا، عليهم أن يغيّروا اسم تلك المنطقة".
واختتم الطبيب مقاله بالقول إنه "قد يقرّر الآخرون فيما بعد إن كان ما حدث إبادة جماعية أم لا، لكنّه طافَ غزّة طولًا وعرضًا، ويعرف شيئًا واحدًا مؤكدًا: لا يمكن العيش هناك".
0 تعليق