واشنطن - "سي ان ان": تشهد صناعة السيارات تحولاً جذرياً يعيد تشكيل قواعد اللعبة، فمع التحديات التكنولوجية المتسارعة، والتكاليف الباهظة لتطوير السيارات الكهربائية وتقنيات القيادة الذاتية، أصبح البقاء للأقوى.
في خطوة تعكس هذا الواقع الجديد، أعلنت شركتا "هوندا" و"نيسان" عن خططهما للاندماج لتشكيل ثالث أكبر شركة سيارات في العالم، وهي خطوة ليست مجرد تعاون تجاري، بل مؤشر واضح على أن مستقبل الصناعة يتجه نحو تكتلات عملاقة، حيث لن يكون للصغار مكان في هذا السباق المحموم.
وعلى الرغم من أن تفاصيل صفقة الاندماج بين "هوندا" و"نيسان" اليابانيتين لم تُحسم بعد، فإن الإعلان الرسمي متوقع خلال الأشهر الستة القادمة.
والاندماجات في صناعة السيارات ليست بالأمر الجديد؛ فقد بدأت منذ تشكيل شركة "جنرال موتورز" في أوائل القرن العشرين، ومع ذلك يرى الخبراء أن صفقة هوندا - نيسان قد تشعل سلسلة من الاندماجات التي ستعيد تشكيل الصناعة.
وقال جيف شوستر، نائب الرئيس العالمي للأبحاث في شركة "غلوبال داتا"، "البيئة الحالية مواتية لمزيد من الاندماجات، قد لا تكون صفقة هوندا - نيسان هي السبب المباشر، لكنها قد تسرع من وتيرة هذه التحولات".
وفرضت تكاليف التحول إلى السيارات الكهربائية وتقنيات القيادة الذاتية على الشركات إنفاق عشرات مليارات الدولارات على البحث والتطوير، وبالنسبة لمعظم الشركات لم تصبح السيارات الكهربائية مربحة بعد، باستثناء بعض الشركات مثل "تسلا" وبعض الشركات الصينية.
وقال شوستر، "الواقع القاسي هو أن الاستثمارات لم تحقق عوائد بعد، وسيستغرق الأمر وقتاً أطول مما كان متوقعاً".
ولم تعد الصين مجرد سوق محلي للسيارات؛ فالشركات الصينية، مثل "بي واي دي"، أصبحت قوة دولية، حيث باعت أكثر من 4 ملايين سيارة في 2024، بزيادة قدرها 41% على العام السابق، وأكثر من ثلث مبيعاتها من السيارات الكهربائية، ما يضعها في موقع تنافسي قوي في أوروبا وأميركا الشمالية.
يرى الخبراء أن السنوات القادمة ستشهد تقليص عدد شركات السيارات الكبرى عالمياً.
وقال ك. فينكاتيش براساد، نائب رئيس مركز أبحاث السيارات في ميشيغان، "ربما يبقى لاعبان فقط في كل منطقة رئيسة، وقد ننتقل من عشرين لاعباً إلى ثمانية فقط خلال العقد القادم".
ورغم هذه التوجهات، فإن العديد من الاندماجات السابقة لم تنجح، على سبيل المثال فشلت صفقة اندماج "دايملر بنز" مع "كرايسلر"، كما انتهت شراكة "نيسان" مع "رينو" بعد فضيحة الرئيس التنفيذي كارلوس غصن.
فالسياسات الوطنية قد تكون عائقاً أمام بعض الاندماجات؛ فبعض الدول قد ترفض دمج شركاتها الوطنية مع شركات أجنبية.
وبدلاً من الاندماجات الكاملة، قد تتجه بعض الشركات إلى تشكيل تحالفات، على سبيل المثال أعلنت "جنرال موتورز" و"هيونداي" في أيلول الماضي عن خطط للتعاون في تطوير وإنتاج السيارات الكهربائية والتقليدية، بالإضافة إلى توفير المواد الخام اللازمة للإنتاج.
ورغم الصعوبات، يبدو أن الصناعة تتجه نحو إعادة تشكيل جذرية، حيث ستتقلص بعض الشركات بينما ستصعد أخرى، ومع تزايد الإقبال على السيارات الكهربائية والتحديات البيئية، ستظل الشركات الكبرى هي التي تصمد أمام هذه التحولات.
0 تعليق