بكين - أ ف ب: سجلت الصين نمواً اقتصادياً نسبته 5% في 2024، فيما يعد أبطأ وتيرة منذ ثلاثة عقود ونصف العقد باستثناء فترة كورونا، في أرقام نُشرت قبل أيام من تنصيب دونالد ترامب الذي يلوِّح بحرب تجارية.
وحددت بكين تحقيق نمو بحوالى 5% هدفاً لها بعد نسبة 5.2% في ناتجها المحلي الإجمالي سجلت في العام 2023، مع استمرار أزمة قطاع العقارات وتباطؤ الاستهلاك المحلي والتوترات التجارية مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
في العام 2024، وصل الناتج المحلي الإجمالي للصين إلى حوالى 134.9 تريليون يوان (حوالي تريليون دولار) وفقاً لتقديرات رسمية نشرها، أمس، المكتب الوطني للإحصاء.
وقال المكتب الوطني للإحصاء: إن النمو سُجل في "بيئة معقدة وشديدة الوطأة مع تزايد الضغوط الخارجية والصعوبات الداخلية".
ارتفعت مبيعات التجزئة، وهي مقياس رئيسي لمعنويات المستهلكين، بنسبة 3.5%، وهو معدل أدنى بكثير من نسبة 7.2% التي سُجلت في العام 2023، على الرغم من أن الناتج الصناعي زاد بنسبة 5.8% في مقابل 4.6% في العام السابق.
ومع ذلك، فإن تسجيل زيادة بنسبة 5.4% في النمو الاقتصادي التي شهدتها الأشهر الأربعة الأخيرة تجاوزت بكثير التوقعات التي عولت على 5% في استطلاع وكالة بلومبرغ، وكانت أفضل بكثير من الفترة نفسها في العام 2023.
وقال تشيوي تشانغ، رئيس شركة بينبوينت لإدارة الأصول: إن البيانات توجه لنا "رسائل مختلطة".
وأضاف: إن التحول الأخير في سياسة بكين "ساعد الاقتصاد على الاستقرار في (الربع الأخير)، لكنه يتطلب تحفيزاً كبيراً ومستمراً في السياسات لتعزيز الزخم الاقتصادي واستدامة التعافي".
وقالت زيتشون هوانغ، الخبيرة الاقتصادية الصينية في كابيتال إيكونوميكس: إنها تتوقع أن "يستمر النمو في التسارع في الأشهر المقبلة".
وأضافت: "يبدو أن تدابير دعم قطاع العقارات التي اتخذتها الحكومة توفر بعض الارتياح مع تباطؤ وتيرة انخفاض أسعار المساكن، وتسجيل بعض التعافي في مبيعات المساكن الجديدة".
ومعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الأخير هو الأدنى الذي تسجله الصين منذ العام 1990، باستثناء السنوات المالية المضطربة خلال جائحة كورونا.
قدر المحللون، الذين استطلعت آراءهم وكالة فرانس برس، أن ينخفض النمو إلى 4.4% في العام 2025، وحتى إلى دون 4% في العام التالي.
فالصين لم تتعاف بعد من تبعات الجائحة وما زال الإنفاق المحلي في حالة ركود والحكومات المحلية مثقلة بالديون، وكلها عوامل تواصل الضغط على النمو.
ومع ذلك، أظهرت البيانات الرسمية هذا الأسبوع أن الصادرات وصلت إلى أعلى مستوى تاريخي العام الماضي. لكن الفائض التجاري الضخم للصين قد ينعكس سلباً عليها وقد لا تكون قادرة على الاعتماد على الشحنات الخارجية لتعزيز الاقتصاد المتباطئ، بعدما توعدها ترامب الذي سيبدأ ولايته الثانية الأسبوع المقبل بفرض عقوبات تجارية شديدة عليها.
وأظهرت بيانات المكتب الوطني للإحصاء، أمس، أيضاً أن إنتاج محطات الطاقة الحرارية التي تعمل بالفحم في المقام الأول زاد بنسبة 1.5% على أساس سنوي في العام 2024.
كذلك، أظهرت البيانات أن إنتاج الصين من الوقود الأحفوري، بما في ذلك الفحم والغاز الطبيعي، ازداد أيضاً، ما يعني أن خفض انبعاثات البلاد لم يبدأ في العام الماضي كما كان يؤمل.
اعتمدت بكين سلسلة من التدابير في الأشهر الأخيرة لدعم الاقتصاد، بما في ذلك خفض أسعار الفائدة الرئيسية وتخفيف ديون الحكومات المحلية، وتوسيع برامج الدعم للسلع المنزلية.
وكان المراقبون ينتظرون بيانات أمس بحثاً عن مؤشرات على نجاح هذه التدابير في إحياء النشاط الاقتصادي.
وألمح البنك المركزي الصيني إلى أنه سيخفض أسعار الفائدة بشكل أكبر في العام 2025، كجزء من تحول رئيسي يتميز بموقف "مرن إلى حد ما" للسياسة النقدية.
ومع ذلك، يحذر المحللون من الحاجة إلى مزيد من الجهود لتنشيط الاستهلاك المحلي في ظل حالة عدم اليقين بشأن آفاق الصادرات الصينية.
وقال هاري مورفي كروز من شركة موديز أناليتيكس لوكالة فرانس برس: "من غير المرجح أن يؤدي دعم السياسة النقدية وحده إلى تصحيح الاقتصاد".
وكتب: "تعاني الصين من أزمة ثقة، وليس من أزمة ائتمان".
وقال تينغ لو، كبير خبراء الاقتصاد الصيني في نومورا: إن بكين، التي "شجعها" تحقيق هدف العام الماضي، من غير المرجح أن تغير هدفها السنوي للنمو البالغ نحو 5% للعام المقبل.
وكتب لو: "نحن قلقون من أن بكين قد لا تكثف جهودها بما يكفي للقيام بالعمل الدؤوب المتوقع منها بعدما سجلت نجاحاً على المدى القصير". ورأى أنه على الرغم من البيانات المتفائلة التي نشرت أمس، فإن الوقت ليس مناسباً لأن ترتاح بكين متكلة على أمجادها".
0 تعليق