كاتب أميركي: الجمارك هدية ترامب للصين - زاجل الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

واشنطن - د ب أ: تعد الصين أكبر مستفيد من الانهيار الناجم عن الرسوم الجمركية الأميركية، فقد استغلت بكين الأزمات الغربية من قبل لاتخاذ مواقف متطرفة في الشؤون الدولية.
وقال تريفور فيلسيث، الكاتب بمجلة ناشونال إنترست الأميركية في تقرير نشرته المجلة: إن البيت الأبيض نشر، بعد ظهر الجمعة الماضي، بياناً يزعم فيه أن الرئيس دونالد ترامب "أطلق العنان للرخاء الاقتصادي" عن طريق فرض مجموعة كبيرة من الرسوم على عشرات الشركاء التجاريين للولايات المتحدة. وشددت الإدارة على أن الهدف هو ضمان حرية التجارة و"إبطال عقود من العولمة التي قضت على قطاع كبير من قاعدتنا الصناعية".
ويشير فيلسيث إلى أنه بينما تستجيب الأسواق الأميركية لرسوم ترامب، يستجيب باقي العالم أيضاً بطرق لا تصب في مصلحة أميركا. وهدد الشركاء التجاريون التقليديون لواشنطن بوضع عقبات انتقامية في ظل مواجهتهم لاحتمال عقبات الرسوم المرتفعة، ما سيبطئ التجارة الدولية ويجعل الطرفين أسوأ حالاً.
والأهم من ذلك، أنهم يلجؤون إلى دول ثالثة لخلق سلاسل إمداد بديلة كي يكافحوا آثار هذه الرسوم، ما سيعزل أميركا عملياً. وتعهدت كندا بالانتقام وأرسلت وفوداً إلى الاتحاد الأوروبي لاكتساب شركاء جدد هناك.
ولجأت دول جنوب شرق آسيا إلى تعزيز التبادل التجاري بين بعضها البعض نظراً لمواجهتها رسوما جمركية أساسية من قبل الولايات المتحدة. ويدور أمر مشابه في أميركا اللاتينية والمكسيك، التي أفلتت من عبء رسوم ترامب حتى الآن.
ويشير فيلسيث إلى أن رد الفعل الأجدر بالملاحظة جاء من اليابان وكوريا الجنوبية، أقدم حليفين وأكثرهما موثوقية في منطقة المحيطين الهندي - والهادئ. فقد التقى ممثلو الدولتين بنظرائهم في الصين وذكرت تقارير أنهم ناقشوا نهجاً مشتركاً إزاء التعامل مع رسوم ترامب وفقاً لمصادر صينية، حيث تواجه كوريا الجنوبية احتمال تطبيق رسوم بنسبة 25% واليابان بنسبة 24% على جميع الصادرات إلى الولايات المتحدة.
من ناحيتها، تبدو بكين مبتهجة بتسلسل الأحداث. وبالطبع تم استهداف الصين أيضاً بالرسوم وتعهدت حكومتها بانتقام موجه. لكن إن كانت الصين تعاني جراء سياسات ترامب، فإن قيادتها تبدو راضية معتقدة أن الولايات المتحدة تعاني أكثر بكثير.
ويرجح أن التقارير المتداولة عن زوال أميركا من الساحة الدولية مبالغ فيها، لكن رد فعل بكين يوضح جانباً ثانياً من هذه الأحداث الدرامية. وإذا تواصلت الأزمة الأميركية، أي إذا واصلت مؤشرات الأسواق الانخفاض واندفع العالم الغربي إلى هاوية الكساد وإذا ضعفت العلاقات طويلة الأمد بين الولايات المتحدة وحلفائها لتتجاوز نقطة اللاعودة، من المؤكد أن الصين ستستغل الموقف لصالحها.
وعندما تولى ترامب الرئاسة في ولايته الأولى عام 2017، وسع التواجد الأميركي بصورة كبيرة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ وأطلق مشروعات دبلوماسية جديدة في المنطقة، لا سيما الشراكة "الرباعية" بين أميركا واليابان وأستراليا والهند، لكن يبدو أن الهدف الذي أحرزه ترامب في مرماه فيما يتعلق بمسألة سياسة الرسوم قد غير هذا.
ويعرف عن الرئيس الصيني جيداً أنه متشكك في نموذج التجارة الحرة الغربية. ويدرك، مثل ترامب، أن مصدر قوة أي أمة قوتها الصناعية، وأن هذه القوة أهم من حرية التجارة المطلقة. لكنه على العكس من ترامب أمضى سنوات يروج لنموذج "تداول مزدوج" في الاقتصاد يرتبط فيه العرض المحلي بالطلب.
أما بصدد الشكل الذي يجب أن يكون عليه رد فعل أميركا؟ يرى فيلسيث أنها يجب أولاً أن تبعث بإشارة واضحة إلى بكين أنها سترد بقوة في مواجهة أي عدوان إقليمي إضافي، والأبعد من هذا هو أنه يتعين على واشنطن أن تتخذ خطوات لتتفوق اقتصادياً على بكين.
ولحسن الحظ، هناك نقطة ضعف في نموذج "التداول المزدوج". فهو مستقر، لكنه محدود بطبيعته لنفس سبب محدودية جميع الأنظمة الاقتصادية القائمة على الاكتفاء الذاتي. وإذا كانت إدارة ترامب ترغب حقاً في التفوق على الصين، سيكون أكبر مصدر قوة لها، للمفارقة، التجارة الخارجية، فقد تكون الرسوم الرامية لتطوير قاعدة صناعات دفاعية أميركية، حتى عن طريق المنافسة مع الحلفاء، ضرورية لأسباب متعلقة بالأمن القومي، لكن الرسوم الشاملة على جميع البضائع الأجنبية غير موفقة.
 ويختم الكاتب تقريره بالقول: إنه عندما تكون الولايات المتحدة ضعيفة، تكون الصين قوية. إن رسوم ترامب تضعف الولايات المتحدة في تصور الصين وفي الواقع، ولا بد أن يجد طريقة للخروج منها.

0 تعليق