الدكتور / فهد بن محمد بن حمد السليِّم
عميد كلية أصول الدين سابقا
*هل لشهر رجب أعمال تخصه؟*
يسأل البعض هل هناك أعمال وأقوال ودعاء تختص بشهر رجب، والجواب: من قول شيخنا العلامة محمد العثيمين رحمه الله: “لم يرد في فضل رجب حديثٌ صحيح، ولا يمتاز شهر رجب عن جمادى الآخرة الذي قبله إلا بأنه من الأشهر الحرم فقط، وإلا ليس فيه صيام مشروع، ولا صلاة مشروعة، ولا عمرة مشروعة ولا شيء، هو كغيره من الشهور ” انتهى ملخصا. “لقاء الباب المفتوح” (174/ 26).
كما يتناقل الناس حديثا، هذا نصه: روى عبد الله بن الإمام أحمد في “زوائد المسند”، والطبراني في “الأوسط”، والبيهقي في “الشعب”، وأبو نعيم في “الحلية” عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ رَجَبٌ قَالَ: (اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رَجَبٍ، وَشَعْبَانَ، وَبَلِّغْنَا رَمَضَانَ). وهذا إسناد ضعيف. ضعفه النووي في “الأذكار”، وابن رجب في “لطائف المعارف”، والألباني في “ضعيف الجامع”. ثم إن الحديث – مع ضعفه – ليس فيه أن ذلك يقال عند أول ليلة من شهر رجب، إنما هو دعاء مطلق بالبركة فيه، وهذا يصح في رجب وقبل رجب أيضا.
ويقول العلامة الإمام عبد العزيز ابن باز رحمه الله: “تخصيص رجب بصلاة الرَّغائب أو الاحتفال بليلة (27) منه يزعمون أنها ليلة الإسراء والمعراج، كل ذلك بدعة لا يجوز، وليس له أصل في الشرع، وقد نبَّه على ذلك المحققون من أهل العلم، وقد كتبنا في ذلك غير مرةٍ، وأوضحنا للناس أن صلاة الرغائب بدعة، وهي ما يفعله بعضُ الناس في أول ليلة جمعة من رجب، وهكذا الاحتفال بليلة (27) اعتقادًا أنها ليلة الإسراء والمعراج، كل ذلك بدعة لا أصل له في الشرع، وليلة الإسراء والمعراج لم تُعلم عينها، ولو عُلمت لم يجز الاحتفال بها؛ لأن النبي ﷺ لم يحتفل بها، وهكذا خلفاؤه الراشدون وبقية أصحابه، ولو كان ذلك سنة لسبقونا إليها. والخير كله في اتباعهم والسير على منهاجهم”.
وكانوا في الجاهلية يُطلقون على شهر رجب اسم “الأصب” ويعتقدون أن الله يصب فيه الرحمات والخيرات صبًا، وأن البركة تنزل فيه بكثرة، ولكن لا يوجد حديث صحيح يدل على ذلك ؛ أو يثبت تفضيل رجب بعبادات معينة كالصيام أو الصلاة أو الدعاء، بل هو من الأشهر الحرم التي ينهى فيها عن ابتداء القتال؛ وتعظم فيه المعصية؛
والخلاصة: أنه ليس هناك عمل يختص بشهر رجب، والله أعلم.