شهد القطاع المصرفي في دولة الإمارات خلال السنوات الأخيرة، إغلاق بعض البنوك لعشرات الفروع التقليدية، وهو ما يعكس تحولاً جوهرياً في استراتيجيات البنوك وسلوكها تجاه عملائها، فالفروع التي كانت تعد الوجهة الرئيسية للعملاء لإنجاز معاملاتهم المالية، بدأت تنحسر تدريجياً، لتحل محلها التطبيقات الرقمية.
يأتي هذا التحول في وقت يتزايد فيه اعتماد البنوك على التطبيقات الذكية كوسيلة رئيسية للتعامل مع العملاء مؤخراً، بعد أن أثبتت قدرتها على ضمان انسيابية وتسريع وتيرة المعاملات، الأمر الذي قلص الحاجة إلى الإجراءات التقليدية أو التدخل المباشر من موظفي الفروع.
وبحسب إحصائيات «مصرف الإمارات المركزي»، بلغ عدد فروع البنوك المحلية في الإمارات 489 فرعاً بنهاية 2023، وانخفضت بمقدار 6 فروع لتصل إلى 483 فرعاً بنهاية عام 2024 وانخفضت بمقدار 39 فرعاً لتصل إلى 444 فرعاً بنهاية النصف الأول من العام الجاري 2025، أي تم إغلاق 45 فرعاً خلال عام ونصف العام فقط.
في حين بلغ عدد أجهزة الصراف الآلي التابعة للبنوك 4654 جهازاً بنهاية 2023، وارتفعت بمقدار 135 جهازاً لتصل إلى 4789 جهازاً بنهاية 2024، وزادت إلى 4831 جهازاً أي بمقدار 42 جهازاً في نهاية النصف الأول من عام 2025، أي بزيادة قدرها 177 جهازاً خلال عام ونصف العام.
وقال خبيران مصرفيان ل «الخليج»، إن الإمارات تمتلك بنية تقنية متطورة، من شبكات اتصالات متقدمة إلى أنظمة دفع رقمية حديثة، وهو ما جعل الاستثمار في البنية الرقمية أكثر جدوى من الإبقاء على الفروع.
باب آخر من المنافسة
أوضح الخبيران، أن أبرز عوامل اتجاه بعض البنوك لإغلاق بعض الفروع لها، هو القفزة التي حققتها التطبيقات المصرفية، فمن خلال الهاتف يمكن للعميل أن يفتح حساباً جديداً، ويحول الأموال محلياً ودولياً، إلى جانب تسديد الالتزامات المالية. وأشارا إلى إن الرقمية تحولت إلى ركيزة أساسية في القطاع، بعدما بدأت تقدم لعملائها خدمات كانت في السابق حصرية على التقليدية.
بنية تقنية متطورة
قال أمجد نصر، الخبير المصرفي «إن الإمارات تمتلك بنية تقنية متطورة، من شبكات اتصالات متقدمة إلى أنظمة دفع رقمية حديثة، وهو ما جعل الاستثمار في البنية الرقمية أكثر جدوى من الإبقاء على الفروع، وخياراً رئيسياً يتيح للبنوك توسيع قاعدة عملائها وتقليل الكلف، وخفض النفقات التشغيلية عبر تقليص عدد الفروع، دون التأثير على جودة الخدمة»
وأوضح «أن أحد عوامل اتجاه بعض البنوك لإغلاق بعض فروعها هو القفزة التي حققتها التطبيقات المصرفية.
وأشار إلى «أن الفروع تبقى أساسية لخدمة شرائح وخدمات محددة، خاصة كبار السن وخدمات الشركات، وأيضاً المعاملات التي تتطلب مقابلات شخصية».
وأضاف نصر: «إن من أهم مزايا التطبيقات التي تجعلها بديلاً جذاباً، هي سهولة الوصول على مدار الساعة، إذ إن التطبيقات أزالت حاجز الوقت والمكان، ما قلل الحاجة لزيارة الفرع لأمور روتينية، بالإضافة إلى كلفة أقل للمعاملة، إذ يوفر التطبيق إمكانية خدمة الآلاف من العملاء بكلفة أقل بكثير، بينما إدارة فرع مصرفي تحتاج إلى نفقات كثيرة»
وأكد أن فئة واسعة من العملاء باتوا يفضلون إجراء معظم معاملاتهم من خلال التطبيقات، لأن السرعة والراحة أصبحتا معيار الاختيار.
ولفت إلى «أن التحول لم يعد مقتصراً على البنوك التقليدية التي طورت تطبيقات حديثة، بل ظهرت أيضاً البنوك الرقمية التي ولدت من الأساس بلا فروع، هذه البنوك تقدم خدمات مرنة وسريعة».
حقيقة تفرض حضورها
قال مالك عبد الكريم، الخبير المصرفي: «فرضت الرقمنة المصرفية حضورها على البنوك والعملاء معاً، إذ تتيح للبنوك تقليص نفقاتها التشغيلية، وتقلل من الاعتماد على العنصر البشري، دون التأثير على مستوى الخدمات».
وأضاف: «إن البنوك كانت تتنافس على فتح فروع لها في أكثر المواقع حيوية لضمان حصتها من العملاء، أما اليوم، فالمنافسة انتقلت إلى التطبيقات الإلكترونية، ولم تعد الفروع تمثل محوراً أساسياً في تعامل البنوك مع عملائها، بعد أن تحولت التطبيقات إلى القناة الرئيسية لإنجاز معظم المعاملات، ولم يعد العميل يقيس جودة البنك بعدد الفروع القريبة منه، بل بجودة التطبيقات، وقدرتها على تلبية احتياجاته»
الرقمية ركيزة أساسية
أشار عبد الكريم إلى «إن البنوك الرقمية تحولت إلى ركيزة أساسية في القطاع المصرفي، بعدما بدأت تقدم لعملائها خدمات ومنتجات كانت في السابق حصرية على البنوك التقليدية، مثل القروض وبطاقات الائتمان والودائع»
ولفت إلى «أن اتجاه بعض البنوك لحصر عدد من الخدمات داخل التطبيقات يمكّن العملاء من إنجاز معاملاتهم دون الالتزام بساعات عمل الفروع».
وأكد أن الإقبال على التطبيقات الرقمية امتد ليشمل كبار السن الذين وجدوا فيها وسيلة عملية أكثر مرونة لإدارة معاملاتهم.
0 تعليق