غزة - "الأناضول": على سرير في مستشفى شهداء الأقصى، ترقد الشابة سجى طلال حماد بجروحها وكسورها، بعد أن نجت بأعجوبة من تحت أنقاض منزل قصفه جيش الاحتلال، ضمن الإبادة التي يرتكبها في قطاع غزة منذ نحو عامين.
عيناها المثقلتان بالصدمة ويداها المصابتان بجروح غائرة تختزلان مأساة متجددة، إذ فقدت سجى (23 عاماً) منزل عائلتها الأول ثم المنزل الذي لجأت إليه خلال الحرب، ولا تزال تكابد آلام جسدها المثقل بالإصابات، وتواجه هواجس الخوف على أفراد عائلتها، وسط حصار خانق، وانهيار كامل للمنظومة الصحية.
وأصابعها المرتجفة ما زالت تحتفظ بآثار الغبار والدماء التي غطتها بعد إخراجها من تحت الركام، فيما يتسلل ألم الكسور إلى جسدها مع كل نفس تحاول أن تستجمع به قواها.
ليلة 20 آب الجاري استهدفت غارة إسرائيلية منزل عائلة درويش في بلدة الزوايدة وسط القطاع، الذي نزحت إليه بعد تدمير منزلها في مدينة الزهراء.
تروي سجي لحظة القصف قائلة: "فجأة شعرت بالاختناق، وظننت أن الجو أصبح ضبابياً، حاولت أن أتحرك لم أستطع، وبدأت أصرخ أيقظوني.. قولوا لي أني في حلم".
وتصف اللحظة الفاصلة بين الحياة والموت حين بدأت تشعر بأنها تلفظ أنفاسها الأخيرة، لتنطق الشهادتين مقتنعة أن رحلتها في الحياة قد انتهت، قبل أن تتمكن فرق الإنقاذ من إخراج رأسها من تحت الردم.
أصيبت سجي بثلاثة كسور في الحوض والكتف، إلى جانب كدمات وجروح في يديها، وأكدت أنها بحاجة ماسة لمغادرة غزة لتلقي العلاج غير المتوفر في مستشفيات القطاع، التي تعاني من انهيار شبه كامل بفعل الحصار الإسرائيلي ونقص الإمكانات الطبية.
وفي 23 آب، أعلن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، أن أكثر من 15 ألفاً و600 شخص في غزة، بينهم 3 آلاف و800 طفل، بحاجة إلى إجلاء طبي لتلقي رعاية خاصة.
وقالت سجى: "كنت نائمة في الغرفة وحدي، وفجأة شعرت بالاختناق وظننت أن الجو أصبح ضبابياً، حاولت أن أتحرك للغرفة الثانية فلم أستطع، إذ انهار المنزل فوقي وسقط الردم علي".
وأضافت: "بدأت أصرخ من تحت الركام وأقول: قولوا لي إنني في حلم، اختنقت، وعندما بدأت بلفظ أنفاسي الأخيرة نطقت بالشهادتين وقلت: لقد استشهدت".
وتابعت: "بعد ذلك تمكنت فرق الإنقاذ من إخراج رأسي وغسل وجهي، لكن تبيّن أنني مصابة بثلاثة كسور في الحوض والكتف، مع كدمات في اليدين. أريد الخروج من غزة لتلقي العلاج، فلا توجد إمكانيات لعلاجي هنا. لم أعد قادرة على العيش في هذا الكابوس، منذ عامين ونحن نحاول إيصال رسالتنا إلى العالم، لكن لا أحد يشعر بنا".
وقالت: "كنت خائفة على أهلي، اعتقدت أنهم استشهدوا، لكن عندما سمعت أصواتهم ارتحت وتأكدت أنهم أحياء".
من جهتها، قالت شقيقتها سعدة حماد: "نعيش الحرب منذ عامين ولم يوقفها أحد، جوع ونزوح وقصف متواصل 24 ساعة، ننام ونستيقظ على الخوف، أخشى أن أتعرض للهجوم وأنا في الطريق لزيارة عائلتي، لا مكان آمناً في غزة. هذا ثاني هجوم نتعرض له".
ودعت المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإنقاذ حياة شقيقتها وابنها، مؤكدةً أن المواطنين في غزة يدفعون ثمن حرب الإبادة بالتجويع والقصف المستمر.
ويعيش قطاع غزة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه، حيث يتداخل التجويع الممنهج مع إبادة جماعية ترتكبها إسرائيل منذ نحو 23 شهراً.
وتغلق إسرائيل منذ 2 آذار الماضي جميع المعابر المؤدية إلى غزة، مانعة دخول أي مساعدات إنسانية، ما أدخل القطاع في حالة مجاعة رغم تكدس شاحنات الإغاثة على حدوده، وتسمح بدخول كميات محدودة لا تلبي الحد الأدنى من احتياجات المواطنين.
0 تعليق