افتتاح سد النهضة الإثيوبي.. إنجاز هندسي وتحديات إقليمية - زاجل الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

جابر منصور

أديس أبابا

Published On 9/9/20259/9/2025

|

آخر تحديث: 20:14 (توقيت مكة)آخر تحديث: 20:14 (توقيت مكة)

شهدت العاصمة أديس أبابا ومدن إثيوبية أخرى احتفالات واسعة بمناسبة افتتاح سد النهضة، أحد أكبر مشاريع الطاقة الكهرومائية في أفريقيا.

وتزامن الحدث مع بداية العام الإثيوبي الجديد، حيث خرج المواطنون إلى الشوارع والمركبات تعبيرا عن الفخر الوطني، في مشهد وصفته وسائل الإعلام المحلية بأنه غير مسبوق منذ عقود.

وترافقت الاحتفالات مع إبراز رمزية المشروع في الخطاب الرسمي والشعبي، حيث وُضع نصب تذكاري لرئيس الوزراء آبي أحمد على السد، وهو ينظر نحو شروق الشمس، في إشارة إلى بداية جديدة.

كما أُطلق اسم "نغات" (الشروق) على بحيرة السد، التي تمتد لأكثر من 200 كيلومتر خلف البوابات.

وظهرت صور عدد من القادة السابقين، من بينهم هيلا سيلاسي ومنغستو هايلي ماريام وملس زيناوي، تكريما لمساهماتهم في مراحل مختلفة من المشروع.

Prime Minister of Ethiopia Abiy Ahmed delivers his remarks during the official inauguration ceremony of the Grand Ethiopian Renaissance Dam (GERD) in Guba, on September 9, 2025.
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد يلقي كلمة أمام السد (الفرنسية)

خلفية تاريخية ومراحل التنفيذ

بدأت الأعمال التحضيرية لسد النهضة عام 2011، مع وضع حجر الأساس، تلتها مراحل حفر الأساسات وصب الخرسانة، وتركيب التوربينات الأولى لتوليد الكهرباء تجريبيا.

واستمر العمل على المشروع لأكثر من 14 عاما، وصولا إلى المرحلة النهائية التي شملت الملء المتتابع لبحيرة السد وتجهيز وحدات الطاقة.

يُعد السد من أكبر المشاريع الهندسية في تاريخ إثيوبيا، وقد تم تمويله إلى حد كبير من خلال مساهمات المواطنين، وفقا للبيانات الرسمية، مما عزز من حضوره كرمز للوحدة الوطنية.

خطة تنمية وطنية بقيمة 30 مليار دولار

في كلمته خلال حفل الافتتاح، أعلن رئيس الوزراء آبي أحمد عن إطلاق إستراتيجية تنمية وطنية شاملة تتجاوز قيمتها 30 مليار دولار أميركي، تهدف إلى تسريع تحول إثيوبيا إلى قوة صناعية وتكنولوجية خلال السنوات الخمس المقبلة.

واعتبر أن السد يمثل نموذجا لقدرة البلاد على تنفيذ مشاريع كبرى بمواردها الذاتية، داعيا المواطنين إلى زيارة الموقع ورؤيته كرمز لوحدة الأمة.

Performers wave Ethiopian flags and dance traditional songs during the official inauguration ceremony of the Grand Ethiopian Renaissance Dam (GERD) in Guba, on September 9, 2025.
احتفالات شعبية بمناسبة افتتاح السد (الفرنسية)

الأبعاد الاقتصادية

تأمل الحكومة الإثيوبية أن يسهم السد في توليد أكثر من 5 آلاف ميغاواط من الكهرباء، مما يتيح توسيع شبكة الإمداد المحلي، وتصدير الفائض إلى دول الجوار.

إعلان

كما يُتوقع أن يدعم المشروع القطاعات الصناعية والزراعية، ويوفر فرص عمل جديدة، ويسهم في تقليص الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية.

ويرى مراقبون أن السد قد يشكل خطوة مهمة في جهود مكافحة الفقر، من خلال توفير الطاقة بأسعار معقولة، وتحفيز النمو الاقتصادي، وجذب الاستثمارات الأجنبية.

التحديات الأمنية

من جهتها، أعلنت قوات الدفاع الإثيوبية استعدادها لحماية السد من أي تهديدات محتملة، مؤكدة أنها ستتصدى لأي محاولة لاستهداف المشروع.

وخلال الاحتفال، ظهرت وحدات عسكرية وطائرات مسيّرة في استعراض للقوة، في رسالة بشأن أهمية المشروع من الناحية الإستراتيجية.

إنفوغراف سد النهضة الإثيوبي
(الجزيرة)

مواقف دول المصب

افتُتح السد دون التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم مع بلدي المصب، مصر والسودان، اللذين أعربا عن مخاوفهما بشأن تأثير المشروع على حصتيهما من مياه النيل.

وتشير التوقعات إلى أن البلدين سيواصلان تحركاتهما الدبلوماسية والفنية في المحافل الإقليمية والدولية، سعيا لضمان حقوقهما المائية وأمان السد.

من جانبه، دعا الاتحاد الأفريقي إلى استئناف الحوار بين الأطراف الثلاثة، استنادا إلى اتفاق المبادئ الموقع عام 2015، مع التأكيد على استعداد الاتحاد لتقديم الدعم الفني والدبلوماسي للوصول إلى حل توافقي.

حضور إقليمي ورسائل سياسية

شارك في الاحتفال عدد من قادة دول الجوار، من بينهم رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت، والرئيس الكيني وليام روتو، والرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله.

وأكد القادة في كلماتهم على أهمية التعاون الإقليمي في مجال الطاقة، واعتبروا المشروع خطوة نحو تحقيق التنمية المستدامة وربط شبكات الكهرباء في القارة.

ختام المشروع وبداية مرحلة جديدة

بافتتاح سد النهضة، تُسدل إثيوبيا الستار على مشروع وطني استغرق أكثر من عقد من الزمن، وسط آمال محلية بتحقيق نقلة نوعية في مجالات الطاقة والتنمية، وتحديات إقليمية تتطلب استمرار الحوار والتفاهم بين دول حوض النيل.

0 تعليق