Published On 9/9/20259/9/2025
|آخر تحديث: 20:34 (توقيت مكة)آخر تحديث: 20:34 (توقيت مكة)
تناولت صحيفة يديعوت أحرونوت الحملة العالمية ضد الحرب الإسرائيلية على غزة، وقالت إنها "لم تعد فقط ضد ما تفعله إسرائيل في غزة، بل باتت ضد وجودها ذاته".
ويحذر الكاتب الإسرائيلي بن درور يميني في مقال له في الصحيفة مما وصفه بـ"الدعاية السيئة" التي تتقنها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بسبب أنها تحقق نجاحا هائلا وتجرّ إسرائيل إلى عزلة دبلوماسية ومقاطعة آخذة في الاتساع، ويعتبر أن حكومة بنيامين نتنياهو بتجاهلها للضرر الدولي العميق، تدفع بإسرائيل نحو انهيار خطير على أكثر من صعيد.
انقلاب في الرأي العام الأميركي
يميني استهل مقاله بالتوقف عند معطيات غير مسبوقة في الولايات المتحدة، أهم حليف لإسرائيل، إذ أظهر استطلاع للرأي أن نسبة التأييد للفلسطينيين بلغت 37% مقابل 36% فقط لإسرائيل، وهو ما وصفه بأنه "انعكاس تاريخي لأول مرة".
وأضاف أن إسرائيل فقدت أصوات معظم ناخبي الحزب الديمقراطي، كما تتآكل شعبيتها بين شباب الحزب الجمهوري، في وقت قد تؤدي فيه هذه التحولات إلى تهديد مباشر بالمساعدات العسكرية الأميركية.
ويسخر الكاتب من تصريحات نتنياهو الذي قال مؤخرا: "بين الانتصار على أعدائنا والدعاية السيئة ضدنا، أختار النصر". ورأى أن هذا الخطاب يتجاهل حقيقة أن "النصر وهم"، بينما الدعاية التي تبنتها حماس منذ هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول هي التي تلحق الأذى الأكبر بإسرائيل. وهو بذلك يتجاهل أن ردود الفعل العالمية ضد إسرائيل إنما هي بسبب حرب الإبادة والتجويع التي تشنها ضد الشعب الأعزل في قطاع غزة.
ويزعم يميني أن "حماس عندما شنت هجومها كانت تعرف أن إسرائيل سترد بقسوة، لكنها راهنت على صور الدمار والتجويع والاتهامات بالإبادة الجماعية لتقويض إسرائيل دوليا. وقد نجحت".
ويشير الكاتب إلى أن نقطة التحول الكبرى كانت دخول الجيش الإسرائيلي إلى مدينة رفح، رغم المعارضة الدولية الواسعة. ويقول إن هذا الدخول أدى إلى بداية "الانهيار السياسي"، إذ بدأت الولايات المتحدة في تأخير شحنات السلاح، وتعمق الضرر الدبلوماسي بشكل غير مسبوق. ويؤكد أن "الأصدقاء المقربين لإسرائيل لم يعودوا قادرين على الدفاع عنها، بينما العالم يتعامل مع ما يجري باعتباره جرائم حرب".
إعلان
كما يلفت إلى أن تأثير أفعال إسرائيل يتجاوز السياسة إلى مجالات الثقافة والرياضة والأوساط الأكاديمية، إذ تزايدت حوادث المقاطعة لإسرائيل واليهود على حد سواء. ويوضح أن الأمر بدأ بمقاطعة أكاديمية أثرت على البحث العلمي، ثم اتسع ليشمل محاولات لوقف شحنات الأسلحة من أوروبا كلها، وصولا إلى بدايات مقاطعة اقتصادية وانخفاض في الصادرات، على الرغم من ارتفاع صادرات الصناعات العسكرية.
فشل القيادة الإسرائيلية
وفي حين قال الكاتب إن حماس لا تراهن على الانتصار العسكري، بل على جرّ إسرائيل إلى المستنقع، وجعل صور الدمار والمعاناة مادة متواصلة لتغذية الرأي العام العالمي ضدها، فإنه يلقي باللوم على نتنياهو في الوصول لهذه النتيجة.
ويقول الكاتب "كلما هدّد وزراء مثل يسرائيل كاتس بمحو أبراج غزة، اعتبرت حماس أن ذلك يخدمها. هي تريد أن ندخل هذا الوحل. وها نحن ندفع الثمن مضاعفا، إذ نتعرض لعمليات قاتلة في الداخل في الوقت الذي نتفاخر فيه بتدمير الأبراج".
ويشير الكاتب إلى أن العمليات الأخيرة، سواء في القدس حيث قتل 6 إسرائيليين، أو في مناطق أخرى، تعكس أن ما يسميه الإرهاب يتغذى من هذه البيئة الدولية، وأن حماس والفصائل الأخرى تستفيد من موجة الغضب العالمي لتبرير هجماتها. ويحذّر من أن إسرائيل باتت في "انهيار جليدي مزدوج: دبلوماسي وأمني"، فهي عاجزة عن الإطاحة بحماس بعد نحو عامين من الحرب، وتواجه في الوقت نفسه عزلة غير مسبوقة.
ويرسم يميني صورة قاتمة للمستقبل إذا استمر نتنياهو في نهجه، مشيرا إلى أن "مستوى معاداة السامية يرتفع عالميا، ولم تعد إسرائيل تُعامل كدولة منبوذة فقط، بل اليهود أنفسهم يواجهون تداعيات خطيرة".
بل إنه يذهب إلى ما هو أبعد من ذاك ليقول "إن الحملة الآخذة في الاتساع ليست فقط ضد ما تفعله إسرائيل، بل أيضا ضد وجودها ذاته"، ويستعيد في هذا الإطار ذكريات ثلاثينيات القرن الماضي، وذلك في إشارة إلى محارق النازية بحق اليهود في أوروبا، قائلا: "رياح الثلاثينيات تهب من جديد. الدعاية السيئة هزمتنا مرة، وها هي تفوز مرة أخرى"، على حد قوله.
ويحمّل الكاتب نتنياهو المسؤولية، لأن الحكومة الإسرائيلية تتبنى خطابا يركّز على تدمير معاقل حماس في غزة باعتباره الطريق إلى النصر، لكنها تتجاهل الكلفة الدولية التي تهدد مستقبل إسرائيل ذاته.
وخلص يميني إلى أن "الخطر الحقيقي على إسرائيل ليس ما تبقى من مقاتلي حماس في مدينة غزة، بل في الإستراتيجية الطويلة الأمد التي تجعل إسرائيل تخسر في الساحة العالمية. نتنياهو يسقط في الفخ. ومعه نسقط جميعا".
0 تعليق