في بهو مكتبة الإسكندرية العريق، وعلى وقع أمواج البحر المتوسط التي ما دام أحبها الأمير طلال بن عبد العزيز، اصطف الزوار بين أروقة 11جناحًا، حمل كل منها فصلًا من حكاية أمير عربي استثنائي جعل من التنمية والإنسانية قضيته الأولى.

ولم يكن "طلال.. تاريخ تقرأه الأجيال" مجرد معرض وثائقي انتهت فعالياته هذا الأسبوع، بل كان رحلة زمنية امتدت على مدار ثلاثة أيام أعادت للذاكرة مسيرة رجل آمن بأن العطاء يصنع التاريخ.

بين الافتتاح والوفاء
وانطلق المعرض بحضور الدكتور أحمد زايد مدير مكتبة الإسكندرية، وصاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن طلال، رئيس المجلس العربي للطفولة والتنمية، إلى جانب شخصيات دبلوماسية وثقافية بارزة. وفي كلمته، أكد زايد أن الأمير طلال كرّس حياته للعمل المؤسسي الجاد، إيمانًا بأن التنمية المستدامة لا تتحقق إلا بالعلم والتخطيط.

روح طلال حاضرة في الإسكندرية
أما الأمير عبد العزيز بن طلال، فقد حمل رسالة وجدانية قائلًا: "لم نأتِ لنقيم معرضًا يضم مقتنيات فحسب، بل أتيت ومعي روح طلال إلى المكان الذي أحبّه"، مؤكدًا أن مصر كانت دومًا الوطن الثاني لوالده، وأن المعرض ليس توثيقًا لسيرة شخصية فقط، بل تجسيدًا لقيم إنسانية وعربية خالدة.

شهادات عربية ومصرية
الكلمات التي أُلقيت من ممثلي مصر وجامعة الدول العربية أكدت جميعها على عمق العلاقات بين القاهرة والرياض، وعلى الأثر الذي تركه الأمير طلال في مجالات التعليم، الطفولة، والمرأة.
فيما وصف محافظ الإسكندرية، الفريق أحمد خالد، المعرض بأنه حدث ثقافي ملهم يجسد أن "التاريخ يُصنع بالعطاء".

جولة بين 11 جناحًا
داخل أروقة المعرض، تنقلت أعين الزوار بين مقتنيات نادرة، ووثائق تاريخية، ومراسلات رسمية، وأفلام وثائقية، تحكي رحلة امتدت لستة عقود من العطاء، وأحد الأجنحة أبرز العلاقة الخاصة التي جمعت الأمير بمصر، وآخر استعرض المؤسسات التي أسسها في أكثر من 20 دولة عربية بينما توقف كثيرون أمام جناح "وشاح النيل" الذي حاز عليه تقديرًا لدوره البارز.

تكريمات ورسائل ممتدة
وتخللت الفعاليات تكريم السفيرة هيفاء أبو غزالة، والأستاذ الدكتور أحمد زايد باسم مكتبة الإسكندرية، تقديرًا لدورهم في دعم العمل العربي المشترك كما شهدت الفعاليات توقيع بروتوكول تعاون مع الجامعة العربية المفتوحة التي أسسها الأمير طلال، لتظل رؤيته التعليمية ممتدة للأجيال.

صدى لدى الزوار.. ورحلة مع 11 جناحًا
لم يكن المعرض مجرد قاعة للمقتنيات، بل كان رحلة زمنية متكاملة كما وصفها ورد مجدي، الطالب الأردني بالجامعة العربية المفتوحة في مصر وأحد منظمي المعرض. قائلًا لـ "الفجر": "تنقل الزوار بين 11 جناحًا، كل جناح منها حمل جانبًا من شخصية الأمير طلال ومسيرته الإنسانية".

وأوضح "ورد" أن الجناح الأول تناول النشأة والبدايات منذ ولادة الأمير طلال وتعليمه وزياراته المتعددة إلى مصر، بينما خصص الجناح الثاني لعرض وشاح النيل الذي حاز عليه تكريمًا لدوره الكبير.
وسلط الجناح الثالث، الضوء على المسؤوليات التي تولاها الأمير خلال مسيرته التنموية الطويلة، موضحًا لماذا اختار مصر لتكون محطة محورية في أكثر من مرحلة من حياته.

وأضاف "ورد" أن جناحًا آخر تطرق إلى إسهاماته في خدمة العالم والمملكة العربية السعودية، فيما خصص جناح كامل للمؤسسات التنموية التي أطلقها، مثل المجلس العربي للطفولة والتنمية والجامعة العربية المفتوحة كما عُرض في جناح خاص جدول تنقلاته المتواصلة خلال ما عُرف بـ "972 ساعة" من العمل والسفر المتواصل.

رسالة إنسانية
مع إسدال الستار على النسخة السادسة من المعرض، بدا واضحًا أن "طلال.. تاريخ تقرأه الأجيال" لم يكن مجرد فعالية ثقافية عابرة، بل مساحة لاستعادة إرث إنساني وتنموي ترك بصمة عميقة في العالم العربي.. رسالة الأمير طلال وصلت بوضوح وهي أن الإنسان هو محور التنمية، وأن العطاء الحقيقي يظل خالدًا تتناقله الأجيال.
0 تعليق