أسقطت بولندا بدعم من طائرات تابعة لدول في حلف شمال الأطلسي طائرات مسيرة يشتبه في أنها روسية بعد دخولها مجالها الجوي اليوم الأربعاء، في حين نفت موسكو مسؤوليتها عن الواقعة.
وقال رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك أمام البرلمان "هذه العملية تجعلنا أقرب ما يكون إلى صراع مفتوح منذ الحرب العالمية الثانية"، لكنه أضاف "لا يوجد ما يدعو للاعتقاد بأننا على شفا حرب".
وأوضح توسك أنه تم رصد ما لا يقل عن 19 انتهاكا للمجال الجوي البولندي، وأن هذه الانتهاكات استمرت طوال الليل، مشيرا إلى "أن جزءا كبيرا من الطائرات المسيرة جاء من بيلاروسيا".
وأكد وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي أن الخرق الروسي "ليس حدثا عرضيا"، مضيفا للصحفيين، أنه تم استدعاء القائم بأعمال السفارة الروسية في وارسو، أندريه أورداش، إلى وزارة الخارجية البولندية، حيث تم تسليمه مذكرة احتجاج.
ونفى القائم بأعمال السفارة الروسية أن تكون الطائرات المسيرة روسية.
وقال سيكورسكي "لو كان هناك اعتراف بالذنب، لكان ذلك تقدما، لكننا نفضل ألا يرسل الروس أي طائرات مسيرة". ونفى سيكورسكي احتمالية وقوع انتهاك عرضي، قائلا "في حالة 19 طائرة مسيرة، من غير المرجح أن يكون الأمر مجرد مصادفة".
وأفادت قيادة عمليات القوات المسلحة البولندية في بيان، بوقوع انتهاكات غير مسبوقة للمجال الجوي لبلادها مساء الثلاثاء، خلال هجوم روسي على الأراضي الأوكرانية.
وأعلنت تفعيل الإجراءات الدفاعية على الفور، وقالت إنها وحلفاءها رصدت بواسطة الرادارات عشرات الأجسام التي قد تُشكل تهديدا، واتُّخذ قرار بتحييدها، وإسقاط بعضها.
وأفاد مسؤولون بأن طائرات بولندية مقاتلة من طراز إف-16 وطائرات هولندية من طراز إف-35 وطائرات مراقبة إيطالية من طراز أواكس وطائرات للتزود بالوقود في الجو تابعة لحلف شمال الأطلسي انطلقت في عملية لإسقاط طائرات مسيرة اخترقت المجال الجوي البولندي بدءا من مساء أمس الثلاثاء حتى وقت مبكر من صباح اليوم.
نفي روسي
ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن دبلوماسي روسي قوله إن الاتهامات بالتوغل "لا أساس لها من الصحة". وقال إن بولندا "لم تقدم دليلا على أن الطائرات المسيرة التي أسقطتها كانت من روسيا".
إعلان
وأحجم الكرملين عن التعليق على الحادث، لكن المتحدث باسمه ديمتري بيسكوف قال إن الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي "دائما ما يتهمان روسيا بالاستفزازات. وفي كثير من الأحيان دون حتى محاولة تقديم أي حجة على الأقل".
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها شنت هجمات مكثفة على أهداف عسكرية في أوكرانيا، ليلة الثلاثاء، إلا أنها لم تستهدف مواقع في بولندا خلال ذلك.
وقالت الوزارة إن المسيرات التي يدّعَى أنها انتهكت الأجواء البولندية مداها الأبعد 700 كيلومتر، مضيفة أن المسيرات لم تستهدف مواقعا في بولندا خلال شنها هجمات على أوكرانيا.
وأعربت الدفاع الروسية عن استعداد موسكو لمناقشة الحادثة مع الجانب البولندي.
وحذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من "خطر حقيقي" لتوسع النزاع إلى خارج حدود أوكرانيا بعد أن حلقت طائرات روسية مسيّرة في المجال الجوي البولندي.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن "الحادثة تؤكد مجددا التأثير الإقليمي والخطر الحقيقي لتوسع هذا النزاع المدمر".
تنديد أوروبي
وأكد السفير الأميركي لدى حلف شمال الأطلسي ماثيو ويتاكر وقوف واشنطن إلى جانب حلفائها.
وقال ويتاكر على "إكس" "نقف إلى جانب حلفائنا في الناتو في مواجهة هذه الانتهاكات للمجال الجوي وسندافع عن كل شبر من أراضي الناتو".
وأعلن البيت الأبيض أن الرئيس دونالد ترامب سيتحدث مع نظيره البولندي كارول نافروتسكي بعدما اخترقت مسيّرات روسية الأجواء البولندية.
وقال الجنرال في القوات الجوية الأميركية ليكسوس جرينكويتش، والذي يشرف أيضا على جميع عمليات حلف شمال الأطلسي، إن الحلف "استجاب بسرعة وحزم للموقف، مما يظهر قدرتنا وعزمنا على الدفاع عن أراضي حلفائنا".
وندد قادة فرنسا وبريطانيا وألمانيا وكندا بشدة بالتوغل الروسي، وقال المستشار الألماني فريدريش ميرتس في بيان "إن روسيا عرضت بهذا الهجوم حياة الناس في دولة عضو في حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي للخطر".
وأكد على أن هذا التصرف المتهور لروسيا جزء من استفزازاتها المستمرة منذ فترة في منطقة بحر البلطيق، والجناح الشرقي لحلف الناتو.
ووصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخرق الروسي بأنه "أمرٌ غير مقبول"، مضيفا في بيان على منصة "إكس" إدانته الشديدة لهذا الانتهاك مشددا على ضرورة أن تتوقف روسيا عن تصعيدها المتهور.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي "إنها سابقة خطيرة للغاية لأوروبا. لا بد من رد قوي، يشارك فيه جميع الشركاء: أوكرانيا وبولندا وجميع الأوروبيين والولايات المتحدة".
وقال رئيس الوزراء السلوفيني روبرت غولوب، في منشور على منصة "إكس" إن انتهاك المجال الجوي البولندي "أمر غير مقبول".
وكذلك أعربت وزارة الخارجية الكرواتية عن تضامنها مع بولندا، مبينةً أن الهجمات الروسية "تشكل تهديدا لجميع أوروبا".
ويحاول قادة أوروبيون في الآونة الأخيرة إقناع الرئيس ترامب بالانضمام إليهم في تشديد العقوبات المفروضة على روسيا وتعزيز الدعم لكييف، وقالوا إن هذا يبرر الرد الجماعي.
0 تعليق