هل تعيد التحولات الجديدة للاستثمار رسم خريطة التنمية في المغرب؟ - زاجل الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

Published On 11/9/202511/9/2025

|

آخر تحديث: 10:00 (توقيت مكة)آخر تحديث: 10:00 (توقيت مكة)

انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي

share2

شارِكْ

الرباط – شهد الاستثمار في المغرب مؤخرا دينامية ملحوظة تعكس جهود الدولة في تعزيز التنمية الاقتصادية وتحفيز القطاع الخاص على الانخراط في المشاريع الوطنية. وقد ارتفعت نسبة الاستثمار من أقل من 20% من الناتج الداخلي الخام في بداية الألفية إلى أكثر من 30% في بعض السنوات، وتُقدّر الاستثمارات لسنة 2024 بنحو 410 مليارات درهم (41 مليار دولار)، يشكّل الاستثمار العمومي الجزء الأكبر منها.

وتستهدف السياسات الوطنية الحديثة تقوية دور القطاع الخاص، مع التركيز على الابتكار والتكنولوجيا والطاقة النظيفة، بما ينسجم مع النموذج التنموي الجديد. كما يُسهم تطوير البنيات التحتية والمناطق الصناعية، مثل ميناء طنجة المتوسط والمنطقتين الحرتين في القنيطرة والنواصر، في تعزيز جاذبية بيئة الأعمال ورفع تنافسية المقاولات المغربية.

غير أن التحدي القائم هو التحول من دور الدولة كمستثمر أول إلى محفز للاستثمار، عبر تحسين مردودية الاستثمارات القائمة، ومعالجة الإشكالات البنيوية، وضمان استفادة جميع الجهات من هذه التحولات لمواجهة التحديات المقبلة.

أرقام دالة

وأظهرت دراسة حديثة صادرة عن مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي أن كل 1% من النمو الاقتصادي يتطلب استثمارا يعادل 7 إلى 9 وحدات، بينما لا يتجاوز مؤشر كفاءة الاستثمار 9.4، ما يعكس ضعف تحويل الموارد إلى فرص شغل وقيمة مضافة.

الخبير الاقتصادي علي الغنبوري
علي الغنبوري: تحوّل الدولة من مستثمر أول إلى محفّز استثماري يُعد خطوة مركزية في النموذج التنموي الجديد (الجزيرة)

كما لا تتجاوز حصة "الرساميل الجريئة" 0.03% من الناتج الداخلي الخام، مقارنة بـ0.5% في الاقتصادات النامية، ما يحد من توسع المشاريع الصغيرة والمتوسطة. وتتركّز أكثر من 70% من الاستثمارات في 3 جهات فقط، مما يعمّق الفوارق المجالية ويقوّض العدالة الاقتصادية.

أما مساهمة القطاع الخاص في البحث العلمي فلا تتجاوز 0.2% من الناتج، مقارنة بمعدل عالمي يبلغ 1.5%، ما يُضعف العائد طويل الأمد على الاستثمار ويحد من بناء منظومات صناعية قائمة على الابتكار.

تحفيز الاستثمار

ورغم استمرار سيطرة الدولة على المشهد الاقتصادي، فإن الأثر الفعلي للاستثمار على النمو يبقى محدودا، ويؤكد الخبير الاقتصادي على الغنبوري أن التحول نحو دور محفز يتطلب تبسيط المساطر وتعزيز الشفافية، وتحقيق الأمن القانوني، ومحاربة الريع، ومواكبة المقاولات الصغيرة والمتوسطة.

إعلان

ويضيف للجزيرة نت أن هذا التوجه يعزز الثقة بين المستثمرين والدولة، ويُخفّف العبء عن المالية العمومية، ويشجّع خلق مناصب شغل وتوسيع الطبقة الوسطى، وتحفيز الابتكار والمنافسة، وهذا يضع المغرب في موقع أقوى عالميا.

من جانبه، يرى المحلل الاقتصادي يوسف كراوي الفلالي أن دعم النسيج المقاولاتي المحلي، خاصة المقاولات الصغيرة، يُعدّ أولوية نظرا لدورها في التشغيل والابتكار والنمو الداخلي.

تفاوت مجالي

تتركز الاستثمارات في 3 جهات فقط: الدار البيضاء/سطات، وطنجة/تطوان/ الحسيمة، والرباط/سلا/القنيطرة، ما يشكل تحديا للعدالة المجالية. ويؤكد كراوي الفيلالي أن تحقيق التوازن يتطلب مراعاة خصوصيات كل جهة من حيث الموارد والبنية الثقافية والاقتصادية.

ويشير الباحث بدر الزاهر الأزرق إلى أن القطاع الخاص يميل إلى المناطق ذات البنيات والأسواق، وهذا يُبقي الجهات الأخرى خارج الدورة الاستثمارية. ويقترح سياسة تمييز إيجابي، وتحفيزات منسّقة لجذب المستثمرين الوطنيين والأجانب إلى هذه المناطق.

الباحث في الاقتصاد بدر الزاهر الأزرق
بدر الزاهر الأزرق: المشاريع الخاصة تفضّل المناطق ذات البنية التحتية والأسواق (الجزيرة)

إشكالات بنيوية

رغم الإصلاحات، ما تزال الإكراهات البنيوية تُضعف فعالية الاستثمار، فحوالي 65% من المقاولات تعتبر المساطر الإدارية عائقا رئيسيا، ولا تتجاوز نسبة ولوج الصغيرة جدا إلى القروض الاستثمارية 12%.

ويشير الباحث مروان الضاوي إلى مشاكل إضافية تشمل تعدد المتدخلين، غموض النصوص، ضعف التنسيق الإداري، والبطء القضائي، إلى جانب صعوبة الولوج إلى العقار الاقتصادي.

ويؤكد الأكاديمي الأزرق أن الدولة ينبغي أن تتكفّل بالبنيات الكبرى، بينما يستغلها القطاع الخاص وفق عقود امتياز، بما ينسجم مع الرؤية الاستثمارية لأفق 2030، التي تخصص ثلث الاستثمارات للقطاع العام وثلثيها للقطاع الخاص.

الباحث في الاقتصاد مروان الضاوي
مروان الضاوي: تعدد المتدخلين وغموض النصوص وضعف التنسيق الإداري يعيق فعالية الاستثمار (الجزيرة)

تحولات ممكنة

ولمواجهة هذه التحديات، أُطلق ميثاق الاستثمار الجديد في 2023، ويهدف إلى تعبئة 550 مليار درهم (55 مليار دولار) بحلول 2026، 350 مليار درهم (35 مليار دولار) منها من القطاع الخاص، و200 مليار (20 مليار دولار) كاستثمار عمومي.

ويرتكز الميثاق على دعم المشاريع ذات القيمة المضافة العالية، وتقديم حوافز تصل إلى 30%، بالإضافة إلى آلية "بنك المشاريع" بـ300 مشروع جاهز، ولجنة وطنية لتسريع المعالجة، ومنصات رقمية موحدة.

ويشير الضاوي إلى أن المغرب يراهن على جذب استثمارات في قطاعات السيارات والطيران والطاقة النظيفة والهيدروجين الأخضر، مع خلق 500 ألف وظيفة وتقليص العجز التجاري.

ويؤكد أن نجاح هذه الرؤية رهين بإصلاح مؤسساتي عميق وتعزيز الثقة في مناخ الأعمال. كما يشدد الغنبوري على ضرورة ربط الاستثمار بالبحث العلمي لتعزيز القيمة المضافة، خاصة في الطاقات المتجددة والفلاحة الذكية، مع تشجيع الشراكة بين الجامعات والمقاولات.

ويضيف أن البعد البيئي بات شرطا أساسيا للتنمية المستدامة، ما يعزز جاذبية المغرب لدى المستثمرين الأوروبيين، الذين يتجهون نحو سياسة الحياد الكربوني، ويجعل الانتقال الطاقي ضرورة إستراتيجية.

إعلان

0 تعليق