العرب يستحضرون طروحات السيسي.. ما فرص “الناتو العربي” وهل هو قادر على ردع إسرائيل؟ - زاجل الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

مصر – في ظل التطورات الأمنية والسياسية المتسارعة في المنطقة، عاد الحديث عن رؤية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التي طرحها قبل نحو عشر سنوات، والمتمثلة في إنشاء “جيش عربي موحد”.

وفي هذا السياق، أكد الباحث المصري في شؤون الأمن القومي محمد مخلوف في تصريحات لـه إن العرب لم يفشلوا في إنشاء جيش موحد بسبب نقص الإمكانيات، بل بسبب غياب الإرادة السياسية، وتفتت المصالح، وتضارب المحاور، وتدخل القوى الخارجية.

وأوضح مخلوف أن الفكرة ليست مستحيلة، لكنها تتطلب وجود قيادة سياسية موحدة وإرادة شعبية داعمة وإطار قانوني ملزم وتمويل مشترك مستدام واستراتيجية أمنية موحدة، ويجب أن توضع آلية عادلة لتوزيع الأعباء المالية بين الدول الغنية والفقيرة كل يشارك حسب قدرته الاقتصادية لتحقيق الهدف والغاية المرجوة من تأسيس القوة العربية وهو حماية العرب.

يرى محمد مخلوف، أن هدف هذه القوة هو تحقيق مهمة الردع ومواجهة التهديدات بسرعة وحسم، وتوصيل رسالة للعالم أن العرب خرجوا من التبعية وأصبحت لهم كلمة قوية ومؤثرة وسلطة ردع، ولذلك لابد أن تتشكل القوة من ألوية قتالية من كافة الأفرع والوحدات العسكرية وقوات خاصة ورجال استخبارات، فلو كانت المهمة التي ستقوم بها جوية فلابد من توافر قوات جوية وقوات دفاع جوي ودعما لوجسيتيا يخدم القوات المشاركة، ويوفر لها الغطاء الجوي الآمن، ويحميها من مضادات الطائرات والصواريخ، ولو كانت المهمة بحرية فلابد من قوة بحرية تعتمد على توفير أكفأ الغواصات البحرية والزوارق والمدمرات، ولابد أن تكون نسبة المشاركة معقولة من كل الدول حتى يتحقق للقوات الكفاءة المطلوبة والقدرات الرادعة، أما في حالة تطلب الأمر معركة برية فهنا لابد أن يتوافر للقوة تشكيلات قتالية من المشاة والمظلات، وتوفير مهام الإنزال، وهو ما يعني في النهاية أن تكون القوة المشتركة بمثابة جيش نظامي كامل مستعد للحرب أشبه بـ”ناتو عربي” يكون قادر في أي لحظة وفي أي مكان، وتتوافر به كافة التشكيلات القتالية والأفرع الرئيسية للجيوش النظامية، مع وجود مجلس عسكري يقود هذه القوة.

وتابع مخلوف: إنشاء القوة يتفق مع قواعد القانون الدولي، وتحديدا المادة 52 من ميثاق الأمم المتحدة التي تنص على أنه ليس في الميثاق ما يحول دون قيام تنظيمات أو وكالات إقليمية تعالج الأمور المتعلقة بحفظ السلم والأمن الدولي ما يكون العمل الإقليمي صالحاً فيها ومناسباً ما دامت هذه التنظيمات أو الوكالات الإقليمية ونشاطها متلائمة مع مقاصد “الأمم المتحدة” ومبادئها.

أوضح مخلوف هناك فرصة حقيقية يجب أن يستغلها العرب جميعاً وهي القمة العربية الاسلامية الطارئة في الدوحة المقررة يومي الأحد والاثنين القادميين، بالدعوة إلى فتح الباب أمام احتمال عودة مشروع “القوة العربية الموحدة” إلى النقاش مجددًا، فيجب تجديد الدعوة لوضع خطوات عملية، مع التأكيد على أن ما حذرت منه في السابق أصبح واقعا، غير أن التحديات لا تزال قائمة، إذ لم يُحسم حتى الآن الخلاف حول تحديد “العدو الأول” وهل يجب أن تكون المواجهة مع إسرائيل، أم الإرهاب، أم التمدد الإقليمي لقوى أخرى.

واختتم حديثه بأن الضربة الإسرائيلية على قطر لم تكن مجرد حادثة عابرة، بل جرس إنذار يعيد إلى الواجهة أسئلة حول مستقبل الأمن القومي العربي.

خبير قانون دولي: لو كان الجيش العربي الموحد قائمًا، لكان جعل إسرائيل تفكر ألف مرة

من جانبه، يرى أستاذ القانون الدولي العام وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي الدكتور محمد محمود مهران، في تصريحات لـRT أن الدعوة التي أطلقها الرئيس السيسي عام 2015 لتشكيل قوة عسكرية عربية مشتركة كانت رؤية استراتيجية بعيدة المدى، كان يمكن أن تغير وجه المنطقة، وتمنع العديد من الاعتداءات والتدخلات الخارجية التي شهدتها خلال العقد الماضي.

وقال الدكتور مهران في إن إنشاء جيش عربي موحد وفق الرؤية المصرية كان سيوفر آلية دفاع جماعي تستند إلى ميثاق جامعة الدول العربية ومعاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي لعام 1950، مشيرًا إلى أن هذا الجيش كان سيشكل قوة ردع حقيقية ضد أي اعتداء خارجي على أي دولة عربية.

وأوضح أن القانون الدولي — وتحديدًا المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة — يقر بحق الدول في تشكيل تحالفات دفاعية لحماية أمنها الجماعي، وهو ما يمنح الجيش العربي الموحد إطارًا قانونيًا قويًا لحماية السيادة العربية.

ولفت مهران إلى أن وجود قوة عسكرية عربية موحدة كان سيمنع العديد من الأزمات التي شهدتها المنطقة، مثل التدخلات الخارجية في ليبيا وسوريا واليمن والعراق، مؤكدًا أن هذه القوة كانت ستفرض احترامًا للسيادة العربية وتمنع تفتيت الدول.

قال مهران: “لو كان الجيش العربي الموحد قائمًا، لكان جعل إسرائيل تفكر ألف مرة قبل الإقدام على أي عمل عدائي، ولفرض عليها ردعًا عسكريًا جماعيًا فوريًا يمنع تكرار مثل هذه الاعتداءات.”

وشدد على أن الجيش العربي الموحد كان سيُفعّل مبدأ “الأمن الجماعي”، بحيث يُعتبر أي اعتداء على دولة عربية واحدة اعتداءً على جميع الدول العربية، يستوجب ردًا جماعيًا وفقًا لمبادئ القانون الدولي ومعاهدة الدفاع العربي المشترك.

كما أشار إلى أن القوة الموحدة كانت ستُوفّر مظلة حماية للدول العربية الصغيرة، وتحد من تمدد الطموحات الإقليمية للقوى الخارجية، مؤكدًا أن قطر — تحت هذه المظلة — كانت ستتمتع بحماية عسكرية فورية ضد أي عدوان.

وحذر من أن غياب آلية دفاع جماعي فعالة شجّع إسرائيل على التمادي في سياساتها، معتبرًا أن التفكك العربي وغياب التنسيق العسكري يخدمان المشروع الصهيوني التوسعي.

وأضاف أن الجيش العربي الموحد كان سيتيح أيضًا تطوير قدرات تقنية وصناعات دفاعية عربية مشتركة، تقلل الاعتماد على السلاح الأجنبي وتعزز الاستقلال الاستراتيجي.

واختتم مهران تصريحاته بالقول: “الوقت لم يفتِ بعد لتطبيق هذه الرؤية. الأحداث الأخيرة تؤكد ضرورة هذا المشروع الحيوي لحماية مستقبل الأمة العربية.”

البرديسي: الرؤية المصرية كانت مبكرة ودقيقة.. ومصر قادرة على قيادة هذا المشروع

من جهته، علّق الدكتور طارق البرديسي، خبير العلاقات الدولية والمحلل السياسي المصري، قائلاً إن الرئيس السيسي دائمًا صادق في أفكاره وتصرفاته، وإن رؤيته لإنشاء قوة عربية مشتركة منذ عام 2015 كانت مبكرة ودقيقة، وكان تنفيذها سيُحدث تغييرًا جوهريًا في خريطة التوازنات الإقليمية.

وأضاف البرديسي في تصريحات لـ RT: “لو نُفّذت هذه الفكرة منذ 10 سنوات، لكان هناك ردع حقيقي يردع إسرائيل عن غطرستها وضربها في سوريا واليمن ولبنان والعراق وأي مكان آخر.”

وأشار إلى أن الأحداث الحالية تؤكد صدق وحكمة الرؤية المصرية، التي استبقت التحديات وتنبأت بمخاطر غياب التنسيق العسكري العربي.

واختتم حديثه بالقول: “مصر تمتلك أكبر جيش عربي من حيث التماسك والتنوع والتحديث، ولا يوجد ما يعيق تنفيذ فكرة الجيش العربي المشترك، بل إن التحديات الحالية تدفع مصر قُدمًا نحو إحياء هذه المبادرة.”

قوة العرب الموحدة

وبحسب أرقام تقريبية للقوة العسكرية للعرب نقلاً عن موقع “غلوبال فاير باور”، فإنه إذا قرر العرب إنشاء جيش موحد تحت مسمى “الجيش العربي”، سيتكون هذا الجيش من 4 ملايين جندي و9000 طائرة حربية و4 آلاف طائرة هليكوبتر و19 ألف دبابة و51 ألف مدرعة حربية، تقريبا.

وسيبلغ عدد قاذفات الصواريخ 2600 قاذفة صاروخية، بالإضافة إلى 16 غواصة، و900 سفينة حربية.

كما تحدث البعض عن القوة الاقتصادية التي قد تبلغ 5 تريليونات و990 مليار دولار سنويا، وفقا لإجمالي الناتج القومي المحلي، والمساحة الاجمالية للمنطقة العربية ستصبح 13 مليون و 500 ألف كيلومتر مربع، وبالتالي ستحتل المرتبة الثانية، بعد روسيا الاتحادية، أما عدد السكان فسيصل إلى 385 مليون نسمة.

القوة النووية الإسرائيلية

ويرى محللون أن تشكيل “جيش عربي” في مواجهة إسرائيل، مهم عظمت أركانه، سيظل ضعيفا في ظل امتلاك اسرائيل سلاحا حاسما هو السلاح النووي و الدعم الأمريكي الصريح.

ورغم أن إسرائيل لم تُعلن رسميًا امتلاكها للسلاح النووي، إلا أن كل المؤشرات والتسريبات والدراسات — بما فيها من مصادر أمريكية وأوروبية — تؤكد أن: إسرائيل تمتلك بين 80 إلى 400 رأس نووي (حسب تقديرات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام SIPRI 2024)، ولديها وسائل إيصال متطورة: صواريخ باليستية (مثل جيروخ 3 و4)، وغواصات مزودة بصواريخ كروز نووية (دولفين)، وطائرات قادرة على حمل أسلحة نووية (إف-15، إف-16، وإف-35)، ولديها عقيدة نووية “ضبابية” — لا تؤكد ولا تنفي — لكنها تستخدمها كأداة ردع استراتيجية، وترفض الانضمام لمعاهدة حظر الانتشار النووي (NPT)، وتمنع الوكالة الدولية للطاقة الذرية من تفتيش منشآتها النووية (مثل ديمونة).

المصدر: RT

0 تعليق