نجلة عماد.. العراقية الملهمة التي تحدت المستحيل وصنعت المجد - زاجل الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

Published On 12/9/202512/9/2025

|

آخر تحديث: 21:54 (توقيت مكة)آخر تحديث: 21:54 (توقيت مكة)

انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي

share2

شارِكْ

قد لا تشبه اللاعبة البارالمبية العراقية نجلة عماد باقي الرياضيين، ساق مبتورة من الفخذ، وأخرى من الركبة وذراع واحدة. ومع ذلك، حين تمسك مضرب كرة الطاولة، تتحرك بخفة ومهارة، تعيد الكرة بسرعة تجعل منافسيها عاجزين عن مجاراتها.

ونجلة، المولودة في 1 ديسمبر/كانون الأول عام 2004 في بعقوبة بمحافظة ديالى شمال شرق بغداد، وعاشت طفولة عادية حتى جاء اليوم المشؤوم الذي غيّر مسار حياتها عندما كانت في الثالثة من عمرها.

اقرأ أيضا

list of 2 items end of list

ففي صباح يوم 19 أبريل/نيسان عام 2008 نجت الطفلة نجلة من تفجير عبوة ناسفة يرجح أنها كانت تستهدف سيارة والدها العسكري، لكنها فقدت ثلاثة من أطرافها، ودفعتها إلى شهور طويلة من العلاج والبكاء واليأس.

تتذكر نجلة "في الصف الرابع أدركت أنني مختلفة. صديقاتي كنّ يركضن ويلعبن ويفكرن بمستقبلهن، بينما أنا كنت أجلس على كرسيّ متحرك أتمنى أن أركض مثلهن".

لكن الإصرار قادها إلى ممارسة كرة تنس الطاولة، سرعان ما تحولت إلى نقطة تحول مفصلية في حياتها.

بدأت تجربتها بمضرب بسيط في المنزل، تضرب الكرة لساعات طويلة على جدار البيت. لم تكن الأطراف الصناعية المتواضعة التي وفّرها الأطباء تساعدها، لكن تشجيع والدها وصديقه المدرّب حسام البياتي أعادا إليها الثقة.

نجلة عماد المصدر الاتحاد الدولي لتنس الطاولة
نجلة عماد: وجدت نفسي في الرياضة بعد معاناتي من الآثار النفسية للانفجار (الاتحاد الدولي لتنس الطاولة)

ملاذ نفسي

وبعد معاناة من الآثار النفسية للانفجار، وجدت نجلة عزاءها في الرياضة. وتقول "أحب لعب تنس الطاولة. كلما شعرت بالضيق أو مررت بوقت صعب، أسرع إلى الطابق العلوي لألعب مع والدي وأخواتي وإخوتي، فهذا يساعدني على التخلص من الطاقة السلبية والإحباط".

وبعد 6 أشهر من التدريب الشاق على كرسي وبذراع واحدة فقط، دخلت نجلة أول بطولة محلية في بغداد. لم يكن أحد يتوقع فوزها، لكنها قلبت التوقعات وحققت أول إنجاز لها. ومن هناك، انفتحت أمامها أبواب عالم جديد.

إعلان

وبعد عام واحد، وهي في الثانية عشرة، انضمت إلى المنتخب البارالمبي العراقي. ومنذ ذلك الحين، صار التدريب جزءا أساسيا من حياتها.

تقول نجلة للجزيرة نت إنها كانت تتدرب يوميا ساعتين أو ثلاثا على طاولة وضعتها عائلتها في غرفة بمنزلهم في بعقوبة بمحافظة ديالى، وكانت وما زالت تذهب يوميا إلى العاصمة بغداد جيئة وذهابا لكي تتدرب مع رياضيين من أصحاب الاحتياجات الخاصة في مركز المنتخب البارالمبي.

وتضيف أن الذهاب إلى بغداد يوميا يسبب لها الكثير من التعب والإرهاق، لكنها تشدد على أن الرياضة نقطة تحول في حياتها، ومنحتها ثقة أكبر بنفسها.

رحلتها مع حصد البطولات لم تتأخر كثيرا، ففي بارالمبياد طوكيو 2021، مثلت العراق للمرة الأولى. ثم جاءت محطة الصين عام 2022، حيث انتزعت ذهبية الألعاب الآسيوية البارالمبية. وفي العام نفسه، شاركت في بطولة آسيا بالبحرين، وحصلت على المركز الأول لفئة الشباب والثاني لفئة المتقدمين، ثم أحرزت ألقابا دولية في مصر والأردن.

نجلة عماد المصدر الاتحاد الدولي لتنس الطاولة
ذهبية باريس أبرز إنجاز للعراقية نجلة عماد في مسيرتها الرياضية (الاتحاد الدولي لتنس الطاولة)

الإنجاز العالمي

لكن الإنجاز الأكبر كان دورة الألعاب البارالمبية في باريس 2024، حين صنعت مجدا شخصيا وتاريخا جديدا للعراق، نجلة التي حلمت طويلا بميدالية ذهبية، وقفت على منصة التتويج بعد أن منحت بلدها أول ذهبية بارالمبية في تاريخه، بفوزها المثير على منافستها الأوكرانية ماريانا ليتوفشينكو بـ3 أشواط لواحد، وبهذا الفوز، تصدرت التصنيف العالمي للاتحاد الدولي لتنس الطاولة (ITTF) في فئة السيدات.

وعن هذا الإنجاز، تقول نجلة للجزيرة نت إنها مرت بأصعب اللحظات في تلك البطولة، لأنها واجهت المنافسة الفرنسية كايلود مورغان على أرضها وبين جمهورها في التصفيات الأولية، وكان عليها أن تفوز عليها لكي تتأهل إلى المربع الذهبي، مشيرة إلى أنها تمكنت من هزيمة منافستها الفرنسية بنتيجة 3 أشواط مقابل لا شيء.

وتشير إلى أنها واصلت مشوارها الناجح في البطولة، وتمكنت من التأهل للنهائي بعد فوزها على اللاعبة الروسية ماليك ألييفا بـ3 أشواط مقابل شوط واحد.

نجلة عماد (الاتحاد الدولي لتنس الطاولة)
نجلة: أسعى لتطوير مستواي باستمرار والحفاظ على إنجازاتي (الاتحاد الدولي لتنس الطاولة)

وأضافت نجلة أنها حظيت باستقبال رسمي وشعبي كبير بعد عودتها من باريس، وتم تكريمها من وزير التعليم العراقي بمنحها مقعدا دراسيا في كلية التربية الرياضية.

لم تتوقف مسيرة الإلهام عند هذا الحد، ففي سبتمبر/أيلول 2025، خطفت نجلة عماد الأضواء في منافسات بطولة الأندية العربية لكرة تنس الطاولة التي استضافتها سلطنة عُمان، بعدما منحتها إدارة البطولة شرف إلقاء كلمة الافتتاح، تكريمًا لمسيرتها المُلهمة ورسالتها الإنسانية العميقة.

اليوم، وبينما تواصل تدريباتها اليومية، لا تخفي نجلة أن الطريق ما زال طويلا أمامها، وتؤكد للجزيرة نت أنها تسعى لتطوير مستواها باستمرار والحفاظ على إنجازاتها وتحقيق بطولات جديدة.

أما رسالتها للفتيات والنساء في العالم العربي، فهي: "واصلن التحدي وراء أحلامكن مهما كانت الصعوبات، وضعن أمام أعينكن أن رضا الله والعائلة هو سر التوفيق والنجاح".

إعلان

0 تعليق