الترويكا مصطلح سياسي يستخدم لوصف اجتماع ثلاث دول أو أحزاب أو كيانات أو شخصيات سياسية نافذة على رأي سياسي موحد تجاه قضية ما. واكتسب المصطلح دلالة سياسية في الاتحاد السوفياتي في منتصف ثلاثينيات القرن العشرين، ولاحقا استخدمته معظم دول العالم لوصف لجان أو كيانات ثلاثية تتولى مسؤولية مشتركة حول قضايا متفق عليها بينها.
أصل التسمية
تعود جذور مصطلح الترويكا إلى الثقافة الروسية، ففي القرن السابع عشر كان الروس يستخدمونه لوصف عربة تجرها ثلاثة خيول لتوصيل البريد السريع.
ومع التطور السريع واختراع السيارات، بدأت تختفي الترويكا من شوارع روسيا، لكن استخدام المصطلح شاع في المجال السياسي والدبلوماسي والاقتصادي للإشارة إلى مجموعة مكونة من ثلاثة أشخاص، أو كيانات تعمل معا لتحقيق هدف مشترك أو تنسيق سياسات معينة.
لجان دولية
بدأ مصطلح الترويكا يستخدم في السياق السياسي بمنتصف ثلاثينيات القرن العشرين، وذلك في الاتحاد السوفياتي لوصف عمليات القمع السياسي التي كان يتعرض لها الروس من نظام جوزيف ستالين، ولاحقا أخذ في الانتشار عبر العالم.
وفيما يلي أبرز الدول واللجان التي سميت بالترويكا في العالم:
الترويكا في روسيا
في عام 1937 استخدم الروس مصطلح "الترويكا القمعية" للإشارة إلى ذروة حملات القمع السياسي واسعة النطاق، التي كانوا تعرضوا لها من الشرطة السرية في عهد ستالين، إذ كان المسؤولون عن هذه الحملات ثلاثة أشخاص، هم: رئيس قسم جهاز الأمن السوفياتي، وأمين اللجنة الحزبية الإقليمية، والمدعي العام.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 1964، تشكلت ترويكا ثلاثية مؤقتة لتقاسم السلطة في الاتحاد السوفياتي بعد عزل نيكيتا خروتشوف عن الرئاسة، وضمت الترويكا كلا من ليونيد بريجنيف وأليكسي كوسيجين ونيكولاي بودغورني، وانتهت مع تولي بريجنيف رئاسة الاتحاد بشكل رسمي.
كما شاع المصطلح إبان الثورة السورية عام 2011، ليطلق على تحالف نظام بشار الأسد مع روسيا وإيران لقمع الثورة.

الترويكا في أوروبا
استخدم الاتحاد الأوروبي مصطلح الترويكا لوصف العديد من اللجان الثلاثية التي تشكلت تجاه العديد من القضايا، ومن أبرزها:
الترويكا الاقتصادية الأوروبيةفي مايو/أيار 2010 أطلقت أوروبا مصطلح الترويكا على مجموعة القرار الموحدة المكونة من المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، والتي تشكلت على خلفية أزمة الديون الأوروبية (2010 – 2018) على خلفية الأزمة المالية العالمية عام 2008.
إعلان
وقدمت هذه المجموعة تدابير تقشف فرضتها على اليونان وإيرلندا والبرتغال وغيرها من البلدان التي ضربتها الأزمة، ووضعت شروطا قاسية مقابل الحصول على حزمة قروض مثل خفض الإنفاق الحكومي وزيادة الضرائب وتنفيذ إصلاحات هيكلية وخصخصة الأصول الحكومية.
وأثارت هذه السياسات جدلا كبيرا في دول الاتحاد الأوروبي، وانتقدها خبراء اقتصاديون، وقالوا إنها أدت إلى أطول ركود اقتصادي بمنطقة اليورو منذ إنشاء عملتها الموحدة عام 1999.
وعلى خلفية ذلك أنشئت لجنة تحقيق خاصة خلصت إلى عدم تكافؤ توزيع أعضاء الترويكا، فضلا عن الانقسامات السياسية والاجتماعية التي أحدثتها، وفشل أعضاؤها في الاتفاق على مخاطر التأثيرات المالية غير المباشرة على دول منطقة اليورو.
الترويكا الأوروبية لملف إيران النوويفي عام 2003، بدأت فرنسا وبريطانيا وألمانيا مفاوضات مع إيران بشأن برنامجها النووي، وأطلق على هذا الثلاثي الترويكا الأوروبية، التي حافظت على نوع من التمايز عن الموقف الأميركي المدفوع بهواجس إسرائيل بشأن البرنامج النووي الإيراني.
وفي عام 2015 مثلت الترويكا الأوروبية جزاء أساسيا من الاتفاق مع إيران حول برنامجها النووي، وعدته نجاحا كبيرا وخطوة حاسمة نحو منع انتشار السلاح النووي، مع الحفاظ على العلاقات الاقتصادية والسياسية مع إيران.
وفي عام 2018 انسحبت الولايات المتحدة الأميركية من الاتفاق، وبذلت الترويكا الأوروبية جهودا لإعادتها إليه، ما سمح لإيران بتسريع وتيرة تخصيب اليورانيوم، والحد من وصول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى محطات التخصيب.
وفي ظل العقوبات الأميركية الشديدة، أنشأت الترويكا الأوروبية آلية اتصال "الإنستكس" للتبادل المالي مع إيران، لكنها فشلت بسبب التحالف الاقتصادي لأوروبا مع الولايات المتحدة.
ورغم هذه المحاولات، أوقفت إيران التزامها منذ 1 يوليو/تموز 2019، ومنذ ذلك الحين، سادت الاتهامات المتبادلة بين طهران والترويكا الأوروبية بشأن خرق الاتفاق، وعززها نشوب الحرب الروسية الأوكرانية.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2024، ويناير/كانون الثاني 2025 وفبراير/شباط من العام نفسه، عقدت جلسات مشاورات بين طهران والترويكا الأوروبية حول البرنامج النووي، لكنها لم تنجح في الوصول إلى أي نتيجة.
وفي أبريل/نيسان 2025، وجدت الترويكا الأوروبية نفسها على الهامش، بعدما أعلن ترامب انطلاق مفاوضات مع إيران حول برنامجها النووي لمنعها من امتلاك سلاح نووي يهدد أميركا وحلفاءها في الشرق الأوسط وخصوصا إسرائيل.
وفي 9 يونيو/حزيران 2025 كشفت دراسة للمركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب عن ممارسة دول الترويكا الأوروبية ضغوطا على وكالة الطاقة الذرية لإعداد تقرير شامل عن الأنشطة النووية الإيرانية، وذلك ليتسنى للدول الأوروبية إعادة عقوبات الأمم المتحدة التي كانت مفروضة على طهران قبل اتفاق 2015.
وفي 16 مايو/ أيار 2025، عقد الطرفان جولة من المحادثات النووية، في القنصلية العامة الإيرانية بمدينة إسطنبول التركية.
وفي 28 أغسطس/آب من العام ذاته، فعلت دول الترويكا الأوروبية -في خطاب أرسلته إلى مجلس الأمن الدولي– عملية تستمر 30 يوما لإعادة فرض العقوبات الأممية على إيران، سميت "آلية الزناد".
إعلان
ترويكا رئاسة الاتحاد الأوروبيأسس الاتحاد الأوروبي في مطلع عام 2007 نظام رئاسة ثلاثيا لتسيير شؤونه، أطلق عليه إعلاميا "ترويكا رئاسة الاتحاد الأوروبي".
وعلل الاتحاد القرار بهدف تمكين الدول المنضمة حديثا إليه من ترؤسه دون الانتظار فترة طويلة، وتناوبت الدول الثلاث على الرئاسة مدة 18 شهرا لكل واحدة منها.
ترويكا الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجيةكانت تتألف من وزراء خارجية الدولة التي ترأس الاتحاد آنذاك، والرئاسة التي قبلها، والرئاسة التي بعدها.
وشكلت هذه الترويكا بهدف ضمان استمرارية وتناسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، وعملت في قضايا مختلفة تتعلق بالدبلوماسية والأمن المشترك.
بدأ دورها في الأفول بعد توقيع معاهدة لشبونة عام 2009، التي شكل بموجبها منصب الممثل السامي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد.
ترويكا السودان
تعد "ترويكا السودان" من أبرز الكيانات الدولية التي تولت دورا في الوساطة والحلول السياسية، إذ تشكلت من المملكة المتحدة والنرويج والولايات المتحدة، واتخذت العديد من المواقف بشأن التطورات المتتالية في الخرطوم لا سيما بعد سقوط نظام الرئيس السابق عمر حسن البشير.
وفي 8 يونيو/حزيران 2021 وقعت هذه الدول على اتفاقية جوبا للسلام بصفتها شهودا وضامنين.
وبحسب الاتفاق الموقع بين الحكومة السودانية وممثلين عن حركات مسلحة منضوية داخل تحالف "الجبهة الثورية" في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2020، تعمل هذه الدول مع شركاء آخرين مثل كندا وسويسرا والاتحاد الأوروبي، لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان، ومعارضة الإجراءات العسكرية، والدعوة إلى احترام حقوق الإنسان والإفراج عن المعتقلين السياسيين.
ترويكا تونس
تشكلت في تونس بعد سقوط نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، وتكونت من ثلاثة أحزاب حازت على الأغلبية في المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان).
وأعلن عن تأسيسها في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، من أحزاب النهضة والمؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات.
وبحسب الاتفاق تولى مصطفى بن جعفر عن التكتل رئاسة للبرلمان، والمنصف المرزوقي عن حزب المؤتمر رئاسة الجمهورية، وحمادي الجبالي عن حركة النهضة رئاسة الحكومة.
وفي 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، انتهت الترويكا بعد قدوم حكومة مهدي جمعة بموجب الحوار الوطني.
ترويكا لبنان
شاع مطلح الترويكا في لبنان بعد توقيع اتفاق الطائف عام 1990، وتحديدا في فترة حكم رئيس الجمهورية الراحل إلياس الهراوي ورئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، ورئيس البرلمان نبيه بري، إذ كان الثلاثة يسيرون شؤون الدولة بالتعاون والتنسيق في ما بينهم.
واستمرت الترويكا في حكم لبنان، حتى عام 1998 عندما انتخب إميل لحود رئيسا للجمهورية.
وفي عام 2000 أعيد إحياء الترويكا في لبنان، واستمرت حتى استقالة الحريري من منصب رئيس الوزراء عام 2004.
وفي عام 2025 عاد المصطلح إلى لبنان مرة ثالثة إذ اتهم حزب "القوات اللبنانية"، رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس البرلمان نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام بإعادة "بدعة الترويكا من خلال احتكارهم المفاوضات الحاصلة بملف حصرية السلاح مع الجانب الأميركي".

ترويكا أستانا
تشكلت في يناير/كانون الثاني 2017 في أستانا، عاصمة كازاخستان، بهدف إيجاد حل للأزمة السورية التي تسبب بها نظام الأسد، وضمت روسيا وإيران وتركيا.
ترويكا أفريقيا
تشير إلى جهود التنسيق والتعاون بين ثلاث دول أعضاء في الاتحاد الأفريقي لضمان استمرارية وفعالية قيادة الاتحاد وتنسيق المواقف السياسية بشأن القضايا الهامة، مثل حل النزاعات.
ترويكا جنوب أفريقيا
طرحت قمة دول وحكومات مجموعة التنمية لأفريقيا الجنوبية (سادك) التي عقدت في موزمبيق عام 1999 ترويكا للقمة تتكون من رئيس المجموعة المنتهية ولايته، والرئيس آنذاك، والرئيس الذي بعده.
إعلان
وهدفت هذه الترويكا لاتخاذ قرارات سريعة نيابة عن المجموعة، إضافة إلى سلطة تقديم التوجيه السياسي لمؤسسات المجموعة أثناء قممها الدورية.
كما يدار جهاز السياسة والدفاع والأمن في سادك أيضا على أساس ثلاثي وعلى المنوال نفسه، وهو مسؤول عن تعزيز السلام والأمن في دول المجموعة، ويمتلك صلاحية توجيه الدول الأعضاء بشأن المسائل التي تهدد السلام والأمن والاستقرار في المنطقة.
ترويكا تحالف دول الساحل
نشأ هذا التجمع في يوليو/تموز عام 2024، تحت اسم " تحالف دول الساحل "، وأنشأته المجالس العسكرية الحاكمة لدول مالي وبوركينا فاسو والنيجر، وهو امتداد لتحالف دفاع مشترك وقعته في سبتمبر/أيلول 2023، تزامنا مع عقوبات فرضتها عليها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس).
وانسحبت الدول الثلاث من إيكواس في أواخر يناير/كانون الثاني 2024، ولاحقا من المنظمة الدولية للفرنكوفونية.

ترويكا المناخ
ظهر مصطلح الترويكا في العمل المناخي، في فبراير/شباط 2024، عقب مؤتمر الأطراف المعني بتغير المناخ في دورته الثامنة والعشرين.
وتتألف من تحالف بين الرئاسات الحالية والسابقة والمقبلة للمؤتمر، بهدف دفع تنفيذ خطط العمل المناخي إلى الأمام.
ترويكا الاستبداد
استخدم هذا المصطلح مستشار الأمن القومي الأميركي السابق جون بولتون في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 2018، لوصف دول كوبا وفنزويلا ونيكاراغوا.
فقد وصف بولتون تحالف هذه الدول بأنه يمثل "مثلث الإرهاب" وقال عنها إنها "الثلاثي المهرج للاشتراكية"، والذي يسبب "معاناة إنسانية هائلة واضطرابا إقليميا كبيرا".
ترويكا دول العشرين
اعتمدت مجموعة العشرين للاقتصادات الكبرى مصطلح الترويكا في قمة "كان" التي عقدت في فرنسا عام 2011، واعتبرتها إطارا لتوجيه سياساتها.
وتتكون ترويكا المجموعة من رئاستها الحالية والسابقة والقادمة، ويتعاون الأعضاء الثلاثة في التحضير لقمم المجموعة.
0 تعليق